عنوان الفتوى : الزوجة التي وقعت في الخيانة.. إمساك أم فراق
أنا متزوج منذ سبع سنوات، زواجا عن قصة حب قوية، وهي من أقاربي، ولدينا أولاد، لقد اكتشف خيانتها مع جار لنا عن طريق هاتفها، وهذا الجار سبق بيني وبينه مشكلة، وقالت زوجته وقتها: أنا سأخرب بيتكم. وفعلا حصل بينهما علاقة عبر الهاتف بعلم زوجته ومساعدتها، وصل حد العلاقة أن زوجتي خرجت معه، ولعقت قضيبه، وواجهت زوجتي فور اكتشافي لهاتفها، واسترجاع جميع المحادثات، فاعترفت، وقالت: كل ما حدث، وهو مطابق للرسائل التي رأيتها، وطلبت مني مسامحتها، وأن أتركها لتربية الأطفال، ولكني رفضت، وجعلتها تذهب لبيت والدها، ولا تخبر أحدا حتى أطلقها، ولا أعلم كيف سيتم الطلاق، وما السبب الذي سأقوله للأهل. والكل يعلم أننا نحب بعضنا، ولا توجد مشاكل بينا نهائيا. أريد الإفادة بحسن التصرف. جزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن هذا من أعظم أنواع البلاء، أن يكتشف الزوج أن زوجته على علاقة برجل أجنبي، وهذا الفعل منها منكر عظيم، فإضافة إلى ما فيه من تفريط في حق الله، فإن فيه اعتداء على حق زوجها، إذ الواجب عليها أن تحفظه في نفسها وتصون عرضه، قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ {النساء:34}.
جاء في تفسير ابن كثير: قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. اهـ.
وروى أبو داود عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر -رضي الله عنه-: ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته.
والحاصل أن زوجتك أساءت إساءة عظيمة، فالواجب نصحها، ودعوتها للتوبة النصوح، وهي المستوفية لشروطها والتي بيناها في الفتوى: 29785، فمن تمام توبتها أن تستسمحك فيما فعلت، فإن تابت إلى الله وأنابت، وتبين لك صدقها في ذلك، وحسنت سيرتها واستقامت، فأمسكها عليك، وأحسن صحبتها، وتجاوز عما مضى، واستأنف معها حياة جديدة، واعمل على كل ما يصونها، وخاصة تربيتها على الدين والإيمان والستر والعفاف.
وقد أحسنت بالستر عليها، وهذا هو الواجب، والفعل الذي يرضي الله تعالى، فإنه من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة؛ كما ثبت في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.
فترك تطليقها هو المطلوب إذا استقامت، وإن استمرت في غيها، ولم تتب فالأفضل أن تطلقها، ففراق مثلها مستحب، قال ابن قدامة في المغني، وهو يعدد أحكام الطلاق: والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل: الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة... اهـ.
وإن سألك أهلها أو غيرهم عن سبب الطلاق، فأخبرهم أنك لست على وفاق معها، ولا تخبرهم بحقيقة الأمر لئلا تفضحها.
وإن صح ما ذكرت من تواطؤ هذا الجار وزوجته على إفساد زوجتك، والنيل من عرضك، فبئس الجيران أولئك، فليسا بجديرين أن تبقى في جوارهما، فإن أمكن أن تبحث عن سبيل للسكنى بعيدا عنهما فهو أفضل, روى أحمد عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره. وهذا يدل بمفهومه على أن شر الجيران شرهم لجاره.
وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 60282، والفتوى: 110799.
والله أعلم.