عدِّ عنك الكؤوس
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عَدِّ عنك الكؤوسَ قد طِبتُ نَفسا | واسقينيها مراشفاً لك لُعْسا |
ان يُحسَّ الغرامَ قلبي فحقٌّ | خلق اللهُ عَبده لُيحِسّا |
لست انسى عيشي ، وخيرُ زَمانٍ | زَمَنٌ طِيبُ عيشهِ ليسَ يُنسَى |
حبذا دجلةٌ وعيشيَ رَهْوٌ | طيب الرَوحتين مغدىً وُممسْى |
حينَ ايامُنا من الدهر يومٌ | فيه تُستَفرغ الكؤوس وتُحسى |
يَحسَب الشَربُ أنهم علموا الغيب | وهم يخطئون ظَنّاً وَحدْسا |
طاف وهناً بها علينا إلى أن | لم يكد أن يعي من القوم حِسا |
عيَّ منا اللسانُ فالكل خُرْسٌ | ينقُلون الحديثَ رَمزاً وهَمسْا |
رمتُ كأساً ومذ تلجلجتُ اوميت | بكفي فظنّني رُمتُ خَمسا |
فأتاني بها فلمْ اعترضها | حذراً أن يكونَ مثليَ جبسا |
إن ردَّ الكريم عارٌ على النَفس | وحاشاي انني صُنتُ نَفسْا |
أُفرغَت كالنُضار بل هي أبهى | فعليها لم يوجب الشرعُ خُمسا |
ولها في العُروقِ نبضٌ خفيٌ | مثلما يُمسك الطبيبُ المِجَسا |
وكأن النديمَ لما جلاها | افقٌ يُطلِعُ المَسرَّةَ شمسا |
يا نديمي أمري اليكَ فزدْني | او فدَعني فلستُ أنطقُ نَبسا |
لا تقطِّبْ اني ارى الانس جِناً | وتبسَّمْ لأحسَبَ الجنَّ إنسا |
ما ترى الفجرَ والدجى في امتزاج | مثل خيطَي ثوب خِلاطاً وَمسَّا |
كم أرادَ الصبحُ المُتاحُ انطلاقاً | وأرادت له دَياجيه حَبْسا |
ما شربنا الكؤوس الا لانّا | قد رأينا فيها لخديكَ عَكْسا |
انتَ تدري حرمانَ ذي العقل في الناسِ | فزدني منها جُنوناً ومَسا |
لا تُمِلها عني وفيَّ حَراكٌ | واسقنِها حتى ترانيَ يَبسا |
إن عُمْراً مستلطَفاً باعه المرء | بغير الكؤوس قد بيعَ بَخْسا |
أنا حِلس الطِلا ولست كشيخ | خلسَ الدينَ وهو يُحسَب حِلسا |
لو يبيع الخَمّار دَيناً بدينِ | لاشتراها وباع أخراه وكسْا |
ان أحلى مما يسبح هذا الحبرُ | قرْعُ النديم بالكأس جَرْسا |
لا تلُم في الطِلا ولا في انتهاكي | ما أبى الله .. اذ نهى ان تُحسّا |
ان نيل الحرام أشهى من الحِلِّ | وأحلى نيلاً واعذبُ كأسا |
قد طويتُ الحديثَ خوفَ رقيب | يبتغى فيه مطعناً ليَدُسّا |
وهجرنا الكؤوسَ لكن لعُرسٍ | هو اصفى كأساً واطيبُ أُنسا |
وانتقلنا لكن لبُرج سُعود | قَرنَ الله فيه بدرْاً وشَمسا |
هي جَلَّت عُرساً فزيدت بهاءً | دارةُ المجدِ إنهُ جلَّ عُرسا |
طاب مُمسى سروره فليبكِّرْ | أبدَ الدهر مُصبِحاً حيث أمسى |
لك عمٌّ احيا مزايا ذويه | وأرانا الجدودَ تنفُضُ رمْسا |
