تحذير من رسالة الفوائد الروحية لزيارة المشايخ
مدة
قراءة المادة :
41 دقائق
.
تحذير من رسالة الفوائد الروحية لزيارة المشايخبسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي رسالة عنوانها: ((الفوائد الروحية لزيارة المشايخ))، وهي رسالة تحتوي على تلبيس وشرك، ودجل وتزوير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم[1]، وفيما يلي نصها:
"((الفوائد الروحية لزيارة المشايخ)):
يقول الإمام علي زين العابدين رضي الله عنه: من خرج من بيته لزيارة ولي الله تعالى، لم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع إلى مكانه، ويُغفر له ذنوب ألف عام، ويكون غدًا في جوار الرحمن.
ويقول الإمام محمد الباقر رضي الله عنه: لو علم الزائر لمن يزور وما له من الأجر، لمشى ولو على أجفان عينيه عِوَضًا عن قدميه.
ويقول الشيخ أبو مدين المغربي: عليك يا أخي بزيارة المشايخ حيث كانوا؛ لأنَّ في زيارتهم خِصَالًا محمُودةً: أوَّلُها زيادة في الإيمان واليقين والعلم الباطني، واكتساب الخلق، ومعرفة الطريق، والأجر والثواب، فإن ثمانين شيخًا اتفقوا على زيارة المشايخ، وقد اتفقت المشايخ أنَّهُ لا يرد المريد عن الزيارة إلا زنديق، ومن مَنَع الزيارة فقد خالف الصحابة.
ويقول الشيخ فخر الدين الرازي: "الأرواح الشريفة العالية لا يبعد أن يكون فيها ما يكون لقوتها وشرفها، يظهر منها آثار في أحوال هذا العالم، فهي المدبرات أمرًا، أليس أن الإنسان قد يرى أستاذه في المنام ويسأله عن مشكله فيرشده إليها؟ أليس أن الابن قد يرى أباه في المنام، فيهديه إلى كنز مدفون؟ أليس أنَّ الغزالي قال: أن الأرواح الشريفة إذ فارقت أبدانها، ثم اتَّفَقَ إنسانٌ مُشابه للإنسان الأول في الروح والبدن، فإنه لا يَبْعَد أن يحَصلَ للنفس المُفِارقَة تَعَلُّق بهذا البدن، حتى تصير كالمُعَاوِنة للنفس المُتعَلِّقة بذلك البدن على أعمال الخير، فَتُسَمَّى تلك المُعَاوِنة: إلهامًا، ونظيره في جانب النفوس الشريرة: وسوسة؟".
والتلبيس في هذه الرسالة لا يخفى على موحد صادق، وذلك أن الله عز وجل وحده هو الذي يدبر الأمور سبحانه وتعالى؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 3].
وقال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 31].
وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [الرعد: 2].
وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [السجدة: 4، 5].
وأما قول الله تعالى: ﴿ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴾ [سورة النازعات 5]، فقد قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: "وَقَوْلُهُ: (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا) قَالَ عَلِيٌّ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَالْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيُّ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ - زَادَ الْحَسَنُ: تُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، يَعْنِي: بِأَمْرِ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي هَذَا"[2].
فلم يختلف أهل التفسير رحمهم الله تعالى أن المراد بالآية الملائكة التي تنفذ أوامر الله تعالى، وتقوم بأعمال يأمرهم بها ربنا عز وجل، وهم بالنسبة إلى ما هيَّأهم الله تعالى له، ووكلهم به، على أقسام[3]:
• القسم الأول: الموكل بالوحي.
• القسم الثاني: الموكل بالصُّور.
• القسم الثالث: الموكل بقبض الأرواح.
• القسم الرابع: الموكل بحفظ العبد في حِلّه وارتحاله.
•القسم الخامس: الموكل بحفظ عمل العبد من خير وشر.
• القسم السادس: الموكل بفتنة القبر.
• القسم السابع: خزنة الجنة.
• القسم الثامن: المبشرون للمؤمنين عند وفياتهم، وفي يوم القيامة.
• القسم التاسع: خزنة جهنم.
• القسم العاشر: الموكلون بالنطفة في الرحم.
