ذكرى الهاشمي ...
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وفّاك ما يُقْضَى من التكريمِ | بَلَدٌ يوفّي حقَّ كلِّ زعيمِ |
البصرةُ الفيحاءُ ضاق خِناقُها | ومشتْ بقلبِ مقرّحٍ مكلوم |
عَطَفَتْ على الذكرى الاليمةِ عطفةً | نمّت على شَجَنٍ هناك أليم |
ياسين إنّ هضيمةً ما ذقتَهُ | غدراً ولم تكُ قبلُ بالمهضوم |
ما كنتَ بالرجلِ الذي يمشى له | خَتَلاً كمِشيةِ قانصٍ لظليم |
أسَفاً فكلُّ عظيمةٍ غلاّبةٌ | مغلوبةٌ بمقدَّرٍ محتوم |
يكفيك فخراً أن تُكادَ بمثلها | مستورةً خَفيِتْ على التنجيم |
جُبناً وعَجْزاً أنْ تُقابَل جَهرةً | شأنَ المُغارِمِ في اطّلاب غريم |
هذا مقامٌ لا يليقُ بمثله | قولٌ فطيرُ الرأي غيرُ حكيم |
فمن الحَراجةِ أن يُبَدِّلَ زِيَّهُ | من كان مرتدياً ثيابَ خصوم |
خوفَ الغلو .. وليس من يُزْجي الثنا | لخصيمه في محنةٍ بمَلوم |
قد كنتَ فذاً في الرجال .. نبوغُهم | وقفٌ على التبجيل والتعظيم |
وجهادُهٌمْ خيرُ الجهاد لأمة | تُهدى إلى نَهْجٍ أغَرَّ قويم |
وسياسة هي ملكُ شعبٍ قولُه | فصلٌ لرفضٍ كان أو تسليم |
سايرتُ حكمكَ ناقماً لم ادّرعْ | حزبا ولم أزحَفْ بظلِّ زعيم |
حاشا ولم أهتِفْ لغيرك داعيا | أو أن أخُصَّ سواك بالتقديم |
لكن طموحٌ ليس يَرْضي أهلُهُ | أن تستمرَّ سياسةُ الترميم |
كنا نرى المعوجّ من أوضاعنا | في حاجةٍ قصوى إلى التقويم |
ونُحِسُّ أنّا بالغون أشُدَّنا | ومعلّلون تَعِلةَ المفطوم |
ونرى شتاتَ جهودِنا وصفوفنا | ليست على شيءٍ من التنظيم |
ووعودَ من يتحضّنون شؤوننا | ملأى من التخدير والتنويم |
نبغي المزيدَ وتقتضينا ساسةٌ | أن نرتضي بنصيبنا المقسوم |
ونراك جباراً يكونُ لفكره | في المعضلات مردُّ كلِّ جسيم |
ولقد يكون العذرُ أنا طُمَّحٌ | ولقد تكون وأنت غيرُ ملوم |
اما مُقامُك فهو غيرُ منازعٍ | ومدى حجاك فليس بالمكتوم |
سايرتُ حكمَك ناقماً ووجدتُني | بازاء شهمٍ في الخصام حليم |
رحبٍ بنقد خصومه متفتحٍ | بالبشر آونةً وبالتفهيم |
يُعطيهِمُ نَصَفاً ويعلمُ أنّه | رجلٌ يَسوس وليس بالمعصوم |
ياسين إن خسارةً أن يغتدي | ذاك الدماغُ الفذُّ محضّ رميم |
وفجيعةٌ أن نبتغيك فلا تُرى | لجلاء جوٍّ بالبلاد مَغيم |
يا درعَ مملكةٍ متينٍ نسجُها | وحسامَ مُلْكٍ ليس بالمثلوم |
إن العراقَ وقد نُعيت موكِّلٌ | مما دهاه يمُقْعِدٍ ومقيم |
إنا فقدنا يومَ فقدِك كوكبا | ما ان تعوِّضُ عنه غُرُّ نُجوم |
لله طِبُّك في السياسة إنه | رَوْح الوَنَى ودواءُ كلّ سقيم |
كم فترة دهتِ العراقَ عصيبةٍ | فرّجَتها بدهائك المعلوم |
لله درُّك أيَّ زعزعِ عاصفٍ | فيما تدبّرُهُ وأيَّ نسيم |
تعلوك سيماءُ الخليِّ جلادةً | ولقد تكونُ نموذجَ المهموم |
كنتَ الحفيظَ على السياسة داعماً | ركنَ المُفاوضِ أيَّما تدعيم |
قسطاسَ حكمٍ كان حلمُك وحده | نِعْمَ الضمانُ عن انزلاقِ حُلوم |
فيما يولّد حرُّ رأيك تَتّقي | نزواتِ رأيٍ يستجدّ عقيم |
كم موقفٍ معصوصبٍ متلابس | جَلّى .. وكم داءٍ به محسوم |
كنت المضيءَ سبيلَ كلِّ عَميّةٍ | تَيَهْاءَ تعتورُ البلادَ بهيم |
صُلبَ العقيدةِ لا يردُّك حادثٌ | في كل ما تَبْني عن التصميم |
واذا البلادُ تفرّقت آراؤها | شِيعاً بلا نَهْجٍ لها مرسوم |
أطلعتَ رأيك بينها فتطايحت | لك عن مكانِ السيدِ المخدوم |
كنا إذا ضاق الخِناقُ وحَشْرَجَتْ | نَفْسٌ بغيظٍ حانقٍ مكظوم |
وبدا لنا الدستورُ وهو مخلَّعٌ | عريانَ غيرَ تستُّرٍ مزعوم |
لذنا بياسينٍ فكانت قوةٌ | جبارةٌ في وجه كلِّ غَشوم |
واليومُ نخشى أن يَضيعَ توازُنٌ | في الكِفَّتَيْنِ وأنت غيرُ مقيم |