تمنَّى رجالٌ أن تزلَّ بيَ النعلُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تمنَّى رجالٌ أن تزلَّ بيَ النعلُ | ولم تمش في مجدٍ بمثلي لهم رجلُ |
وعابوا على هجرِ المطامع عفّتي | وللهجرُ خيرٌ حين يزري بك الوصلُ |
وسمَّوا إبايَ الضيمَ كبرا ولا أرى | حطيطة َ نفسي وهي تنهض أن تعلو |
لئن أكلوا بالغيب لحمى فربما | حضرتُ فخان المضغ واستؤنيَ الأكلُ |
وكم دونهم لي من خلائقَ مُرّة ٍ | إذا أنصفوها استثمروها جنى ً يحلو |
يقولون طامن بعضَ ما أنت شامخ | بنفسك إنّ الرُّخصَ غاية َ ما يغلو |
إذا كان عزّى طاردا عنّي الغنى | فلله فقرٌ لا يجاوره الذلُّ |
عليَّ اجتناءُ الفضل من شجراته | ولا ذنبَ إن لم يجنِ حظّا ليَ الفضلُ |
خلقتُ وحيدا في ثيابِ نزاهتي | غريباً وأهلُ الأرض لو شئت لي أهلُ |
وفي الناس مثلي مقترون وإنما | أزاد جوى ً أن ليس في الفضل لي مثلُ |
خفيتُ وقد أوضحتُ نهجَ شواكلٍ | تريد عيوناً وهي للعلم بي سبلُ |
وعلّقتُ بالأسماع كلَّ غريبة ٍ | بأمثالها لم تفترعْ أذنٌ قبلُ |
ولم آلُ في إفهامهم أين موضعي | ولكنّهم دقّوا عن الفهم أو قلّوا |
يريدونني أن أشريَ المالَ سائلا | بعرضي وطيبُ الفرع أن يُحفظ الأصلُ |
ويقبحُ عندي والفتى حيثُ نفسهُ | سؤالُ البخيلِ مثلما يقبحُ البخلُ |
ولي منه إما المنع والعذرُ بعده | يُلفَّقُ مكذوبا أو المنُّ والبذلُ |
أرى الحلمَ أدواني وعوفيَ جاهلٌ | وما العيشُ إلا ما رمى دونه الجهلُ |
صعبتُ فلو ما كان شيء يردّني | إلى السهل ردّتني له الأعينُ النُّجلُ |
ويا قلَّما أعطي الهوى فضلَ مقودي | فإن أعتلقْ حبّا فيا قلَّما أسلو |
وكم تحت درعي باللوى من جراحة ٍ | لعجماءَ ما فيها قصاصٌ ولا عقلُ |
وهيفاءَ يروى الخوطُ عنها اهتزازه | ويسرقُ من ألحاظها لونه الكحلُ |
أشارت وحولي في الظعائن أعينٌ | محاجرها غيظٌ وأفئدة غلُّ |
تخفَّفْ بفيض الدمع من ثقل الجوى | تجدْ راحة ً إن الدموع هي الثّقلُ |
أخوّفها بالخيف ها أنّ دارنا | حرامٌ فمن أفتاكِ أن دمي حلُّ |
دعيني أعش قالت دع الوجد بي إذن | فقلت لها أقررتِ أن الهوى قتلُ |
وواشٍ بها لم تخدع الشوقَ كامناً | رقاهُ ولم يخصم بإغوائه الخبلُ |
تحبَّب في عذلي ليبردَ لوعتي | فبغَّضه أن الهوى جمره العذلُ |
يلوم وسوَّى عنده الناسَ ظنُّه | تبيَّنْ على من لمتني إنها جملُ |
يجرِّب دهري كيف صبري وإنما | يجرَّبُ ما لم يُختبرْ حدُّهُ النصلُ |
تبلَّغْ ببعض الرزق إن عزَّ كلُّه | وتوصلُ رُمّاتٌفيبلغك الحبلُ |
