تعجبُ من صبري على ألوانها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تعجبُ من صبري على ألوانها | في وصلها طوراً وفي هجرانها |
تحسبُ أنّ لوعتي ودمعتي | من قلبها القاسي ومن أجفانها |
وكلاءُ من كلّفها وثيقة | كلَّفها ما ليس من أديانها |
تسلِّط البلوى على عشّاقها | تسلُّطَ الحنثِ على أيمانها |
ينصل ما يُعقد من عهودها | نصولَ ما تخضبُ من بنانها |
الودُّ بالقلبِ ودعوى ودِّها | لا تتعدَّى طرفيْ لسانها |
فكلّما أعطتك في محبة ٍ | زيادة ً فاقطع على نقصانها |
وقفتُ أسترجعُ يومَ بينها | قلبا شعاعا طاح في أظعانها |
ولم يكن منّى إلا ضلَّة ً | نشدانُ شيءٍ وهو في ضمانها |
بانت وبقتنيوليس خلفا | على ظباءِ رامة ٍوبانها |
فما خدعتُ عن لحاظ عينها | بما رنا إليَّ من غزلانها |
ولا عتبتُ عن تثنِّي قدّها | بأن أحالتني على أغصانها |
يا للغواني وقوى فتكاتها | مع ضعفِ ما نغمزُ من عيدانها |
بل لا عجيب ما نراه شيمة ً | من نكثِ قاسيها ومن خوانها |
مع الذي نقِّصَ من حلومها | وضعفتْ ألبابها من شانها |
فقد سرى الغدرُ إلى أفاضل الر | جالِ واستولى على أعيانها |
وضاع ما استسلفَ من ذمامها | بيضَ تناسيها إلى نسيانها |
فسيرة النساء في عشَّاقها | من سيرة الرجال في إخوانها |
وكنتُ عبدَ خير مولى ً علِّقتْ | به المودات عرى أقرانها |
وسارت العيسُ بحسنِ ذكره | منشوطة ً تمرح في أرسانها |
ملهبة ٌ سوقُ الوفاءِ عنده | لا يُخمدُ الجفاءُ من نيرانها |
إذا رأى مكرمة ً مبتاعة ً | غالى بها وزاد في أثمانها |
فغيَّرته شيمٌ مجلوبة ٌ | ما شاور الحفاظَ في إتيانها |
لم أكُ في تحرُّزي أخافهُ | بسيّءِ الظنّ على استحسانها |
صدَّ كأنْ ما ضمَّنا ربعُ هوى ً | تصبو له النفسُ إلى أوطانها |
ولا قرنتُ حبّة َ صبابة ً | لا يطمع العاذلُ في سلوانها |
ولا تدرَّعتُ بوصفِ فضلهِ | في حلبة ٍ برَّزتُ في ميدانها |
بكلِّ متروكٍ لها طريقها | ملقى ً إليها طرفا عنانها |
لا تطمعُ الألسنُ أن تروضها | على قواها أو على بيانها |
خدعتها بالمكرِ حتى نفثتْ | عزيمتي في عقدتيْ شيطانها |
لو قدمت لم يروَ شئٌ غيرها | لكنني أوتيت من حدثانها |
يسمعها قومٌ وليسوا قومها | في زمنٍ وليس من أزمانها |
فماله أخافها بنكثهِ | مع الذي قدَّم من أيمانها |
أما اجتنى لعرضهِ من طيبها | ما تجتنى الروضة ُ من ريحانها |
فقل له على نوى الدار به | وما التوى واشتدّ من أشطانها |
هل أنت عزَّ الملك يوماً عائدٌ | للوصل أم ماضٍ على هجرانها |
وهل صبرت ساليا أو ناسيا | عن حسنها البادي وعن إحسانها |
أما عهودي لكمُ مشيدة ٌ | لا يطمع الهادمُ في بنيانها |
ونحلتي فيكَ كما عرفتها | لم ينتقص كفركَ من إيمانها |
وفي فؤادي لهواك رتبة ٌ | لا يصل العشقُ إلى مكانها |
يستأذنُ الناسُ عليها فمتى | ما حجبوا فادخل بلا استئذانها |
فإن تعدْ تعُدْ إلى خلائق | ما زلتَ محسودا على حسانها |
وطالما شاورتَ نفساً حرّة ً | من همّها المجدُ ومن أشجانها |
تقبَّلتْ سماحها وفخرها | عن طيِّها إرثا وعن شيبانها |
وإن يُحلكَ ما استفدتَ بعدنا | من ورق الدنيا ومن أفنانها |
وإن وقعنا وارتفعتَ طائرا | تطلعكَ السماءُ من أعنانها |
في دولة ٍ لمّا دعيتَ نجمها | كنتَ مدار السعدِ في قرانها |
كسوتها سربالَ مجدٍ لم تكن | تعرفه قبلك في أعوانها |
فسعة ُ الأنفس وانبساطها | يبينُ في العزّة ِ من سلطانها |
وليس إلا الصبرُ والشكرُ على | سلامة ِ الصدور أو أضغانها |
بعدتَ فاعلم أنّ شمسَ بابل | عندي بلونٍ ليس من ألوانها |
تبصرها عيني مذ فارقتها | بمقلة ٍ شخصك في إنسانها |
فما رأتْ مغناك أو تمثَّلتْ | دارك إلا شرقتْ بشانها |
وكيفَ يغنى الفضلُ أو أبناؤه | بريع دارٍ لستَ من سكّانها |
لا نارها نارُ القِرى وإن ورتْ | فليس للجارِ سوى دخانها |
فاسلم قريبا أو بعيدا إنّما ال | علياءُ أنَّى كنتَ في أوطانها |
وراعِ فيَّ همّة ً أهزلتها | بالصدِّ وارجعْ بي إلى إسمانها |
وادللْ على كسبِ العلا في صلتي | عشيرة ً غررتُ في امتحانها |
جرَّبتُ أخرى قبلها ظالمة ً | كنتَ عليَّ أنتَ من أعوانها |
لم يكُ عن قصدٍ ولكن رمتَ لي | ثمارها عن غير ما إبَّانها |
فربَّما غطَّى ارتياض هذهِ | على وقوفِ تلك أو حرانها |
فما تضلُّ أعينٌ عن فقَرى | وأنت تحدوها إلى آذانها |