معرض العواطف ...
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أبرزتُ قلبي للرماة معرَّضا | وجلوت شعري للعواطف مَعرِضا |
ووجدتُني في صفحةٍ وعقبيها | متناقضاً في السُخْط مني والرضا |
أبرمتُ ما أبرمتهُ مستسهلاً | ان حانَ موعِدُ نقضِه ان يُنقَصا |
ونزلتُ منه على الطبيعة منزلاً | الفيتُني فيه على جَمر الغَضا |
متجانياً عن خير مَن أبغَضتَهُ | ولشرِّ من أحببتُه مُتعرَّضا |
ومدَحْتُ من لا يستحقُّ وراقَ لي | تَكفيرتي بهجائِه عما مَضى |
ووجدتُني مُستصعِباً إطراءَ مَن | أطريتُه بالأمسِ طَوعاً ريِّضا |
وحَمِدت أني عبدُ قلبي ما اشتهَى | أن ينثني بوِدادِه أو يُمحَضا |
وحمدت من هذا اللسان سُكوتَه | حتى يُحرِّكَه الفوآدُ فينبضا |
فوَّضتُه وحَمَلت ألفَ مصيبة | من أجل أن راح الفوآدُ مفوَّضا |
نافقتُ إذ كان النفاق ضريبةً | متحرِّقاً من صَنعتى مترمِّضا |
ولكم قَلِقتُ مسهَّداً لمواقفٍ | حَكَمت عليَّ بأن أداري مُبغِضا |
ولَعَنت ربَّ الشعر فيما اختار لي | وبما قَضى ، ولَعَنت أحكامَ القَضَا |
وصَدَعت فيها بالصراحة مَرةً | زمراً تُجوِّدُ ان تقولَ فتُغمِضا |
ولقد حَدَوت بأصغَريَّ ليُمليا | ما يطلُبان على اليراع ويَفرِضا |
غَلَبَ السرورُ فشعَّ رونقُ بعضِها | وخبا رُواءُ الأخرَيات فغُيِّضا |
واسوْدّ بالنِيات سوداً خاطرٌ | ومَشَى على البعضِ الصفاءُ فبيَّضا |
وخلا فجفَ من العواطف بعضُه | وزها بها بعضٌ فرفَّ وروَّضا |
وأتى على عفوٍ فصحَّ نسيجُه | بعضٌ وبعضٌ بالتكلف أمرَضا |
وضَحِكت من تشبيهِ ما استعجَلتهُ | بالسَقْط أعجله المخاض فأجهَضَا |
ووجدتُ في أثنائها رَجعيَّةً | طَفَحَت وكنت لها الدوَّ المُبغِضا |
ولكم تبينت الجمودَ مُجسَّماً | في بعض ما قد قلتُه مستنهضا |
ولقد حَسِبت مُصارحاً مُتخلِّعاً | في مؤنساتٍ قلتُهن مُعرِّضا |
فوددتُ لو أنّي استقيتُ تَرفُّهاً | فيها استَقَيتُ من المجونَ تَبرُّضا |
وأنفِت من هذي الطبيعة حرةً | يعاتقُها التدليسُ أن تتمخَّضا |
وخِشيتُها مكبوتةً لتحفُّزٍ | كالليثِ أرهَبُ ما يُري أن يربِضا |
وعَجبِتُ ممن لستُ أبلغُ شأوَه | في الموبقات توغُّلاً وتعرُّضا |
عَبَّرتُ في الإحماض عن شهواته | ومضى عفيفاً مُنكِراً أن أُحمِضا |
وكشفتُ عن هذي الطبائع ثوبَها | وبسطتهنَّ حريصةً أن تُقبَضا |
فإذا بها الحشرات تسكن جيفةً | مستورةً ، والخزيُ ان تَتَنفَّضا |
ورأيتها ملأَى بكل رذيلةٍ | تجري مع العرق الخبيث تحرُّضا |
فإذا استثار الشعرَ بعضُ صفاتها | شوهاءَ ؛ اوجعَها البيانُ وأمعَضا |
واستثقلت كشفي لهُنَّ ، ولذَّ لي | كوني على ما استَثْقَلتْه مُحرَضا |
ووجدتُ في هَتكِ الرياء مخاضَةً | وحَلفت أبرحُ ما استطَعت مخوِّضا |
وأعادَت الذكرى إليَّ أليمةً | لما انبريتُ بجمعِها مستعرِضا |
فهنا التي أطريتُ فيها خُلَّباً | كَذِباً خُدِعِتُ ببشره إذ أومَضا |
اعطيتُه قلبي يفيضُ عواطفاً | حتى إذا عَلقَت حبالٌ أعرَضا |
واستامَني للمرجفين دريئةً | يهدي إليها شامتا او مُغرِضا |
حتى إذا كشَّفتُ عن غَدَراته | قالوا تقلَّبَ ناقداً ومقرِّظا |
وهنا التي فاضت بجرح ناغِرٍ | مَضَت السنونَ الجارحاتُ وما مضى |
وهنا التي فتَّشتُ عن شَبحٍ لها | فذا به مثل الخِضاب وقد نضا |
سيسوء بعضاً ما أرى إثباتَه | ويسُرُّ بعضاً ما أرى ان يُرفَضا |
ومزيَّتي وهي الوحيدة أنني | جاريتُ طبعي في الكثير كما اقتضى |
وجعلتُ آخرَ ما يمرُّ بخاطري | تفكيرتي ان يُجتَوى او يُرتَضَى |
ولعلَّ احسنَ ما به من صالحٍ | عن شرِّ ما فيه يكونُ معوِّضا |
وهناكَ دَينٌ للبلاد قضاءُه | حتمٌ عليَّ ، وقد اعيشُ فيُقتَضَى |