• القسم الحاي عشر: حملة العرش.
• القسم الثاني عشر: ملائكة سياحون يتبعون مجالس الذكر.
• القسم الثالث عشر: الموكل بالجبال.
• القسم الرابع عشر: زوَّارُ البيت المعمور.
• القسم الخامس عشر: ملائكة صفوف لا يفترون، وقيام لا يركعون.
وبذلك يتضح أن ما ذُكِر في رسالة "الفوائد الروحية لزيارة المشايخ" باطل وشرك، وأن على جميع المسلمين الحذر من تلك الرسالة، ونصح من يرسلها مبينين له عقيدة التوحيد، وأهمية تحقيق أقسامه الثلاثة، وهي:
• القسم الأول: توحيد الربوبية.
• القسم الثاني: توحيد الألوهية.
• القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات.
ورسالة "الفوائد الروحية لزيارة المشايخ" تنافي تحقيق أقسام التوحيد الثلاثة، فهي تنافي القسم الأول من أقسام التوحيد، وتنسب تدبير الأمور للمشايخ من دون الله تعالى، وهذا شرك بتوحيد الربوبية الذي "معناه الاعتقاد الجازم بأن الله وحده رب كل شيء ومليكه، لا شريك له، وهو الخالق وحده وهو مدبر العالم والمتصرف فيه، وأنه خالق العباد ورازقهم ومُحييهم ومميتهم، والإيمان بقضاء الله وقدره وبوحدانيته في ذاته، وخلاصته هو: توحيد الله تعالى بأفعاله.
وقد قامت الأدلة الشرعية على وجوب الإيمان بربوبيته سبحانه وتعالى؛ كما في قوله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [سورة الفاتحة 1].
وقوله: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [سورة الأعراف 54].
وقوله: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [سورة البقرة 29].
وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [سورة الذاريات 58].
وهذا النوع من التوحيد لم يخالف فيه كفار قريش، وأكثر أصحاب الملل والديانات، فكلهم يعتقدون أن خالق العالم هو الله وحده؛ قال الله تبارك وتعالى عنهم: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [سورة لقمان 25].
وقال: ﴿ قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ﴾ [سورة المؤمنون 84 - 89].
وذلك لأن قلوب العباد مفطورة على الإقرار بربوبيته سبحانه وتعالى[4].
فعجبًا لخلق ينازعون الخالق سبحانه وتعالى فيما اختص به نفسه، وويل ﴿ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ [البقرة: 79]، فليس لهم ﴿ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ ﴾ [الأنعام: 70]، بل الخسران المبين في الدنيا والآخرة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].
فالأمر كله لله تعالى وحده؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [سورة آل عمران 154]، ولا يملِك غيره ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ ﴾ [سبأ: 22]، كما قال عز وجل: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾ [الفرقان: 3].
وكذلك، فرسالة "الفوائد الروحية لزيارة المشايخ"، تنافي القسم الثاني من أقسام التوحيد، وهو توحيد الألوهية، فهي تدعو الناس إلى زيارة المشايخ الذين تزعم أنهم يدبرون الأمور، ويقضون الحوائج، وينفعون ويضرون من دون الله تعالى، فتهدم بذلك بنيان التوحيد من أساسه، وتدعو إلى الشرك بتوحيد الألوهية الذي "معناه: إفراد الله جل وعلا بالتعبد في جميع أنواع العبادات"[5]، والذي من أجله خلق الله الجن والإنس، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾ [سورة الذاريات 56]، ومن أجله أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [سورة الأنبياء 25]، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، كما قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ﴾ [سورة النحل 36]، ومن أجله قامت الخصومة بين الأنبياء وأُمَمهم، وبين أتباع الأنبياء من أهل التوحيد وبين أهل الشرك وأهل البدع والخرافات، ومن أجله جُرِّدت سيوف الجهاد في سبيل الله، وهو أول الدين وآخره، بل هو حقيقة دين الإسلام[6].
