وفى الربيع
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
غَدرَ الصِبا وَوَفى الربيعُ لريفِه | شتانَ بين أليفنا وأليفِه |
عادت لتفويفِ الصبا أزهارهُ | أترى صبايَ يعود في تفويفه |
سقياً لشرقيِّ الرُصافة اذ صَفَا | عيشٌ بمرتَبَع الهَوى ومَصيفه |
من سفح دجلةَ حين رق نسيمهُ | سَحَراً وراقت دانيات قُطوفه |
أحبابَنا في الكرخ هل من زورةٍ | لنَحيل جسم بالفراق نحيفه |
أهوَى لأجلكُمُ العراقَ فمُنيتي | في قُربكم لاخصبِه أو ريفه |
لي فيكُمُ قَمرٌ يُهيُّجني له | ان البِعادَ يَروعُنى بخُسوفه |
ومسجفٌ لو لم يُحَجَّبْ كانَ مِن | زفراتِ أنفاسي بمثل سُجوفه |
متنقلُ الأوفياء شْيَّعَ ركبَه | نَفسَي يُناطُ بسَيره ووُقوفه |
يَلوي الوعودَ فلا تُزَرُّ جيوبهُ | إلاّ على نزْرِ الوفاء ضعيفه |
ما الطيرُ حامَ على الغدير فراعَه | وحشٌ فظَّل يحوطهُ برفيفه |
ظمآنَ لاوِردٌ سواه فَينثنى | عنه ولا يسطيع خوض مَخوفه |
يوماً باولعَ من فؤادي إذ نأوا | عنه بمجدولِ القَوام رهيفه |
لا تُنكروا قلبي الخَفوقَ فانما | هي مهجةٌ قد عُلِّقت بشُفوفه |
ما هاجَ قلبَ الصبِّ الا الصدغُ في | تشويشَه والشَعرُ في تصفيفه |
أرَّقْتَ طَرْفاً لم تَرِقَّ لقَرحه | وأخَفْتَ قلباً لم تُرَع لحفيفه |
الله يشهدُ أنني القىَ الهوى | بلسانِ فاسقِه وقلبِ عفيفه |
اني وإن كانَ التصابي هفوةً | مني وكم ساع لجلبِ حُتوفه |
لأحِنُّ للعهد القديم صبابةً | كحنين إلفٍ نازحٍ لأليفه |
ولئن سلوتُ ففي التهاني سلوةٌ | " بمحمد " صَفْوِ الندى وحليفه |
يابن " الحسينِ" وانت تخلُف ذكرَه | أكرمْ بمخلوف مضى وخليفه |
سرَّت ثراه بروقُ عرسِك فاغتدت | عنه وذكر هناكَ أُنسُ مخوفه |
بك في " العلي " عن " الحسينِ " تصبرٌ | بممجدٍّ ثبتِ الجِنان رؤوفه |
لا تُجهدنَّ الشعر يا نَظامَه | فصفاتُه تُغنيك عن تَوصيفه |
جَمَّ النَدى أنساه عن عثراتهِ | في الجودِ بذلُ مئاتهِ وألوفه |
طَرِبٌ يُغَنِّنيه سَميرُ ضيوفه | لا " معبدٌ " بثقيلِه وخفيفه |
شَيِمٌ أنافَ تليدُها لطريفها | فسما بها بتليده وطريفه |
يابنَ النبيِّ وتلك أشرفُ نسبةً | ومُضافُ مجدٍ ينتمى لمُضيفه |
لم يُرغَم الحسّادُ الا مفخراً | أغناهُم التنزيل ُ عن تحريفه |
شَرَفٌ محلّ الشهب دونَ مَحلِّه | ومُنيفُ بُرجِ الشمسِ دون مُنيفه |
بيت به طاف العُفاةُ ففضلهُ | باد كفضل البيت في تَطويفه |
يَغديكَ من ضربَت به المثلَ الورى | نُجلاً فقُرصُ الشمس قُرصُ رغيفه |
سَحَّت عطاياه فما من ناظرٍ | الاتمنىَّ الطيفَ من مَعروفه |
لو رام يمحو البخل عنه مُدافعٌ | عكفت طبيعتُه على تعنيفه |
ويقولُ إن قالوا تصرف درهمٌ | ليت الجمودَ عَداهُ عن تصريفه |
ولقد أراكَ ولليراعةِ مَرحٌ | في القول بين غريبِه ولطيفه |
قَلَمٌ سقاهُ فيضُ كفِّك فالتقَت | بيضُ الأماني بين سودِ حُروفه |
لدنٌ إذا ما الدهرُ جّد فهزَّة | في طِرسه تكفيكَ ردَّ صُروفه |
ما جال في جَلبَات طِرسِكَ سابقاً | الا وجاءَ من النَدى برديفه |
كم مُشكلٍ مُستَنبَط بدقيقهِ | وسمينِ خطبٍ مُذعنٍ لعجيفه |
كالسيلِ في تحديرهِ والسيفِ في | تطبيقِه والرُمحِ في تثقيفه |
وكأنه بين السُّطور مدِّبرٌ | للجيش اعَجَبه انتظامُ صُفوفه |
معروفُ شعري في مديح محمدٍ | أزْرَت بدائعُه على " معروفه " |
نَفَسٌ شأى نَفَسَ الكهول وإنما | ظَرْفُ الشباب يلوحُ في تفويفه |
وقصائدٍ رَّقتْ فكان مدبُّها | كالخمر من ثَمِل القَوام نزيفه |
أسِفَ الحسودُ بما علون وان أعِشْ | لأطَولنَّ بهن حزنَ أسيفه |
إن زِينَ قومٌ بالقصيد فانني | باسمي يزانُ الشعرُ في تعريفه |
دمتُم ودام المجد في تشريفه | جُوداً ، ودامَ الفضلُ في تأليفه |