في ذكرى الخالصي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَلْمُ الزمانِ ، وإن حرصتً ، قَليلُ | لا بدّ أنْ سيغول شملَك غولُ |
بالرغم مما رجفت أوهامُنا | ياتي المخوف ويُمنع المأمول |
كم ذا يسرُّك أن تفوتَك ساعةٌ | طالت أأنت إلى الممات عجول |
حقاً أقولُ ، وما الحِمامُ بتاركي، | إني على كُرْه الرَّدَى مجبول |
يكفي العقولَ جهالةً تعريفُها | للموت أنَّ سبيلَه مجهول |
الليلُ مغبرُّ النجومِ حزينُها | والصبحُ في حبلِ الدُّجى موصول |
والشمسُ كاسفةُ الجْببين مُُشيحةٌ | والبدرُ حيرانُ السُّرى مذهول |
حزناً ليومَ أبي محمدَ إنّهُ | يومٌ على يومِ الحسابِ يطول |
الله يَجْزيكَ الجميلَ فكلُّ ما | خلّفتَه في المسلمينَ جميل |
المُعوِلاتُ عليك غُرُّ مكارمٍ | قامت عليها رنّةٌ وعويل |
وطَنْتَ نفسَك للصِعاب فذُللت | إنّ الصعابَ يروضُها التذليل |
وبذرتَ للأوطانِ أشرفَ بذرةٍ | ستطول أفراعٌ لها وأصول |
أعمالُك الغُرُّ الحسانُ خوالدٌ | والمرءُ عن أعماله مسؤول |
كن آمنا أن لا تضيع مَتاعبٌ | سيُقيمُها التِمثالُ والتَّمثيل |
مهّدْتَ للنَشءِ الجديدِ سبيلَه | فليشكرنَّك بعد جيلِكَ جيل |
وملكتَ لم تَقُدِ الرعيلَ وإنما | يُغنيك رأيُك أنْ يُقادَ رعيل |
حَمَلَتْ لنا الأسلاكُ نعيَك موجزَاً | حتى كأنْ لم يوحَشِ التنزيل |
أو أنَّ دينَ محمدٍ لم ينصدعْ | حتى بكى قرآنَه الانجيل |
أعيت بما حملت فجاءت عَيَّةٌ | لا تستبينُ النطقَ حين تقول |
منهوكة لم يبق فيها من ذماً | نبأٌ على سَمْعِ الزمانِ ثقيل |
الله ما هذا الجلال، حياتُهُ | ترنيمةٌ ومماتُه تبجيل |
هل مدَ روحُ اللهِ عيسى روحَه | ام كان يَنْفُثُها به جبريل |
قم وانعَ للبيتِ الحرامِ شعارَهُ | وقلِ انطوى التكبيرُ والتهليل |
وتعطلتْ سُبُلُ المحامدِ والتقى | والمكرماتِ فما هناك سبيل |
قد قلتُ فيك وقلتُ ثانيَ مَرَّةٍ | ولسوف أرجِع كرّتي فأقول |
أما العراق ، وقد قضيتَ ، فكفُّهُ | مشلولةٌ وحسامُهُ مفلول |
إنْ ينتفضْ فَبِقوةٍ مستغلبٌ | أو ينتهضْ فَبِذِلَّةٍ مغلول |
الله ، والأوطان تعرِفُ نيّتي | وعليَّ فيما أدعيهِ ، وكيل |
إني إذا شَغَل الغرامُ متَبَّلاً | فانا الذي ببلادِه مشغول |
وطنٌ جميلٌ ، وجهُهُ بغدادُه ُ | ورُضابَهَ من دجلةٍ معسول |
كيف السُّلُوُّ وليس تبرحُ بُكْرَةٌ | فيه تَهِيجُ صبابتي وأصيل |
إني لأشتاقُ الفراتَ وأهلَهُ | ويَروقُني ظِلُّ عليه ظليل |
وأُحبُّ شاطئَهُ وروعةَ سَفْحِهِ | تحنو على الأمواجِ فيه نخيل |
أشفى على جُرف المهالك موطنٌ | بيديهِ لا يدِ غيره مقتول |
آلامُه صدعُ الشقاق بأهله | وبلاؤهُ الأوهامُ والتضليل |
في كل يوم ضجة ملعونة | أنْ يحدثَ التغييرُ والتبديل |
يا شرقُ يا مهدَ السَّلامِ ألمْ يَئن | أنْ يستطيرَ إلى السلام رسول |
إن يُسْرِجِ المستعمرون خيولَهم | فلهم تِراتٌ جمّةٌ وذُحول |
أو تنس "عمور " وما دفعوا بها | لم تُنس " قرطبةٌ" ولا " إشبيل " |
مَخَرَتْ بأشباهِ البُحور سفائنٌ | وعدت بأمثال الصُّقورِ خُيول |