لا تلمه ان هزَّ للشعر عِطفاً | إنّ فيه من دوحة المجدِ رِسّا |
هو اصفَى من اللُجينِ وأوفى | في المعالي من الهضاب وأرسَى |
وهو إن ينتسِبْ فمن أهل بيت | اذهبَ الله عنه عاراً ورِجسا |
بيت مجدٍ كالبحر طامٍ ولكن | أنت فيه أبا الضيائينِ مَرْسى |
يا بنَ بنتٍ البيت الذي كان نَجماً | لكَ سعداً وفي أعاديك نَحسا |
لستُ انسى مدحَ الجواد ومن كان | من المدح فرضُه كيف يُنسى |
مستفيضُ الندى وكم من يَمينٍ | صخرةٌ زلقَة الجوانب مَلسا |
حَيَّرت مادحيكَ رقهُ طبعٍ | تَحلِفُ الخمرُ أنها منه أقسى |
قد بلونا سجليكَ قبضاً وبسطا | وخَبَرنا دَهرَيك نُعمى وبُؤسى |
فوجدناكَ في الجميع رضيّاً | وحميداً مصَّبحاً ومُمَسَّى |
وهززنا في الأريحية غُصناً | ورأينا في الدست رضوى وقُدْسا |
وكأن اللغات بتن يفرقن | كما تشتهيه نِعمَ وبئسا |
فكسونَ الصديقَ شهماً ونَدْبا | واعدن العَدُوَّ نذلاً ونِكسا |
وارتديتَ العلى لباساً وتاجاً | وسواك ارتدى الحريرَ الدِمَقسا |
لك كفٌ كالركن فينا فأقصى | منيةِ النَفس عندنا ان تُمَسّا |
وبليدٍ لا يكتفي من سَنا النار | بومضٍ حتى يجرِّبَ لمسا |
قال هل القنَّه قلتُ : تَعْيَا | قال : حتى غباره قلتُ : نَحسْا |
رُوضِّت كُّفه فلولا رجامُ | الناس اقرى بها الطيور وعسا |
رِدْ نداه وبطشَه وتُقساه | واتركُنْ حاتِماً وعمراً وقُسّا |
وذكرنا في اليوم عُرسَ علىٍّ | فكأنَّ السرورَ قد كان أمسى |
حيث مُدّاحه تجول وثوب النحس | يُنضى ومِطرفَ السعد يُكسي |
طاب غَرْساً مُصدّقاً لا كمن يُحسَبُ | نُكراً ان قيل قد طاب غَرْسا |
هو قاسٍ ان اغضَبُوه ولكن | لو يَهُزّ الصَفَا نَداهُ لحَسّا |
لو تكون النجوم بُرداً وتاجاً | لكسيناكَهُنّ عِطفاً ورأسا |
ان علوتم فحقكم اولستم | قد رَفَعتم لكعبةِ الله أسُّا |
هزني مدحُكم فقلتُ ولا يصلُح | عودُ الغناء حتى يُجَسّا |
ايها المقتفُونَ شأْوي هَلمّوا | وخذوا عَنيَ البلاغةَ دَرسْا |
انا آليت ان أُعيد رسوماً | منه أضحت بعد ابن حبوبَ دُرسا |
انا لا أدَّعي النبوةَ الاّ | أنني أرجعُ المقاويلَ خُرسْا |
انا في الشعر فارسٌ إن أغالَب | يكنِ الطبعُ لي مِجَنّاً وتُرسا |
كل ُّ محبوكةٍ فلا تُبصرُ المعنى | مُعّمىً ولا ترى اللفظ لَبْسا |
واذا ما ارتمت عليَّ القوافي | نلتُ مختارَها وعِفتُ الأخسا |
ان اكن اصغرَ المجيدين سِناً | فانا أكبرُ المجيدين نَفْسا |
طبقّت شهرتي البلادَ وما | جاوز عمري عشراً وسبعاً وخمساً |