إلى الباجة جي " في نكبته"!..
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ءألا إنما تَبغي العُلى والمكارمُ | من الله أن يَبْقى لهنَّ " مُزاحمُ " |
فتى الدولةِ الغراءِ تَعْلَمُ أنَّهُ | عليها إذا نام الخليوّنَ قائم |
وذو الحكْمِ مرهوباً على المُلكِ ساهرٌ | وفيما يصونُ الحكْمَ والمُلْكَ حازم |
وذو الخُلُقِ الضّافي يَخالُ مرّفهاً | وفي الصدر أمواجُ الأسى تتلاطم |
يَبِيتُ على شوكِ القَتادَ وَينْطوي | على مَضَضِ حتى تُرَدَّ المظالم |
عليمٌ بآدابِ السياسةِ تَنْجلي | لِفِطْنَتِهَ أسرارُها والطلاسم |
ضمينٌ إذا ما الجوُّ غامَ بطاريءٍ | جليلٍ ؛ بأن تَنْزاحَ عنه الغمائم |
على وجهِهِ سِيماءُ أصيدَ أشوسٍ | وفيه من النفس الطَّموحِ علائم |
جَهيرٌ يرى الأقوامُ عندَ احتدامِهِ | إذا أغضبوهُ كيْفَ تدأى الضَراغم |
وفي العنفِ فَهوّ الأبْلَقُ الفرد مَنْعَةً | وفي اللِّينِ فهو المصحبُ المتفاهم |
لقد مارس الأيامَ ذو خبرةٍ بها | ذكيٌّ لحالاتِ الزمان ِ مُلائم |
وما هو إن خيرٌ تحداهُ طائشٌ | ولا هو إن خيرٌ تعدّاهُ نادم |
ومرتقبٌ للشرِ والشرُّ غائبٌ | و مسْتَحْقِرٌ للشرّ والشرُّ قادم |
على ثقةٍ أنَّ الحياةَ تَراوُحٌ | نسائمُها جوّالةٌ والسمائم |
وماشٍ إلى قلبِ الحقودِ بِحيلةٍ | يُداوي بها حتى تُسَلَّ السّخائم |
وقد عَلِمَ الأقوامُ أنَّ مُزاحماً | من الشعبِ مخدومٌ وللشّعبِ خادم |
ولما اعتلى دَسْتَ الوزارة وُطّدَتْ | بهمتِهِ آساسُها والدعائم |
عفيفُ يدٍ لا يَحْسَبُ الحُكمَ مَغْنّما | ولو شاء لم تَعْسُر عليه المغانم |
ترفعَّ عن طرْقِ الدنايا فمالَه | سوى المجدِ والقلبِ الجريءِ سلالم |
لقد سرّني أنَّ الزّمانَ الذي سطا | عليكَ بحربٍ عاد وَهْوَ مُسالم |
وأن ظروفاً ضايَقَتْكَ عوابساً | أتتك تُرَجِّي العفْوَ وَهْيَ بواسم |
وقد أيقَنَتْ إذ قاوَمَتْكَ كوارثٌ | بأنَّكَ لا تُسطاعُ حينَ تُقاوم |
وَجَدْتُك خشن المسّ تأبى انحلالةً | وتَنْحَلُّ في البلوى الجلودُ النواعم |
تلقيت يَقْظانَ الفؤادِ حوادثاً | يُرَوَّعُ منها في التَّخَيُّلِ حالم |
وقد كنتَ نادَمْتَ الكثيرَ فلم تَجد | على حينَ عَضَّتْ كُرْبةٌ مَنْ تُنادِم |
وقد كانتِ الزلفى إليكَ تَزاحُماً | فأصْبَحَ في الزُّلفْى عليكَ التزاحُمُ |
ولم تُلْفِ لما استيقظ الخطبُ واحداً | من َ المانحيكَ الوُدَّ والخَطْبُ نائم |
وأنت عَضَدْتَ الملك يَومَ بدا له | يُهدِّدُهُ قَرْنٌ من الشرّ ناجم |
تكفَّلْتَهُ مُسْتَعْصِماً بك لائذاً | وليس له إلاكَ واللهُ عاصم |
ولم أرَ أقوى منكَ جأشاً وقد عدَتْ | عليكَ العوادي جمةً تتراكم |
وأُفرِدتَ مِثْل السيفِ لا مِنْ مُساعِدٍ | سوى ثِقةٍ بالنفس أنَّكَ صارم |
ولمّا أبَىَ إلا التَّبلُّجَ ناصعٌ | من الحق لم تقدِرْ عليهِ النمائم |
ولم يجدِ الواشون للكيدِ مَطْمَعاً | لديكَ ولم يَخْدِشْ مساعيك واصم |
خرجْتَ خروجَ البدر غطَّتْ غمامةٌ | عليه وسرُّ المجدِ أنَّكَ سالم |
فللتُرْبِ أفواهٌ رمتْكَ بباطلٍ | ولا سَلِمَتْ أشداقُها والغلاصم |
وحُوشيِتَ عن أيّ اجترامٍ وإنّما | تُدَبَّرُ من خَلْفِ الستارِ الجرائم |
وصَقْرٍ تحامَتْهُ الصقورُ وراعها | من النظر الغضبانِ موتٌ مُداهم |
لقد أحكمت منه الخوافي خؤولةً | ومتت إلى الأعمام منه القوادم |
فتى " الحلةِ " الفَيْحاءِ شَدَّتْ عُروقَهُ | بناتُ الفراتِ المنجِباتُ الكرائم |
فجئن بأوفى من تُحلُّ له الحُبا | وأمتنَ مَنْ شُدَّتْ عليهِ الحيازم |
وطيد الحجى لم تستجدّ له الرُّقَى | صغيراً ولم تَعْلَقْ عليه التمائم |
وداهية أعلى العراقَ بمجلسٍ | تصافِحُهُ فيه دُهاةٌ أعاظم |
يمثل شعباً يستعدُّ لنهضةٍ | يُرَدُّ عليها مجدُهُ المتقادم |
وألطفُ ميزاتِ السياسيِّ أنّه | أديبٌ بأسرارِ البلاغةِ عالم |
يؤّيدهُ ذهْنٌ خصيبٌ ومنطقٌ | متينٌ كهُدابِ الدِمَقْسِ وناعم |
ورنانةٍ في المحْفِلِ الضَّخْمِ فذّةٍ | تَناقَلُها عن أصغريهِ التراجم |
بعيدة مرمى مستفيضٍ بيانُها | يجيْ بها عفواً فتَدْوي العواصم |
ومحتملٍ للحقِ مستأنسٍ به | يُرَجّيهِ مظلومٌ ويَخشَاهُ ظالم |
يَسُدُّ طريقَ الخَصْمِ حتى يردَّهُ | إلى واضحٍ منْ حُكمِهِ وَهْوَ راغم |
وقد أرضت المظلوم والظلمُ مُغْضَبٌ | مواقِفُهُ المستعلياتُ الحواسم |
وإنَّ بلاداً أنجبتْكَ سعيدةٌ | وشعباً تَسامَى عِزُّهُ بك غانم |