أفاقَ بها منْ طولِ سكرته الدَّهرُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أفاقَ بها منْ طولِ سكرته الدَّهرُ | وفكَّتْ أمانٍ فيكَ ماطلها الأسرُ |
وأسمحتِ الأيَّامُ بعدَ حرانها | ونهنهها الوعظُ المكرَّرُ والزََّّجرُ |
حملتْ تمادي غيِّها ولجاجها | على غالبٍ لمْ يدمهُ النَّدبُ والعقرُ |
نهوضَ إذا خارَ الفقارَ نجتْ بهِ | جوارحُ صمٌ كلُّها في السَّرى ظهرُ |
وأرعيتها الإهمالَ علماً بأنَّها | إليكَ وإنْ طالَ التَّنازعُ تضطرُّ |
وما فاتَ مطلوبٌ سرى الجدِّ خلفهُ | وضامنهُ العمرُ المؤخرُ والصَّبرُ |
وقدْ كنتُ أستبطي القضاءَ وسعيهُ | وأعذلهُ فيما ينوب وما يعرو |
ويقنطني مايستقيمُ ويلتوي | ويقبلُ منَ أمرٍ عليكَ ويزوَّرُ |
ولمْ أدرِ أنَّ اللهَ أخَّرَ آية ً | لهُ بكَ في إظهارِ معجزها سرُّ |
وأنَّكَ مذخورٌ لإحياءِ دولة ٍ | إذا هي ماتتْ كانَ في يدكَ النَّشرُ |
تعاورها شلُّ الغواة ِ وطردهمْ | تساقُ على حكمِ الغوارِ وتجترُّ |
لها جانبٌ منْ خوفهمْ متسهِّلٌ | وآخرُ يرجو أنْ تداركهُ وعرُ |
مزعزعة ُ أيدي سبا بينَ معشرٍ | همْ غمطوا النُّعمى وغمطهمْ كفرُ |
ولمْ أرَ كالعبدِ الموسَّمَ آمنا | يروَّعُ منهُ ربُّهُ الملكُ الحرُّ |
محافرُ أكّدتْ في أكفٍّ تخاذلتْ | فكانَ عليها حثو ما فحص الحفرُ |
ولمّا نبتَ بالملكِ دارَ قرارهِ | ومالَ عليهِ منهمُ الفاجرُ الغرُّ |
وسرِّحَ منْ مكنونهِ الخوفُ حائماً | عليهِ وأبدى منْ نواجذهِ الشَّرُّ |
وكوشفَ حتّى لمْ تحصِّنهُ رقبة ٌ | ولمْ يبقَ بابٌ للحياءِ ولا سترُ |
أتتكَ بهِ الظَّلماءَ يركبُ ظهرها | على ثقة ٍ منْ غيِّهِ أنَّكَ الفجرُ |
يناديكَ قمْ هذا أوانُ انتهازها | فشمِّرْ لها قدْ أمكنَ الخائضَ البحرُ |
فما ضرّهُ خذلَ الّذينَ وراءهُ | وقدّامهُ منكَ الحميَّة ُ والنُّصرُ |
تلافيتها بالرأي شنعاءَ لمْ تجزْ | بظنٍّ ولمْ ينفقْ على مثلها فكرُ |
دعاكَ لها يا واحدَ وهوَ واحدُ | فأصرخهُ منْ نصحكَ الحجفلُ المجرُ |
وفي النَّاسِ منْ تسري لهُ عزماتهُ | بعيداً ولمْ يشكمْ حصانٌ ولا مهرُ |
وأعزلَ ما مدَّ السِّلاحَ بنانهُ | تلاوذُ منْ فتكاتهِ البيضُ والسُّمرُ |
وما كانَ إلاَّ أنْ وفيتَ بعهدهِ | وأسميتَ حتّى ماتَ منْ خوفكَ الغدرُ |
فكنتَ عصا موسى هوتْ فتلقّفتْ | بآيتها البيضاءِ ما أفكَ السِّحرُ |
طلعتْ لنا بالملكِ شمساً جديدة ً | أعادتْ بياضَ الحقِّ والحقُّ مغبرُّ |
ترحَّلُ في يومٍ منَ الشَّرِّ عابسٍ | وعادَ وقدْ أعداهُ منْ وجهكَ البشرُ |
أضاءتْ لنا منْ بعدِ ظلمتها الدُّجى | فقلنا الوزيرُ القاسميُّ أو البدرُ |
وكمْ مثلها منْ غمَّة ٍ قد فرجتمُ | ومنْ دولة ٍ هيضتْ وأنتمْ لها جبرُ |
دجتْ ما دجتْ ثمَّ انجلتْ وسيوفكمْ | كواكبُ فيها أو وجوهكمْ الغرُّ |