وتوحيد الألوهية متضمن توحيدَ الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات[7]، فإن مَن عبَد الله تعالى وحده، وآمن بأنه المستحق وحده للعبادة، دلَّ ذلك على أنه مؤمن بربوبيته وبأسمائه وصفاته؛ لأنه لم يفعل ذلك إلا لأنه يعتقد بأن الله تعالى وحده هو المتفضل عليه وعلى جميع عباده بالخلق، والرزق، والتدبير، وغير ذلك من خصائص الربوبية، وأنه تعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلا التي تدل على أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
ومع أهمية هذا التوحيد فقد جحده أكثر الخلق، فأنكروا أن يكون الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وعبدوا غيره معه؛ قال العلامة المجتهد محمد بن إسماعيل الصنعاني: "اعلم أن الله تعالى بعث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم يدعون العباد إلى إفراد الله تعالى بالعبادة، لا إلى إثبات أنه خلقهم ونحوه، إذ هم مقرون بذلك، كما قررناه وكررناه، ولذا قالوا: ﴿ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ ﴾ [سورة الأعراف 70]؛ أي: لنفرده بالعبادة، ونخصه بها من دون آلهتنا؟ فعبدوا مع الله غيره، وأشركوا معه سواه، واتخذوا له أندادًا"[8].
وَكُلُّ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ مُتَضَمِّنَةٌ للتَّوْحِيدِ "بَلْ نَقُولُ قَوْلًا كُلِّيًّا: إِنَّ كُلَّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّوْحِيدِ، شَاهِدَةٌ بِهِ، دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ: إِمَّا خَبَرٌ عَنِ اللَّهِ، وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَهُوَ التَّوْحِيدُ الْعِلْمِيُّ الْخَبَرِيُّ، وَإِمَّا دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَخَلْع كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، فَهُوَ التَّوْحِيدُ الْإِرَادِيُّ الطَّلَبِيُّ، وَإِمَّا أَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَإِلْزَامٌ بِطَاعَتِهِ فِي نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، فَهِيَ حُقُوقُ التَّوْحِيدِ وَمُكَمِّلَاتُهُ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِأَهْلِ تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَا يُكْرِمُهُمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ جَزَاءُ تَوْحِيدِهِ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ النَّكَالِ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ فِي الْعُقْبَى مِنَ الْعَذَابِ، فَهُوَ خَبَرٌ عَمَّنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ التَّوْحِيدِ.[9]"
ولذا يلزم تَجْرِيد التَّوْحِيدِ، وَتَحْقِيق إخْلَاصِ الدِّينِ كُلِّهِ لله تعالى وحده لا شريك له[10]، "بِحَيْثُ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُلْتَفِتًا إلَى غَيْرِ اللَّهِ، وَلَا نَاظِرًا إلَى مَا سِوَاهُ: لَا حُبًّا لَهُ، وَلَا خَوْفًا مِنْهُ، وَلَا رَجَاءً لَهُ، بَلْ يَكُونُ الْقَلْبُ فَارِغًا مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ، خَالِيًا مِنْهَا، لَا يَنْظُرُ إلَيْهَا إلَّا بِنُورِ اللَّهِ، فَبِالْحَقِّ يَسْمَعُ، وَبِالْحَقِّ يُبْصِرُ، وَبِالْحَقِّ يَبْطِشُ، وَبِالْحَقِّ يَمْشِي، فَيُحِبُّ مِنْهَا مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَيُبْغِضُ مِنْهَا مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ، وَيُوَالِي مِنْهَا مَا وَالَاهُ اللَّهُ، وَيُعَادِي مِنْهَا مَا عَادَاهُ اللَّهُ، وَيَخَافُ اللَّهَ فِيهَا، وَلَا يَخَافُهَا فِي اللَّهِ، وَيَرْجُو اللَّهَ فِيهَا، وَلَا يَرْجُوهَا فِي اللَّهِ، فَهَذَا هُوَ الْقَلْبُ السَّلِيمُ الْحَنِيفُ الْمُوَحِّدُ الْمُسْلِمُ الْمُؤْمِنُ الْمُحَقِّقُ الْعَارِفُ بِمَعْرِفَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَتَحْقِيقِهِمْ، وَتَوْحِيدِهِمْ"[11].
