إذا فطمتْ قرارة ُ كلَّ وادي
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
إذا فطمتْ قرارة ُ كلَّ وادي | فدرتْ باللوى حلمُ الغوادي |
و مرت تهتدي بالريح فيه | مطايا الغيثِ مثقلة َ الهوادي |
ففتحتِ الربا خدا وسدت | بشكر المزن أفواهُ الوهادِ |
اناديه وتنشده المغاني | و لكن لا حياة َ لمن تنادى |
و ما أربي إلى سقيا ربوعٍ | لها من مقلتي سارٍ وغادي |
حملتُ يدَ السحاب الجون فيها | و لستُ معودا حملَ الأيادي |
و لو بكت السماءُ لها وجفني | تيقنتِ البخيلَ من الجوادِ |
ضممتُ بمسقطِ العلمين صحبي | و قد صاح الكلالُ به بدادِ |
على أرجِ الثرى لما ضللنا | تضوعَ منه في الأنفاس هادي |
و قد سقط السرى والنجم هاوٍ | عيون الركب في حطّ الرقادِ |
ندامى صبوة ٍ دارتْ عليهم | بأيدي العيس أكوابُ السهادِ |
إذا شربوا السرى اقترحوا عليه | صفيرَ حمامة ٍ وغناءَ حادي |
و لما عزَّ ماءُ الركب فيهم | وقفتُ أحلُّ من عيني مزادي |
تحوم وقد تقلصتِ الأداوي | على أجفانيَ الأبلُ الصوادي |
أجدك هل ترى بذيول سلمى | نضارة َ حاضرٍ وخيامَ بادي |
خرقن لكلّ عينٍ في سواد ال | خدورِ خصاصة ً مثلَ السوادِ |
و ما أتبعتُ ظعنَ الحيَّ طرفي | لأغنمَ نظرة ً فتكونَ زادي |
و لكني بعثتُ بلحظ عيني | وراءَ الركب يسأل عن فؤادي |
و في نوامِ هذا الليل شمسٌ | وَ فيَ سهري لها وجفا وسادي |
إذا ذكرتْ نزتْ كبدي إليها | هبوبَ الداء نبهَ بالعدادِ |
عجبتُ يضميني زمني وأرضى | و يحصدني ولم أبلغْ حصادي |
و تنفقُ مسرفاتٍ من شبابي | لياليهِ الصعابُ بلا اقتصادِ |
و عهدي بالتشابهِ والتنافي | يجران التصادقَ والتعادي |
فما بالُ الليالي وهي سودٌ | يزالُ بها البياضُ من السوادِ |
توقَّ الناس إن الداءَ يعدى | و إن قربوا فحظك في البعادِ |
و لا يغررك ذو ملقٍ يغطى | أذاه وجمرهُ تحتَ الرمادِ |
كلا أخويك ذو رحمٍ ولكن | أخوك أخوك في النوبِ الشدادِ |
عذيريَ من صديقِ الوجهِ يحنى | أضالعه على قلبٍ مضادي |
لوي يده على حبلٍ لعنقي | و قال اضممّ يديك على ودادي |
تمنى وهو ينقصني تمامي | و أينَ الزبرقانُ من الدآدي |
و مجتمعين يرتفدون عيبي | فلا يزنُ اجتماعتهم انفرادي |
إذا انتسبوا لفضلٍ لم يزيدوا | على نسبِ ابن حرب من زيادِ |
ألامُ على عزوف النفسِ ظلما | و ما لومي على خلقي وعادي |
و يخدعني البخيلُ يريد ذمي | و هل عند الهشيمة من مرادِ |
كفاني آلُ إسماعيلَ إني | بلغتُ بهم من الدنيا مرادي |
و أن محمدا داري نفاري | فلانَ له وأسلسَ من قيادي |
رقى خلقي بأخلاقٍ كرامٍ | ألانت من عرائكه الشدادِ |
و كنتُ أذمُّ شرَّ الناسِ قدما | و عيبهمُ فصحّ على انتقادي |
و كم خابطتُ عشواءَ الأماني | و كاذبني على الظنّ ارتيادي |
فلما أن سللتُ على الدياجي | ربيبَ النعمة استذكى َ زنادي |