بكمْ رب هذا الملكُ طفلاً وناشئاً | فما ضمَّهُ حصنٌ سواكمْ ولا حجرُ |
وفيكمْ نمتْ أعراقهُ وفروعهُ | ورفَّتْ على اغصانهِ الورقُ الخضرُ |
لكمْ فيهِ أيَّامٌ يزيدُ بياضها | نصوعاً وأيَّامُ الأعادي بها حمرُ |
يداولُ منكمْ واحداً بعدَ واحدٍ | فيرضيهِ ما تملي التَّجاربُ والخبرُ |
وما تمَّ امرٌ لستمُ منْ ولاتهِ | وليسَ لكمْ نهيٌ عليهِ ولا أمرُ |
لكمْ سورة َ المجدِ التَّليدِ وفيكمُ | طرائفُ منْ يفخرْ بها فهي الفخرُ |
فيوماً أميراً سيفهُ ويمينهُ | حمى جانبيهِ أو حبا الدَّمُ والقطرُ |
ويوماً وزيراً صدرهُ ولسانهُ | كما اشترطَ القرطاسُ واقترحَ الصَّدرُ |
هو الشَّرفُ العجليُّ يصدعُ فجرهُ | وتغني عنْ الدُّنيا كواكبهُ الزُّهرُ |
ويستوقفُ الأسماعَ منشورُ ذكرهِ | إذا وصمَ النَّاسَ الأحاديثُ والذِّكرُ |
فلا يعدمْ الدَّهرَ الفقيرَ إليكمُ | فتى ً منكمُ في جودهِ ينسخُ الفقرُ |
ولا زالَ مغمورٌ منَ الفضلِ دارسٌ | يعودُ بهِ غضَّاً نوالكمْ الغمرُ |
ومُليِّتَ أنتَ ثوبَ عزٍّ سحبتهُ | ولا يبلهِ سحبٌ عليكَ ولا جرُّ |
يطولُ إلى أنْ لا يرى ما يطولهُ | ويمتدُّ فيهِ العمرُ ما حسنَ العمرُ |
وعذراءَ بكراً منْ عوارفِ ربِّها | حبيتُ بها ما كلَّ عارفة ٍ بكرُ |
رآكَ الإمامُ كفئها وقوامها | فسيقتْ وما إلاَّ علاكَ لها مهرُ |
لبستْ بها تاجاً وحصناً حصينة ً | وإنْ لمْ يصغها لا الحديدُ ولا التِّبرُ |
تمنَّى رجالٌ أنْ يكونوا مكانها | ففاتتْ ولمْ يقدرْ على مثلها قدرُ |
مشيتَ على بسطِ الخلافة ِ واطئاً | مكاناً تمنَّاهُ منَ الفلكِ النِّسرُ |
مكاناً زليقاً لو سواكَ يقومهُ | هوتْ رجلهُ أو ظنَّ أنَّ الثَّوى جمرُ |
وقلبُ شجاعِ القلبِ والفمِ باسطاً | لسانكَ حيثُ القولُ محتشمٌ نزرُ |
ولمَّا وعدتَ بالطَّروقِ تشوَّفَ ال | سريرُ إلى رؤياكَ واشتاقكَ القصرُ |
وودَّ وليَّ الأمرِ كلَّ صبيحة ٍ | لعينيهِ عنْ إقبالِ وجهكَ تفترُّ |
مزايا إذا خافَ الكفورُ سراحها | فعندكَ فيهاأنْ يقيدكَ الشِّكرُ |
وقدْ كنتُ أرجوها وأزجرُ طيرها | بفألٍ قضى أنْ لا يخيبَ لهُ زجرُ |
وأنذرُ إنْ أدركتها فيكَ منسكاً | أقومَ بهِ فاليومَ قدْ وجبَ النَّذرُ |
وفاءً عصى أنْ يستحيلَ بهِ النَّوى | وعهداً تعالى أنْ يغيرهُ الهجرُ |
وشفعاً لأسلافٍ لديكَ شفيعها | مطاعُ وقاضيها لهُ الحكمُ والأمرُ |
وإنْ مسني لذعُ الجفاءِ وطالَ بي | فربَّ جفاءٍ في مدارجهِ عذرُ |
وقدْ أمكنَ الإنصافَ والجودَ فرصة ٌ | إذا أعوزتْ في العسرِ قامَ بها اليسرُ |
وهلْ ضائعٌ حقِّي ومجدكَ شاهدٌ | بفضلي وسلطاني على مالكَ الشِّعرُ |
اعدْ نظرة ً تشجي الزَّمانَ بريقهِ | يراشُ بها المحصوصُ أو يجبر الكسرُ |
ووفِّرْ لها أعراضَ ما فاتَ إنَّها | غنيمة ُ مجدٍ يستقلُّ بها الوفرُ |
فما زلتُ ألقى العدمَ جذلانَ مهوناً | بما جرَّ علماً أنَّ رأيكَ لي ذخرُ |