ضحايا الأنتداب
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سل الأخوين معتنقين غابا | لأيةِ غايةٍ طَويَا الشبابا |
وعن أي المبادئِ ضيَّعوهُ | دماً لم يألُهِ الناسُ اطِّلابا |
أللاؤطان وهي تَعِجُّ شكوى | كعهدهما وتصطخبُ اصطخابا |
ولو كَدَمَيهما سالت دماء | محرَّمة لما رأت انقلابا |
على الأخوين معتنقين صفا | كما صفَّفتَ أعواداً رِطابا |
عَتَبتُ وغاية في الظلم أني | أحمِّلُ فوق ما لقيا عتابا |
أدالَ الله من بيتٍ مُشادٍ | على بيتٍ يخلِّفهُ خرابا |
ولاَ هنأتَ بما لَقِيت أناسٌ | على قبريكما رَفَعوا القِبابا |
مشى نعش يجرُّ وراه نعشاً | سحابٌ مُقلع قَفّى سحابا |
وناحتْ خلفه أشباحُ حزنٍ | يُخفِّي نطقُها الالمَ اكتئابا |
بعين الله منتظرينَ أوباً | بما يُبكي الصخورَ الصمَّ آبا |
دم الاخوين في الكفنين يغلي | خطاب لو وَعىَ قومٌ خطابا |
سيعلمُ من يخال الجَوَّ صفواً | بانَّ الجْوَّ مملوء ضبابا |
ومن ظن المجالسَ عامراتٍ | بمدح أنها شُحِنَتْ سِبابا |
ويعرفُ من أراد صميمَ شعبي | رَميِّاً أيَّ شاكلةٍ أصابا |
ويُدرِكَ أينَ صفوُ الماء عنه | وريِّقُهُ إذا وَرَدَ اللصابا |
ولو عَرَفت بلادي ما أرادَت | بها النُواب لم ترد انتخابا |
فلا وأبيكَ ما ونَتَ الليالي | تُديف لموطني سُمّاً وصابا |
حَدَدْنَ لقلبه ظُفراً فلما | وَجَدْنَ بقيةً أَنشبْنَ نابا |
فيالكَ موطناً واليأسُ يمشي | فلو رام الرَجا حُلُماً لخَابا |
أرادَ الرأسَ لم يحصلْ عليه | مكابرةً ولا لزمَ الذُنابي |
لمن وإلى مَ مِن ألمٍ يُنادي | كَفاَه مذَّلةً أن لا يجابا |
وهل طرَقتْ يمينُ الحق بابا | ولم تسدد شِمال الظلمِ بابا |
فواأسفاً لمطّلبٍ طلابا | يخال الموتَ اقربَ منه قابا |
وقد اتخذوا لحومَ بنيهِ زاداً | وقد لبِسوا جلوَدهُمُ ثيابا |
رضُوا من صُبحِهم فجراً كِذاباً | ومن أنوار شمسهِمُ اللعابا |
وقرَّت للأذى منهم صُدورٌ | فسَمَّوهُنَ افئدةً رِحابا |
ووقر من أتاحَ العابَ فيهم | وقالوا إنهم يأبَون عابا |
لقد طاف الخيالُ عليَّ طيفاً | رأيتُ به الحمامةَ والغُرابا |
فكان العدلُ ممتلئاً سَقاماً | وكان الظلمُ ممتلئاً شبابا |
فيا وطني من النكبات فَأمَنْ | فقد وَفََّّتكَ حظَّك والنصابا |
وان خَشُنَتْ عليك مكاشفاتٌ | فحسبُك أن تُجامَلَ أو تحابَى |
وان طُوِيت على دَغَلٍ قلوبٌ | فقد أُعطِيتَ ألسنةً رطابا |