الأدب الصارخ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ونَفسٍ لاقتِ الصدماتِ عزلى | وكانت وهي شاكيةُ السلاحِ |
وقد كانتْ سباخاً فاستثيرت | وفلَّ صميمَها وقعُ المساحي |
وأفراحٍ شحيحاتٍ أديفت | بأتراحٍ جُبِلْنَ على السَّماح |
أأقرَبُ ما أكونُ إلى انقباض | وأبعَدُ ما أكون عن انشراح |
وَشتَّان اقتراحات الليالي | وما تَبغيه مني واقتراحي |
فليتَ حوادثأً ما رفَّهَتْ لي | نطاقَ العيشِ لم تحصُصْ جناحي |
وليتَ مخابراً قَبُحَت دَهَتني | مجرَّدةً عن الصُورِ القِباح |
إلى ألَمٍ وعن أَلَمٍ مسيري | فما أدري غُدويَّ من رَواحي |
وما أختارُ ناحيةً لأنّي | رَماني الدهرُ من كل النواحي |
وملء القلبِ إذ حبست لِساني | ظروفٌ مغرماتٌ باجتياحي |
جراحٌ لم تَفِضْ ، فملئن قَيحاً | وبعضُ الشر لو فاضت جِراحي |
رأيتُ معاشرَ الشعراء قبلي | تعدُّ الخمر مَجلبةَ ارتياح |
وقد أُغرِقْتُ في الأحزان حتى | سئمتُ مَنادمي وَذَممتُ راحي |
وما سكرانُ يقتحِمُ البلايا | كمُقتحِمِ البليةِ وهو صاحي |
بعينِ الشعرِ والشعراءِ بيتٌ | هَتَفْتُ به فطارَ مع الرياح |
يَهُبُّ مع الصَبا نَفسَاً رقيقاً | ومؤتلقاً يطيرُ مع الصَباح |
له من وقعهِ نَسَبٌ صريح | يمتُّ به إلى الماءِ القراح |
ولو في غيرِ أوطاني لجالتْ | به نظم القلائد والوِشاح |
وقائلةٍ ترى الآدابَ سَفَّت | وقد غطّى النُعابُ على الصُداح |
وما نفعُ السكوتِ وقد أُضيعتْ | حقوقُ ذوي الجدارهِ بالصياح: |
تقدَّمْ للقوافي واقتَحِمْها | فقد يُرجى التقدُّمُ بالكفاح |
أقول لها :دعي زَندي فاني | أخافُ عليك بادرةَ اقتداحي |
وكلُّ حقيقةٍ ستَبينُ يوماً | وكل تصنّعٍ فإِلى افتضاح |
وما بغدادُ والآدابُ إّلا | كما انتفخت طبولٌ من رياح |
تُوفّي الحُرَّ من حقٍ مُضاعٍ | ومن عِرضٍ تمزِّقُه مُباح |
ولما أنْ رأيتُ الشعرَ فيها | أداةً للتشاحن والتلاحي |
أنرتُ ذُبالَ مسرجتي بكفي | أفتشُ عن أديبٍ في الضواحي |
فكان هناك تحتَ ستارِ بُؤسٍ | يجلِّله وفي ثوب اطراح |
أقول له : ألا وجهٌ حييٌ | يقيكَ طوارقَ النّوَبِ الوِقاح؟ |
أما في الحيِّ معترفٌ بفضلٍ | يناشِد عن غدوِّكَ والرواح؟ |
فقال وأرعشتْ شفتاهُ : دعني | أقابلْ جِدَّ دهرِكَ بالمُزاح |
ومثلي ضحَّت الدنيا كِثاراً | فهبني بعضَ هاتيك الأضاحي |