هذا، ورسالة "الفوائد الروحية لزيارة المشايخ" تنافي أيضًا توحيد الأسماء والصفات، الذي "هو إفراد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الواردة في القرآن والسنة، والإيمان بمعانيها وأحكامها"[12]، من ناحية نسبتها صفات وأفعال اختص بها ربنا سبحانه وتعالى نفسه كتدبير الأمور، وقضاء الحوائج، وإجابة الدعوات، والهداية والإضلال، والنفع والضر؛ لمخلوقين ﴿ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ﴾ [الرعد: 16]، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16].
فرسالة "الفوائد الروحية لزيارة المشايخ" تجعل الخالق الذي ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، كالمخلوق الذي ليس له ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ﴾ [آل عمران: 128]، ﴿ سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 16].
وأما ما ذُكِرَ في رسالة "الفوائد الروحية لزيارة المشايخ" مما يتعلق بالرؤيا، وخلط ذلك بتدبير الأمور، فتلبيس عظيم، وخلط بين الحق والباطل، وتسمية للأشياء بغير اسمها[13]، وقد نهى الله عز وجل عن الخلط والتلبيس في قوله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة 42].
والرؤيا جاء ذكرها في جملة من نصوص الكتاب والسنة؛ كما في قول الله تعالى: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴾ [يوسف: 43]، قَالَ: "هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ أَوْ تُرَى لَهُ"؛ [أخرجه الترمذي (2275)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي].
فالرؤيا الصالحة حق وصدق، يبشر الله تعالى بها عباده المؤمنين؛ لتطمئن قلوبهم، وتسكن نفوسهم، ويستبشروا بفضل الله تعالى ورحمته، وتسمية الرؤيا تدبيرًا لأمور الكون منكر محض، وكذب صراح، وغش وتلبيس، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
وأما ما يتعلق بزيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم، فأمر محمود، وقد بوَّب النووي رحمه الله تعالى في رياض الصالحين بابا أسماه "باب زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم"[14]، وذكر فيه جملة من الآيات والأحاديث؛ منها: قول الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾ [الكهف: 60]، وحديث أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَلَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا؛ [أخرجه مسلم (2454)].
وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ"؛ [أخرجه مسلم (2567)].
فزيارة المشايخ والصالحين مندوبة ممدوحة، وإنما الذي ينكر الغلو فيهم، والمبالغة في إطرائهم[15]، فسبب شرك قوم نوح عليه السلام الغلو في الصالحين، كما ذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن ودًّا وسواعًا ويغوثَ ويعوقَ ونسرًا المذكورين في قول الله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ﴾ [نوح: 23]، "أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ، وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ"؛ [أخرجه البخاري (4920)]، وبذلك يتَّضح أن الغلو في الصالحين بوابة الشرك ومدخله، وطريق الشيطان وسبيله لإغواء الناس وإضلالهم، وإبعادهم عن ربنا الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى.
وبالنظر إلى الأقوال المذكورة في رسالة "الفوائد الروحية لزيارة المشايخ"، يظهر كذب كاتبها بشكل واضح وصريح، وذلك أنه نسب أقوالًا إلى زين العابدين، والباقر، والمديني، والرازي لا تصح نسبة أي منها إلى من نسبت إليه عدا ما نسب للرازي، فإنه مذكور في تفسيره[16]، والرازي قال عنه الذهبي رحمه الله تعالى: "قَدْ بدَتْ مِنهُ فِي تَوالِيفِهِ بلاَيا وعظائِمُ وسِحْرٌ، وانحرافاتٌ عَنِ السُّنَّةِ، واللهُ يَعْفُو عَنْهُ، فَإنَّهُ تُوُفِّيَ عَلى طرِيقَةٍ حَمِيدَةٍ، واللهُ يَتولَّى السَّرائِرَ...
