مالك لا تطرب يا حادي النَّعمْ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
مالك لا تطرب يا حادي النَّعمْ | أما سمعتَ قولَ خنساءَ نعم |
أصخرة ٌ قلبك أم أنت عصاً | لا تنثني أم بك وقرٌ من صممْ |
عدْ برذاياك الطِّلاحِ بدّنا | وراخ من حبلها وارعَ ونمْ |
قد أنستْ خنساءُ شيئا وارعوى | نفارها ووصلتْ بعد الصَّرمْ |
وقد تحدَّثنا على كاظمة ٍ | بنافثِ السحرِ حديثَ ذي سلمْ |
تذكرة ً من الهوى وسرّهِ | نامَ العدا ونمّ عنها ما كتمْ |
وليلة ٍ صابحة ٍ ما تركتْ | يقظتها للعين حظّاً في الحلمْ |
بتنا نغنِّي بالعتاب ووفتْ | بسكرنا أوعية ُ العذبِ الشَّبمْ |
وسفرتْ عن الوفاء أوجهٌ | نواعمٌ بالغدرِ كانت تلتثمْ |
يا حبذا ليلُ الغضا وطوله | تمّت لنا أقماره ولم تتمْ |
وخلسٌ من لذَّة ٍ ما نقعت | كلَّ الصدى ولا شفت كلَّ القرمْ |
من لي بيومِ الوصل أو ساعته | لو دام لي بحاجرٍ ما لم يدم |
أبارقٌ على الحمى أم شارقٌ | أم شمتَ من صبابتي ما لم تشمْ |
يا صاحبي لو شئتَ لعلمتَ لي | منْ موقدُ النار على رأسي العلمْ |
وهل أثيلات الغضا كعهدنا | ظلائلٌ تضفو وسوقٌ تلتحمْ |
أنتَ ابنُ عزم الليل إن صحبتني | على تباريح الكلالِ والسأمْ |
وإن ركبتَ خطر البيد معي | ركوبَ من لا يستشير إن عزمْ |
كم القعودُ تحت أدراج الأذى | فرصة َ من ضام ونهبَ من ظلمْ |
تعدُّ كلّ راحة ٍ قناعة ً | وفي القنوع راحة ٌ ما لم تضمْ |
اهجمْ على الأمر إذا اتقيته | وقم إذا قالت لك العلياءُ قمْ |
ولا تقلِّم ظفريك رابضا | إن الليوثَ أسراءُ في الأجمْ |
إن لؤم الشّقّ الذي تحلُّه | فملْ إلى شقّ الوفاء والكرمْ |
قد وضح الفجرُ فأيّ عذرة ٍ | لابن السّرى في خبط عشواءِ الظُّلمْ |
وعدلتْ كفُّ أبي القاسم في ال | جود لا تحفل بجور من قسمْ |
بالصاحب استذرت إلى ظلالها | شتائتُ الفضل وشذَّان الكلمِ |
ونشلَ المجدُ التليدُ نفسه | منتصرا من كفّ كلِّ مهتضمْ |
وقرَّ كلُّ قلقٍ لرزقه | وقام ميت الجود من تحت الرَّجمْ |
وانشعبت فلائقٌ مصدوعة | في الملك ما كانت فطوراً تلتئمْ |
أبلجُ تلقى البدرَ منه حادراً | فضلَ اللثام والهلالَ ملتثمْ |
مباركُ الشيمة ِ يورى وجهه | في الحادثاتِ قبساً وهي عتم |
يهدي لأبناءِ السؤال بشرهُ | نخبة َ ما تهدي إلى الروض الدِّيمْ |
توعَّدَ اللوّامَ في الجود فلو | جادَ بما خلف الضلوع لم يلمْ |
كأنما عاذله على الجدا | مجتهدٌ يحثو على النارِ الفحمْ |
قال له العافون قلْ مالي سدى ً | فقالها ولم يقل كيفَ ولمْ |
لم يعترقْ بنانهُ ندامة | على الندى ولا ندى ً مع الندمْ |
كم دولة ٍ قيدَ به ريّضها | ونعمة ٍ شبّت على رأس الهرمْ |
قد عاهدوه فوفى وعالجوا | برأيه الداءَ العضالَ فحسمْ |
