صفحة من الحياة الشعبية أو بيت يتهدم
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
سألَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً | أبتغي فَرحةً فما تَتَسَنَّى |
كلُّ صَحْبي يشكون شكوايَ لكنْ | ربّما يضحكونِ خُسْراً وغَبنْا |
لو لـ" جوتٍ " تبد وتعاسةُ هذا الشعبِ | يوماً لكانَ أجملَ فنّا |
لتناسَى " الآمَ فَرترّ " طرّاً | رُبَّ حزنٍ يُنسِي أخا البؤسِ حزنا |
من شبابِ العراق تعلو الكآباتُ | وُجوهاً تفيضُ طُهراً وُحسْْنا |
لو تَراها عجبتَ ان لا يَهُزَّ الشرخُ | قلباً او يُضحِكَ الزهوُ سِنا |
أعلى هذه النُّفوسِ – من اليأس | استماتت – مستقبلُ الشعب يُبنى |
يَتَغَذَّى دمَ القُلوب شبابٌ | لا يُريدُ الحياةَ ذُلاًّ ووَهْنا |
خُدْعةٌ هذه المظاهرُ ما في القوم | فردٌ يعيشُ عَيشاً مُهَنْا |
الثياب الفَرْهاء رفَّتْ عليهم | كضمادٍ غطَّ جِراحاً وطَعْنا |
والاحاديثُ كلُّها تشتكي " البؤسَ " | وفصلُ الخطاب أنّا " يَئِسْنا " |
إيهِ أُمّاهُ ما أرابَ شقيقَ النفسِ | منّا حتى تَبعَّدَ عنّا |
منذ يومينِ ليسَ يَعرِف عمّا | نحنُ فيه شيئاً ولا كيفَ بِتْنا |
جائيا ذاهبا يقسِّم في الأوجه | لحظَيهِ من هُناكَ وهَنْا |
إيه أُمّاهُ إن نفسي أحسَّت | ما يُُقذِّي عينا ويُوقِرُ أُذْنا |
فانبرت دمعةٌ تُترجم عما | في ضمير الأُمِّ الحنونِ استَكَنّا |
اِسمَعي يا عزيزّتي أنَا أوفى | منكِ خُبْراً إذْ كنتُ أكبر سِنا |
ولدي مُذْ عَرَفتُه يملأ البيتَ | بتفكيرِهِ ارتهاباً وحُزناً |
ولدي طامحٌ تُعنَيه آمالٌ كِثارٌ | إن الطَّموحَ مُعَنَّى |
يَتَمنَّى كلَّ السُرور ولا يسطيعُ | نيلاً لبعض ما يَتَمنّى |
لو بكفِّي مَنْعتُ جُلَّ القوانينِ | على الحقِ نِقْمةً أن تُسَنَّا |
لا نظامٌ حرُّ فيرْعى الكفاءاتِ | ولا مَن يُقيمُ للحر وزْنا |
عُكِسَتْ آيةُ الفضائلِ فالأعلى | مَقاماً من كانَ في النفس أدْنى |
ساكنُ القصر لو إلى ذِمة ِ الحقِ | احتكمنا لكانَ يسكُنُ سِجنا |
ولكانَ الحريَّ أن تتحاشاهُ البرايا | لا أن يُبَرَّ ويُدْنى |
إنَّ ما يجتنيه من مُنكَرات العيشِ | من شَقْوةٍ البريئينَ يُجْنَى |
وقناني الخمرِ التي عَصَرُها | من دُموعي ومن دُموعِكِ تُقْنَى |
ولدي اختَشي عليه من الموتِ | انتحاراً وختشِي انْ يُجَنّا |
أسمعتيه بالأمس ِ اذ يَتحدَّى الناسَ | إني عَرَفتُ مَرْمَاهُ ضِمنا |
هوَ يشكوُ من النَّذالةِ خَصْماً | وهو يشكو من الخيانةِ خِدنْا |
ولدي لم يكنْ ليحملَ – لولا | ان يُلِحُّوا به – على الناسِ ضِغْنا |
ما لزَوجي إذا ذَكَرتُ له الأنسَ | وما أرتجي من العيشِ أنا |
انَّّةٌ سرُّها عميقٌ وفيها | ألف معنَّى من القُنوط ومعنى |
كاسراً جفنَه يخالِسُني اللحظَ | لأمرٍ في النفسِ يكسِرُ جَفْنا |
اتُرى من اشفاقةٍ هذه النظرةُ | أم ساءَ بي ، وحاشايَ ، ظنّا |
خَلَتِ الغُرفةُ الصغيرةُ من توقيعِ | زوجي فلستُ اسْمعُ لَحنا |
أنا واللهِ كنتُ أستشعرُ | معنَى الحياةِ إذْ يَتَغَنى |
في سوادِ الدُجى وعاصفةِ الأقدارِ | هبَّت تَجتَثُّ بالعُنفِ غُصنا |
من على دجلةٍ تِكَشَّفُ للضيف | عزيزاً على الطبيعة – حِضنا |
شَبَحٌ لاح من بعيدٍ يَحُثُّ | الخطوَ طوراً وتارة يتأنَّى |
يا لَه موقفاً يمثِّلُ مذهولاً | يُعانِي حالَين خَوفاً وأمْنا |
زوجتي سوفَ تستفيقُ من النومَ | صَباحاً فما تَرانيَ وَهْنا |
سوف تجتاحُها الظُنونُ ولهفي | اذ تُنبَّي عن صدق ما تَتَظَنّى |
زوجتي ما اقترفتُ إثماً ولكنْ | كيفما شاءتِ النواميسُ كُنّا |
زوجتي أوسِعي النزاهةَ ما اسطعتِ | سِباباً وأوسعى الحقَ لَعْنا |
أُقتلي بنْتَكِ الصغيرةَ لُبنى | لا تكابدْ ما كابدت أمُّ لبنى |
وعجوزٌ هنا لِكُمْ حسبُها من رحمةِ | الدهرِ أنْ ستفقِد إبْنا |
لو تخيرتُ لي الهاً لما ألَّهْتُ | إلاّ من هيكل الأم بطنا |
و"ربابٌ " شقيقتي بعد موتي | أبداً بالحياة لا تَتَهنّا |
وسأقِضي فيوسع الناسُ تاريخي | بعد المماتِ سّباً وطَعنا |
يا لها من نذالةٍ في أحاديثَ | تُسمِّي شجاعةَ الموتِ جُنبا |
اشهَدي دجلةٌ بأني – كما كنتُ - | قوياً جسماً وعزماً وذِهنا |
شاعرٌ بالوجود أُغمِضُ عما | فيه من هذه المناظِرِ جَفنا |
كلُّ هذا وسوف أنتحرُ اليوم | لأنيّ أرى المعيشةَ غَبنا! |
احملي " دجلةٌ " سلامي الى الأهل | وقولي : قد استراحَ المعنّى |
حَمَلوا – بعد أربعٍ – جُثةً لم | تتميز منها النواظرُ رُكنا |
وانحنَتْ فوقها الأمومةُ خرساءَ | تُزجّى يُسرى وتَرفع يُمنَى |
لم تُطِق أنةٍ فماتت – وقد يدفع - | موتاً عن ثاكلٍ أن تئنّا |
واستخفَّ الشقيقةَ " الصْرعُ " فهي اليومَ | نِضوٌ يعالج الموتَ مُضنَى |
وحديثُ الأخرى اتركوهُ فقد | يُغنيكُمُ عن صراحةٍ أن يُكَنّى |