وقَدِ اعترَفَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، حَيْثُ يَقُولُ: لقد تَأمَّلْتُ الطُّرُقَ الكَلاَمِيَّةَ، والمناهجَ الفلسفِيَّةَ، فَما رَأيَّتُها تشفِي عليلًا، ولاَ تروِي غليلًا، ورَأيْتُ أقْرَبَ الطُّرُقِ طرِيقَةَ القُرْآنِ، أقرَأُ فِي الإثْباتِ: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلى العَرْشِ اسْتَوى ﴾ [طه 5]، ﴿ إلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ ﴾ [فاطر 10]، وأقرأ في النفي: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى 11]، ومَن جَرَّبَ مِثْلَ تَجرِبَتِي عرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي"[17]، فما الفائدة في التمسك بأقوال رجل تاب منها، ورجع عنها، ونبذها وراء ظهره؛ إذ لا دليل عليها من كتاب ولا سنة، بل هي خرافات وشعوذة، وأساطير باطلة؟
وأما ما ذكر في آخر الرسالة مما نسبه الرازي للغزالي عن الإلهام والوسوسة من أرواح شريفة وشريرة، فنوع من التخرُّص، لا دليل عليه، ولا برهان يسنده، ولا حجة تعضده، وأما ما قام عليه الدليل، فهو أن لكل عبد قرينًا من الجن يأمره بالشر والمعصية، وقرينًا من الملائكة يأمره بالخير والطاعة؛ كما جاء في حديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ"، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ"، وفي رواية: "وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ"؛ [أخرجه مسلم (2814)].
والحاصل أنه ينبغي على المسلمين الحذر من الخرافات، وأخذ العلم عن أهل الحق الصادقين، فإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ[18].
والله تعالى أعلم.
"اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إِلَهَ الْحَقِّ"[19].
"اللَّهُمَّ أَحْيِنِي عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِ، وَأَعِذْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ"[20].
اللَّهُمَّ جَدِّدِ الإيْمَانَ فِي قَلْوبنا[21].
"اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَفِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ"[22].
﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [سورة آل عمران 191 - 194].
"اللَّهُمَّ إِني أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَسْأَلَةِ، وَخَيْرَ الدُّعَاءِ، وَخَيْرَ النَّجَاحِ، وَخَيْرَ الْعَمَلِ، وَخَيْرَ الثَّوَابِ، وَخَيْرَ الْحَيَاةِ، وَخَيْرَ الْمَمَاتِ، وَثَبِّتْنِي، وَثَقِّل مَوَازِينِي، وَحَقِّقْ إِيمَانِي، وَارْفَعْ دَرَجَاتِي، وَتَقَبَّلْ صَلاَتِي، وَاغْفِرْ خَطِيئَتِي، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ العُلاَ مِنَ الْجَنَّةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ، وَخَوَاتِمَهُ، وَجَوَامِعَهُ، وَأَوَّلَهُ، وَظَاهِرَهُ، وَبَاطِنَهُ، وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَا مِنَ الْجَنَّةِ آمِينْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا آتِي، وَخَيْرَ مَا أَفْعَلُ، وَخَيْرَ مَا أَعْمَلُ، وَخَيْرَ مَا بَطَنَ، وَخَيْرَ مَا ظَهَرَ، وَالدَّرَجَاتِ العُلَا مِنَ الْجَنَّةِ آمِينْ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ أنْ تَرْفَعَ ذِكْرِي، وَتَضَعَ وِزْرِي، وَتُصْلِحَ أمْرِي، وَتُطَهِّرَ قَلْبِي، وَتُحَصِّنَ فَرْجِي، وَتُنَوِّرَ قَلْبِي، وَتَغْفِرَ لِي ذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا مِنَ الْجَنَّةِ آمِينْ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ أنْ تُبَارِكَ فِي نَفْسِي، وَفِي سَمْعِي، وَفِي بَصَرِي، وَفِي رُوحِي، وَفِي خَلْقِي، وَفِي خُلُقِي، وَفِي أَهْلِي، وَفِي مَحْيَايَ، وَفِي مَمَاتِي، وَفِي عَمَلِي، فَتَقَبَّلْ حَسَنَاتِي، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ العُلَا مِنَ الْجَنَّةِ، آمِينْ"[23].
اللَّهُمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لاَ يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ[24].
اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الْيَقِينَ وَالْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ[25].
"اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا"[26].
"اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"[27].
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [سورة الصافات 180 - 182].
"اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"[28].