وجرّبوه فارسا وجالسا | يومَ الوغى ويومَ يلقون السَّلمْ |
أنصحهم جيبا وأمضاهم شباً | والسيفُ نابٍ والشقيقُ متَّهمْ |
تحلَّم الدهرُ على تدبيره | والدهرُ ممسوسٌ به جنُّ اللَّممْ |
وجمَّع الأمر الشَّعاعَ حزمه | وأضلع الخيل يقطِّعنَ الحزمْ |
أملسُ أنبوبِ الفخارِ لم تشنْ | قناتهُ معرّة ٌ ولم تصمْ |
من طينة ٍ بيضاءَ صفيَّ مجدها | تنخُّلُ الدهر وتصفيقُ القدمْ |
مشى بنوها فوق هاماتِ العلا | وسبقوا بالفضل أسلاف الأممْ |
بيتٌ على الثروة ِ لولا عزُّه | ما دانت العربُ قديما للعجمْ |
أعلامُ هذي الأرض فيهم وبهم | جرية ُ هذا الماءِ والنارُ لهمْ |
يفديك يا بن الأكرمين وادعٌ | لا تتصبَّاهُ عليَّاتُ الهممْ |
راضٍ من الهونِ ومن عجزِ المنى | بما اكتسى منتفحا وما طعمْ |
يعجبه اسمٌ ليس من ورائهِ | معنى ً إذا ما هو بالعليا وسمْ |
لم يدرِ من أين أتى سؤدده | فهو غريبُ الوجه فيه محتشمْ |
رامك بغيا ورماك حسدا | فعاد غربُ السهم من حيث نجمْ |
أيقظَ منك الصِّلَّ ثمّ هوَّمتْ | عيناه يستجدي علالات الحلمْ |
ومدّ باعا لا ذراعَ فوقها | ولا بنانَ ليباريك رغمْ |
فانظر إليه واقعا بجنبه | مصارعَ الغدرِ وعثرات الندمْ |
يعلمُ أنْ لو سلمتْ ضلوعه | منك من الغلِّ لقد كان سلمِ |
لا نفَّرتْ عنك الليالي نعمة ً | وطالما آنستَ وحشيَّ النِّعمْ |
ولا وجدتَ من عدوّ فرصة ً | إلا عفوتَ ولو اشتدّ الجرمْ |
وطلعَ النيروز بسعوده | عليك جذلانَ إليك مبتسمْ |
رسول ألفٍ مثلهِ يضمنُ أن | يوفيك الأعدادَ منها ويُتّمْ |
يومٌ أتى في الوافدين قائما | مع القيام خادما بين الخدمْ |
فاقبله واردده إلى موفده | مكرَّما قد فاز منك وغيمْ |
عقدتُ حبلي مذ عرفتُ رشدي | بكم فما خان يدي ولا انفصمْ |
وعشتُ فيكم شطرَ عمري باسطا | يد الغنى أدفع في صدر العدمْ |
لا تطمعُ الأيام في تهضُّمي | ولا أخافُ زمني ولو عرمْ |
وكنتَ أنتَ ناشلي ورافعي | من خفضة الحال إلى العزّ الأشمْ |
وغارسي من قبل أن تمسَّني | يدٌ وساقى غصني قبلَ الدِّيمْ |
وخاطبا من فكري كرائما | تبذلُ في مهورها أغلى القيمْ |
كلّ فتاة عندها شبابها | وعندكم مفضوضُ ما منها ختمْ |
لم يكتب الراقي لها عطفا ولم | تعقدْ لها خوفا من الغدر الرَّتمْ |
قد ملأتْ بوصفكم عرض الفلا | وطبّقت أقاصى الدنيا بكمْ |
منحتكم فيها صفايا مهجتي | جهدَ زهيرٍ قيل في مدح هرمْ |
فلا نضع تلك الحقوقُ بينكم | ولا تخبْ عندكمُ تلك الذِّمم |
ولا تحِلّوا بسواكم حاجتي | وكلُّ رزق في ذراكم يقتسمْ |
ضمّوا إليكم طرفيَّ إنه | لا يطردُ العارُ بمثل أن أضمْ |
وحرِّموا صيدى أن يقنصني | سواكمُ صونَ الحمام في الحرم |
واحتفظوا بي إنني بقية ٌ | تمضي فلا يخلفها الدهرُ لكمْ |