الإقطاع...
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألا قُوَّةٌ تسطيعُ دفع المَظالِمِ | وإنعاشَ مخلوقٍ على الذُّلِّ نائِمِ |
ألا أعينٌ تُلقى على الشَّعْبِ هاوياً | إلى حَمْأةِ الإدقاعِ نظرةَ راحم |
وهَلْ ما يرجِّي المُصلحونَ يَرونهُ | مواجَهَةً أمْ تلكَ أضغاثُ حالم |
تعالَتْ يدُ الاقطاعِ حتَّى تعطَّلَتْ | عنِ البتِّ في احكامِها يدُ حاكم |
وحتَّى استبدَّتْ بالسَّوادِ زعانِفٌ | إلى نَفْعِها تستاقُهُ كالبهائم |
إذا رُمْتُ أوصافاً تليقُ بحالةٍ | تعرَّفْتُها ضاقَتْ بطونُ المعاجم |
ألا نستحي منْ أنْ يُقالَ بلادُهُمْ | عليها مِنَ الإذلالِ ضربةُ لازم |
هي الأرضُ لم يَخْصُصُ لها اللهُ مالكاً | يُصَرَّفُها مُسْتَهْتَراً في الجرائم |
ولم يَبْغِ منها أنْ يكونَ نَتاجُها | شَقاوةَ مظلومٍ ونعمةَ ظالم |
عجِبتُ لخلْقٍ في المَغارِمِ رازِحٍ | يُقدِّمُ ما تجني يداهُ لغانم |
وأنكا من هذا التغابُنِ قُرْحَةً | غباوةُ مَخْدومٍ وفِطنةُ خادم |
وكمْ مِن خُمولٍ لاحَ في وجه متْرفٍ | وكمْ من نبوغٍ شعَّ في عينِ عادِم |
لو اطَّلَعتْ عيناكَ أبصرتَ مأْتَماً | أُقيمَ على الأحياءِ قبلَ المآتم |
وإلاّ فما هذا الشَّقاءُ مُسَيْطِراً | لهُ في جباهِ القومِ مثلُ المياسم |
إذا أقبلََ " الشيخُ المُطاعُ "وخَلْفَهُ | منَ الزارعين الأرضَ مِثْلُ السَّوائم! |
مِنَ المُزهَقي الأرواح يَصلي وجوهَهُمْ | مَهَبُّ أعاصيرٍ ، ولفحُ سمائم |
قِياماً على أعتابهِ يُمطِرونها | خُنوعاً وذُلّاً بالشّفاهِ اللواثم |
رأيتَ مثالاً ثَمَّ لابنِ ملائكٍ | تَنَزَّلَ مِن عَليْائهِ وابنِ آدم! |
حَنايا مِنَ الأكواخِ تُلقي ظِلالَها | على مِثْلِ جُبٍ باهتِ النُور قاتم |
تلوَّتْ سِياطٌ فوقَ ظهرِ مكرَّمٍ | مِن اللُؤمِ مأخوذٍ بسوطِ الألائم |
وباتَتْ بطونٌ ساغِباتٌ على طَوىً | وأُتخِمَت الأخرى بِطيبِ المطاعم |
أهذي رعايا أُمَّةٍ قد تهيَّأتْ | لِتسْقَبْلَ الدُّنيا بعزمِ المُهاجم!؟ |
أهذا سوادٌ يُبتغىَ لِمُلِمَّةٍ | ونحتاجُهُ في المأزِق المتلاحِم ؟ |
أهذي النفوسُ الخاوياتُ ضَراعةً | نُباهي بها الأقرانَ يومَ التَّصادم؟ |
أمِنْ ساعِدٍ رِخوٍ هَزيلٍ وكاهلٍ | عجوزٍ نُريدُ المُلْكَ ثَبْتَ الدَّعائم! |
مِنَ الظلْمِ أنَّا نَطْلُبُ العزمَ صادقاً | من الشعبِ منقوضَ القُوى والعزائم |
وأنْ نَنْشُدَ الاخلاصَ في تضحياتهِ | ونحنُ تركناهُ ضحيَّةَ غاشم |
وأنْ نبتغي رِكضاً حَثيثاً لِغايةٍ | نُحاوِلُها مِن راسِفٍ في أداهم |
لنا حاجةٌ عندَ السَّوادِ عظيمةٌ | سنفقِدُها يومَ اشتدادِ الملاحِم |
هُناِلكَ لا تُجدي فتيلاً عِصابةٌ | إذا جَدَّ خطبٌ فهي أوَّلُ راجم |
وإنَّ سواداً يحمِلُ الجَوْرَ مُكْرَهاً | فقيرٌ لِهادٍ بَينِ النُصْحِ حازِم |
يَشُنُّ على الاقطاعِ حرباً مُبيدةً | ولا يَختشي في الحقِّ لَوْمَةَ لائم |
يَمُدُّ يداً تُعطي الضّعافَ حُقوقَهُمْ | ويَسْطو بأخرى باطشاً غيرَ راحم |
ويجتَثُّ إقطاعاً أقَرَّتْ جُذُورَهُ | سياسةُ تفريقٍ وحَوْزُ مغانم |
سياسةُ إفقارٍ ، وتجويعُ أُمَّةٍ | وتَسليطُ أفرادٍ جُناةٍ غَواشم |
لقد قُلْتُ لو أصغى إلى القولِ سامعٌ | وما هوَ مِّني بالظُنونِ الرّواجم |
ألا إنَّ وضعاً لا يكونُ رفاهُهُ | مُشاعاً على أفرادهِ غيرُ دائم |
أمبترِداتٌ بالخُمورِ تثلَّجَتْ | وبالماءِ يَغلي بالعُطورِ الفواغِم |
ومُفترِشاتٌ فضلةً في زرائبٍ | يُوَسّدُها ما حولَها مِن رَكائم |
أمِنْ كدحِ آلافٍ تفيضُ تَعاسةً | يُمَتَّعُ فردٌ بالنعيمِ المُلازِم |
وما أنا بالهيَّابِ ثورةَ طامعٍ | ولكنْ جِماعُ الأمرِ ثورةُ ناقم! |
فما الجوعُ بالأمرِ اليسيرِ احتمالُهُ | ولا الظُلْمُ بالمرعى الهنيءِ لِطاعِم |
نَذيرَكَ مِن خَلْقٍ أُطيلَ امتهانُه | وإنْ باتَ في شكلِ الضَّعيفِ المُسالم |
بلادٌ تردَّتْ في مهاوٍ سحيقةٍ | وناءتْ بأحمالٍ ثِقالٍ قواصِم |
تَبيتُ على وعدٍ قريبٍ بفتنةٍ | وتُضحي على قَرْنٍ من الشرِّ ناجم |
ولو عُولِجَ الاقطاعُ حُمَّ شِفاؤها | ومَنْ لي بطَبٍّ بّينِ الحِذْقِ حاسم؟ |
ولم أرَ فيما ندَّعي مِن حضارةٍ | وما يَعتري أوضاعَنا مِن تلاؤم |
وها إن هذا الشَّعْبَ يَطوي جَناحَهُ | على خَطَرٍ من سَورةِ اليأس داهم |
غداً يستفيقُ الحالمونَ إذا مَشَتْ | رواعدُ من غضبابتهِ كالزمازم |