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَخْلِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ - أَوْ: يَا أَبَا هِرٍّ - هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ، إِنَّ الْمُكْثِرِينَ الْأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟" قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِنَّ حَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ"؛ [أخرجه أحمد (10795)، وصححه محققو المسند].
[2] ((تفسير ابن كثير)) (8/ 315).
[3] يُنظر: ((أقسام الملائكة)) بالموسوعة العقدية للدرر السنية.
[4] ((الوجيز في عقيدة السلف الصالح))؛ لعبدالحميد الأثري (ص: 55).
[5] يُنظر: ((رسالة في معنى العبادة لأبي بطين ضمن مجموعة التوحيد)) (1 /170)، ((تعريف توحيد الألوهية)) بالموسوعة العقدية للدرر السنية، ((تسهيل العقيدة الإسلامية))؛ لعبدالله الجبرين (ص: 53).
[6] يُنظر: ((شرح الطحاوية))؛ لابن أبي العز الحنفي (ص: 21- 24- 29)، ((تطهير الاعتقاد))؛ للصنعاني (ص: 20)، ((تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد))؛ لسليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب، (ص: 20- 21)، ((الدر النضيد))؛ للشوكاني (ص: 65)، ((قرة عيون الموحدين))؛ لعبدالرحمن بن حسن (ص: 4)، ((معارج القبول))؛ لحافظ الحكمي (2 /402-410)، ((تعريف توحيد الألوهية)) بالموسوعة العقدية للدرر السنية، ((تسهيل العقيدة الإسلامية))؛ لعبدالله الجبرين (ص: 53).
[7] يُنظر: ((شرح الطحاوية))؛ لابن أبي العز الحنفي (ص: 29- 32- 41)، ((تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد))؛ لسليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب (ص: 23)، ((قرة عيون الموحدين))؛ لعبدالرحمن بن حسن (ص: 5)، ((تعريف توحيد الألوهية)) بالموسوعة العقدية للدرر السنية، ((تسهيل العقيدة الإسلامية))؛ لعبدالله الجبرين (ص: 53).
[8] يُنظر: ((تطهير الاعتقاد)) للصنعاني (ص: 12، 20)، ((قرة عيون الموحدين))؛ لعبدالرحمن بن حسن (ص: 4)، ((تسهيل العقيدة الإسلامية))؛ لعبدالله الجبرين (ص: 53)، ((تعريف توحيد الألوهية)) بالموسوعة العقدية للدرر السنية.
[9] ((مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين))؛ لابن القيم (3/ 417-418).
[10] قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193].
[11] ((العبودية)) لابن تيمية (ص: 133).
[12] ((معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات)) لمحمد التميمي (ص: 29).
[13] يُنظر: ((حرب "المصطلحات" ودور المسلم المعاصر فيها)) على الرابط التالي:
https://www.alukah.net/culture/0/144325/
[14] ((رياض الصالحين)) (ص: 132).
[15] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"؛ [أخرجه البخاري (3445)].
[16] ((تفسير الرازي)) (31/ 31).
[17] ((سير أعلام النبلاء)) (21 /501).
[18] قال أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله تعالى في مقدمة صحيحه: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ؛ [أخرجه مسلم (1/ 14)].
[19] عن عبدالله بن رفاعة الزُّرَقِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي".
فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إِلَهَ الْحَقِّ"؛ [أخرجه أحمد (15492)، وقال محققو المسند: رجاله ثقات].
[20] أخرجه البيهقي في الكبرى (5/ 95) من دعاء ابن عمر رضي الله عنهما موقوفًا عليه، وقد نقل ذلك ابن الملقن في البدر المنير (6/ 309)، وقال نقلًا عن الضياء: إسناده جيد، ويُنظر: ((الدعاء من الكتاب والسنة)) لسعيد القحطاني (ص: 69).
[21] عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ الإيمانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أحَدِكُمْ كَما يَخْلَقُ الثَّوْبُ الخَلِقُ، فاسْألُوا اللَّهَ أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ فِي قُلُوبِكُمْ"؛ [أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 45)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1590)].
