أرشيف الشعر العربي

إلى الرّصافي

إلى الرّصافي

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .
تمرَّستَ " بالأولى " فكنتَ المُغامِرا وفكَّرتَ " بالأخرى " فكنتَ المُجاهِرا
وفضَّلتَ عيشاً بين تلك وهذه به كنتَ ، بل لولاهُ ، ما كنتَ شاعرا
وما الشِّعرُ إلاَّ ما تفتَّقَ نُورهُ عن الذهنِ مشبوباً ، عن الفكر حائرا
عن النفس جاشت فاستجاشت بفيضها عن القلبِ مرتجَّ العواطفِ زاخراً
وما زجَّ في شتَّى المَهاوي بربِّه وقحَّمهُ " النَهجينِ " قصداً ، وجائرا
وما هو بالحبلِ الذي رُحتَ مرغِماً " أوائلَه " أنْ تلتقي و " الأواخرا"
وكنتَ جريئاً حين يدعوكَ خاطرٌ مِن الفكر أن تدعو إليك المَخاطرا
على ثقةٍ أنْ لستَ في الناس واجداً على مِثله – إلاَّ القليلَ – مُناصراً
وكنتَ صريحاً في حياتكَ كلِّها وكانَ – ومازالَ – المصارِحُ نادراً
فانْ شابَها ما لم تجدْ عنه نُدحةً شَفَعْتَ به حُكم الظروف مُسايرا
فقد كنتَ عن وحي الضرورةِ ناطقاً وقد كنتَ عن محضِ الطبيعة صادراً
وقد كنتَ في تلك " الأماديحِ " شاتماً محيطاً " بأربابِ " القرائحِ كافرا
وإلاَّ فأنتَ المانعُ الصُغرِ " عن يدٍ أبتْ أنْ تُحلَّى في الجِنان أساورا"
وإنَّكَ أنقى من نُفوسِ خبيثةٍ تُراوِدُ بالصَّمت المريبِ المَناكرا
تَعيبُ على الشِّعرِ التَّحايا رقيقةً وتلثُم من " بغلٍ هجينٍ " حوافرا
تُريدُ القوافي المؤنساتِ غفيفةً وقد أشغرتْ – للفاحشاتِ – الضمائرا
وتُنكر أنْ يُستنشقَ الشعرُ " نفحةً " وقد فَغرتْ أشداقَها والمناخرا
وتطوي على " أُمِّ الدَّنايا " مَباطناً وتُلقي عليها من إباءٍ مظاهرا
كما أسدلتْ ليلاً " هلوكٌ " مُلحَّةٌ على مخدعِ العُهرِ الحريرَ ستائرا
من العارِ أنْ نرضى التذبذبَ صامتاً دنيئاً ، خبيثاً ، والغاً ، متصاغرا
على حينَ نأبى أن تحرِّكَ شاعراً ضرورةُ حالٍ بدَّلَتْ منه خاطرا
وإنيّ إذْ أُهدي إليكَ تحيَّتي أهزُّ بكَ الجْيلَ العَقوقَ المُعاصِرا
أهزُّ بكَ الجيلَ الذي لا تهزُّه نوابغُه ، حتى تزورَ المقابرا

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (محمد مهدي الجواهري) .

بريد الغربة

في الثورة السورية

يا أحباي

الساقي

تنويمة الجياع