ولولا الفضولُ لم تكن غيرُ حاجة ٍ | إذا الكثرُ لم يسنح لها سدّها القلُّ |
وكنتُ متى استصرختُ نصرة َ صاحبٍ | على ساعة ٍ لا يرتجي غيثها المحلُ |
كفتني يداه في الندى كلَّ طلقة ٍ | مقبَّلة ٍ على مكارمها كلُّ |
وأرفد ظهري أن تشلّ جوانبي | أخٌ ما أخي منه لظهرِ أبي نسلُ |
أخ لاحمت بيني الشُّكول وبينه | لكل فتى من نسج شيمته شكل |
ذهبنا بها حيث الصفاء ولم نكن | لنذهبَ فيها حيث يرسلنا الأصلُ |
أذمَّ ابن أيّوبٍ على ما عقدته | به من جوارٍ ذمَّة ً ليس تنحلُّ |
على اليسر والإعسار كيف احتلبتهُ | ملأتُ وطابى ثم أخلافه حفلُ |
ضمانٌ عليه أنّ عيني قريرة ٌ | تنام وقلبي من وساوسه يخلو |
سليم الوفاء أملسُ العرض لو مشى | ليدرج في أحسابه ما مشى النملُ |
مفدّى ً بأفراد الرجال مفضّلٌ | لمطريه من آثاره شاهدٌ عدلُ |
كأنّ فتيَّ الأقحوانِ على الندى | يشاب بمسكٍ خلقه الباردُ السهلُ |
بليلُ البنانِ يقبض التربَ يابسا | ويفرجُ عنه وهو أخضرُ مبتلُّ |
كأنّ سجاياه ونجحُ عداته | خلقن ولم يُخلقْ نفاقٌ ولا مطلُ |
من القوم لم يستنزلوا عن علائهم | ولم تُغتصبْ منهم دياتٌ ولا ذحلُ |
إذا فُزِّعوا طاروا نفيرا فأكثروا | عديداً وإن نودوا لمطعمة ٍ قلّوا |
نديُّهمُ وهمْ جميعٌ موقَّرٌ | ويومُ الخصام صوتُ فذّهمُ يعلو |
ولا ينطقون الهجر إن أحرجوا له | بأحلامهم عن فحش أقوالهم فضلُ |
يروض الجيادَ والقراطيسَ منهمُ | فوارسُ لا ميلُ السروج ولا عزلُ |
إذا طاعنوا كان الطعانُ بلاغة ً | وإن كاتبوا كان الكتابُ هو القتلُ |
تكهِّلُ أبناءَ الرجال سنوهمُ | وطفلهمُ ما عدَّ من سنة ٍ كهلُ |
علقتك من دهري علوقَ مجرِّبٍ | تعوَّد لا يغلو هوى ً دون أن يبلو |
وأوجبَ نذري فيك أن صار بالغا | تجمعنا ما تبلغ الكتب والرسلُ |
فراقٌ جنى ثم ارعوى فتفرَّقتْ | غيايتهُ وانضمّ من بعده الشملُ |
جرى الماءُ لي مذ أبت بعد جفوفه | وعاد كثيفا بعد ما انتقلَ الظلُّ |
فإن أنا لم أشكر زمانيَ بالذي | شكوتُ فلا عهدٌ لديَّ ولا إلُّ |
وأنّ اليد البيضاء في عنق الفتى | إذا هو لم يجزِ الثناءَ بها غلُّ |
وإن لم أعوِّذ ودَّنا بتمائم | لإيثاقها في عقدِ كلِّ نوى ً حلُّ |
نوافذ ما لا ينفذ السحرُ والرُّقى | قواطع ما لا يقطع السيلُ والرملُ |
ترى العرضَ منها ذا فرائد حاليا | ولو أنه عريانُ من شرفٍ عطلُ |
بداوتها تستصحب الجدَّ كلَّه | وحاضرها طبعٌ يرى أنه الهزلُ |
تزورك منها كلَّ يوم هديَّة ً | هديٌّ متى تعدمْ فليس لها بعلُ |