[22] عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ: صَلَّى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ بِالْقَوْمِ صَلَاةً أَخَفَّهَا، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهَا، فَقَالَ: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: أَمَا إِنِّي دَعَوْتُ فِيهَا بِدُعَاءٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ: "اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بِالْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَفِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ"؛ [أخرجه النسائي (1306)، وصححه الألباني في صحيح النسائي (1305)].
[23] عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَ المَسْألَةِ، وخَيْرَ الدُّعاءِ، وخَيْرَ النَّجاحِ، وخَيْرَ العَمَلِ، وخَيْرَ الثَّوابِ، وخَيْرَ الحَياةِ، وخَيْرَ المَماتِ، وثَبَّتَنِي وثَقِّلْ مَوازِينِي، وحَقِّقْ إيمانِي، وارْفَعْ دَرَجاتِي، وتَقَبَّلْ صَلاتِي، واغْفِرْ خَطِيئَتِي، وأسْألُكَ الدَّرَجاتِ العُلى مِنَ الجَنَّةِ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ فَواتِحَ الخَيْرِ وخَواتِمَهُ، وجَوامِعَهُ، وأوَّلَهُ، وظاهِرَهُ وباطِنَهُ، والدَّرَجاتِ العُلى مِنَ الجَنَّةِ آمِينَ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ خَيْرَ ما آتِي، وخَيْرَ ما أفْعَلُ، وخَيْرَ ما أعْمَلُ، وخَيْرَ ما بَطَنَ، وخَيْرَ ما ظَهَرَ، والدَّرَجاتِ العُلى مِنَ الجَنَّةِ آمِينَ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ أنْ تَرْفَعَ ذِكْرِي، وتَضَعَ وزِرْي، وتُصْلِحَ أمْرِي، وتُطَهِّرَ قَلْبِي، وتُحَصِّنَ فَرْجِي، وتُنَوِّرَ لِي قَلْبِي، وتَغْفِرَ لِي ذَنْبِي، وأسْألُكَ الدَّرَجاتِ العُلى مِنَ الجَنَّةِ آمِينَ، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ أنْ تَبارَكَ لِي فِي نَفْسِي، وفِي سَمْعِي، وفِي بَصَرِي، وفِي رُوحِي، وفِي خَلْقِي، وفِي خُلُقِي، وفِي أهْلِي، وفِي مَحْيايَ، وفِي مَماتِي، وفِي عَمَلِي، فَتَقَبَّلْ حَسَناتِي، وأسْألُكَ الدَّرَجاتِ العُلى مِنَ الجَنَّةِ آمِينَ"؛ [أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 701) وصححه، ووافقه الذهبي]، ويُنظر: ((الدعاء من الكتاب والسنة))؛ لسعيد القحطاني (ص: 54-55).
[24] عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِذَا ابْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي، وَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ النِّسَاءَ، فَانْتَهَى إِلَى رَأْسِ الْمِائَةِ، فَجَعَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَدْعُو وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْأَلْ تُعْطَهِ، اسْأَلْ تُعْطَهْ"، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ بِقِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ"، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ لِيُبَشِّرَهُ، وَقَالَ لَهُ: مَا سَأَلْتَ اللَّهَ الْبَارِحَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَكَ.
قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، مَا سَبَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي إِلَيْهِ؛ [أخرجه أحمد (4340)، وصححه محققو المسند بشواهده، وقالوا: هذا إسناد حسن].
[25] عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: "اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ ؛ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ"؛ [أخرجه الترمذي (3558)، وقال الألباني في صحيح الترمذي: حسن صحيح]، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي"؛ [أخرجه أبو داود (5074)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود].
[26] عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: "اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا"؛ [أخرجه الترمذي (3502)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي].
[27] قال الله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [الزمر: 46]، وَعَنْ سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؛ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"؛ [أخرجه مسلم (770)].
[28] عَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي.
فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ.
قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".
[أخرجه البخاري (3370)]، ومما ورد في فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: "مَا شِئْتَ"، قَالَ: قُلْتُ الرُّبُعَ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: "إِذَنْ تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ"؛ [أخرجه الترمذي (2457) وحسنه الألباني].