و أنبضَ من يديه لي غديرا | و قد أعيا فمي مصُّ الثمادِ |
جلا لي غرة ً رويتْ جمالا | أسرُّ بها ووجهُ البدرِ صادي |
تفاديها السماءُ بنيريها | فتعرفُ حظها فيما تفادى |
من الوافين أحلاما وصبرا | إذا الجليَّ هفت بحلومِ عادِ |
بني البيض الخفافِ توارثوها | مع الأحساب والخيلِ الورادِ |
تضاحكُ في أكفهم العطايا | و تكلحُ عنهمُ يوم الجلادِ |
مطاعيمٌ إذا النكباءُ قرت | وجبَّ القحطُ أسمة َ البلادِ |
لهم أيدٍ إذا سئلوا سباطٌ | موصلة ٌ بأسيافٍ جعادِ |
إذا كلت من الضرب المواضي | أعانوها بأفئدة ٍ حدادِ |
طووا سلفَ الفخارِ فلم توصمْ | طوارفهم بمعروفِ التلادِ |
إذا الأحسابُ طأطأتِ استشاطوا | على متمرد الشرفاتِ عادي |
يعدُّ المجدُ واحدهم بألفٍ | من النجباء في قيمَ البلادِ |
إذا ولدوا فتى ً سعت المعالي | تباشرُ بينها بالإزديادِ |
نموك أغرَّ من ملكٍ أغرًّ | جوادا بالكرائم من جوادِ |
أخا طعمينْ حلوك للموالي | بلا منًّ ومرك للمعادي |
إذا لم يختضبْ لك غربُ سيفٍ | دما خضبتَ سيفا بالمدادِ |
فأنتَ إذا ركبتَ شهابُ حربٍ | و أنت إذا جلست شهابُ نادي |
إذا رجع الحسيبُ إلى فخارٍ | قديم أو حديثٍ مستفادِ |
فحسبك بالموفق من فخارٍ | و بيتِ الباهلية ِ من عتادِ |
و من يسندْ إلى طرفيك مجدا | يبتْ من جانبيه في مهادِ |
فداؤك دائرُ الأبيات يأوى | إلى وقصاءَ لاطئة ِ العمادِ |
يتوبُ إذا هفا غلطا بجودٍ | و لم يتبُ اتقاءً للمعادِ |
إذا جاراك في مضمارِ فضلٍ | عدتهْ عن اللحاق بك العوادي |
إليك سرتْ مطامعنا فعادت | مواقرَ من ندى لك مستعادِ |
يخدنَ فصائلاً فيدعنَ وسماً | لأرجلهنّ في الصمَّ الصلادِ |
يقادحنَ الحصى شررا كأنا | حذوناها مناسمَ من زنادِ |
حملن إليك من تحف القوافي | غرائبَ من مثانٍ أو وحادِ |
هدايا تفخر الأسماعُ فيها | على الأبصار أيامَ التهادي |
مخلصة ً من الكلم المعنى | بطول الكرَّ والمعنى المعادِ |
نوافثَ في عقود السحر تنمى | فصاحتها إلى رملِ العقادِ |
تمنى وهي تنظمُ فيك أن لو | تكونُ ترائبا مهجُ الأعادي |
تخالُ العربُ عجرا عن مداها | نبيطَ العربِ لم تنطقْ بضادِ |
لأيام البشائر والتهاني | بها نشرُ الروائح والغوادي |
يجررُ ذيلها يومٌ شريفٌ | فيجعلها على عيدٍ معادِ |
شواهدَ أن جدك في ارتقاء ال | سعود وأنّ عمرك في امتدادِ |
كفاها منك عفوك في العطاء ال | جزيل وقد وفتْ لك باجتهادي |
فكيف خلطتني بسواي فيما | أنلتَ وأنت تشهدُ باتحادي |
تمادى بي جفاؤك ثم جاءت | مواصلة ٌ أعقُّ من التمادي |
ألم تك لي من الذهب المصفى | يدٌ بيضاءُ تشرقُ في الأيادي |
منوهة ٌ إذا انتشرتْ بذكرى | و لائقة ٌ بمجدكِ واعتقادي |
رضائي أن تهزك ريحُ شوقٍ | إلى قربي ويوحشك افتقادي |
إذا ما لم يكن نيلا شريفا | فحسبي من صلاتك بالودادِ |