أفضل الشهداء
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
أفضل الشهداءالشهيد يَرتقي ليُبقي لمجتمعه القيم العالية والآداب الرفيعة والأخلاق الحسنة، يُضحِّي بأعزِّ ما يَملك فداءً لدينه وإرضاءً لربه، وعِشقًا لوطنه، إذا تملَّكه الإخلاص فإنه يَستبطئ اللحظات التي تفصل بينه وبين الجنة، ويستطيل المسافات التي تُبعده عن الفردوس الأعلى!
رحلوا عنا بأجسادهم لكنهم ظلوا فينا بأرواحهم؛ ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 - 171].
نعم، شهداء زرعوا الإيمان، وعطَّروا المكان، وجاوروا الرحمن! هذا عمير بن الحمام رضي الله عنه يقول وهو مقبل على ربه وكانت التمرات في يده: لئن عشتُ لآكل هذه التمرات إنها لحياة طويل، ثم رمى بها ودخل في أتّون المعركة فقاتل حتى قُتل ولقي ربه شهيدًا.
لذلك جعل الله للشهيد فضائل كثيرة ومنازل وفيرة يتقلب بينها في جنات الخلد في مقعد صدق عند مليك مقتدر؛ فالشهيد لا تأكل الأرض جسده، ولا يُفتَن في قبره، ويُفرِحه الله من فضله ويُبشِّره برزقه، روحه في ظل العرش وفي حواصل الطير.
كل هذه الفضائل للشهيد في حياة البرزخ، أما في يوم القيامة فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إنَّ للشهيد عند الله سبع خصال: أن يُغفر له في أول دفعةٍ من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُحلَّى حلَّة الإيمان، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويُوضَع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خيرٌ من الدنيا وما فيها، ويُزوَّج اثنتين وسبعين زوجةً من الحور العين، ويُشفَّع في سبعين إنسانًا من أقاربه))؛ الحديث أخرجه أحمد، وهو حديثٌ حسن، وحسَّنه ابن حجر في فتح الباري.
كل ما سبق للشهداء كافة، أما الفرحة العظمى والجائزة الكبرى عندما يضحَك الرب لعبده الذي قدم حياته من أجله، نعم أفضل الشهداء مَن يضحَك الله إليه، فمِن الشهداء مَن يضحَك إليهم الله - تبارك وتعالى - يُعطى جزيل الثواب ولا حساب عليه، كيف؟ جاء ذلك في الحديث، عن نُعَيم بن همَّار أنَّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أيُّ الشهداء أفضل؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الذين إن يُلقَوا في الصف لا يَلفتون وجوههم حتى يُقتلوا، أولئك يتلبَّطون في الغرف العُلا من الجنة (يتلبطون أي: يتمرَّغون))، ويضحَك إليهم ربك وإذا ضحك ربك إلى عبدٍ في الدنيا فلا حساب عليه))؛ الحديث أخرجه الإمام أحمد، وهو حديثٌ صحيح، فطوبى لمن ضحك الله إليه فابتسم عند الشهادة، وطوبى لمن علَّمه من أهله وربّاه، جمعَنا الله مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا.