لو كانَ يرفقُ ظاعنٌ بمشيِّعِ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
لو كانَ يرفقُ ظاعنٌ بمشيِّعِ | ردُّوا فؤادي يومَ كاظمة ٍ معي |
قالوا النَّوى وخرجتُ وهوَ مصاحبي | ورجعتُ وهوَ معَ الخليطِ مودِّعي |
فلأيِّما من مهجتيَّ تأسُّفي | وبأيِّ قلبيَّ الغداة َ تفجُّعي |
لا كانَ يومٌ مثلُ ذاكَ لآئبِ | بجوى ً ولا غادٍ سرى لمْ يمتعِ |
يومٌ يعدُّ الجلدُ كلُّ ملاوذٍ | منهُ ويعذبُ فيهِ ملحُ الأدمعِ |
أنشأتُ أسمي فيهِ غيرُ نشيدتي | منْ حيرة ٍ وأرودُ غيرَ المنجعِ |
أطاُ الكرى متململاً وكأنَّني | لهباً وقعتُ على حرارة ِ أضعلى |
هلْ يملكُ الحادي تلُّمُ ساعة ً | إنَّ البطيءَ معذبٌ بالمسرعِ |
أمْ هلْ إليهِ رسالة ٌ مسموعة ٌ | عنِّي فينصتَ للبليغِ المسمعِ |
روِّحْ بذي سلمٍ على متأخِّرٍ | يبغي اللَّحاقَ وإنْ أبيتَ فجعجعِ |
وتوخَّها في التَّابعينَ مثوبة ً | إنَّ المشوقَ إذا تخلَّفَ يتبعِ |
الشّمسُ عندكَ في الخدودِ وعندنا | شمسٌ إذا متعَ الضحى لمْ تنصعِ |
فتَّ العيونَ بها فهلْ في ردِّها | طمعٌ فكيفَ لنا بآية ٍ يوشعِ |
نمْ نومة َ اليأسِ القريرة َ إنْ أوى | جنبٌ يقلِّبهُ فراقُ المضجعِ |
واعلمْ بأنَّكَ إنْ رأيتَ فلنْ ترى | يوماً كأمسكَ في الزَّمانِ الأجرعِ |
فوراءِ عهدك بالنَّخيلهِ جونة ٌ | بهماءَ تلعبُ بالمحبِّ الموجعِ |
تعمى على بصرِ الدَّليلِ فجاجها | تيهاً فتخرتُ بالبروقِ اللُّمَّعِ |
ركبتْ بها عجلى ترى منْ سوطها | أفعى متى ونتِ الرَّكائبِ تلسعِ |
ورهاءَ ما نفضتْ يداً منْ حاجرٍ | إلاّ وقدْ غمستْ يداً في لعلعِ |
لمْ تألفِ البيداءَ قبلَ جنونها | منْ ذاتِ خفٍّ أو تطيرَ بأربعِ |
إنْ شاءَ بعدهمُ الحياءَ فلينسكبْ | أو شاءَ ظلُّ غمامة ٍ فليلقعِ |
فمقيلُ جسمي في ذبولِ ربوعهمْ | كافٍ وشربي منْ فواضلِ أدمعي |
كرمتْ جفوني في الدِّيارِ فأخصبتْ | فغنيتُ أنْ أردِ الدِّيارَ وأرتعي |
فكأنَّ دمعي مدَّ منْ أيدي بني | عبدِ الرَّحيمِ ومائها المتنبِّعِ |
وسهرتُ حتّى ما تميِّزُ مقلتي | فرقانَ مغربِ كوكبٍ منْ مطلعِ |
فكأنَّ ليلي معْ تفاوتَ طولهِ | أسيافهمْ موصولة ً بالأذرعِ |
لا يبعدنَّ اللهَ دارَ معاشرٍ | مذْ جمَّعوا شملَ العلا لمْ يصدعِ |
حملوا العظائمَ ناهضينَ بأنفسٍ | لمْ تنقبضْ وكواهلٍ لمْ تظلعِ |
مترادفينَ على الرِّياسة ِ أقعدوا | منها على سيساءِ ظهرٍ طيَّعِ |
لمْ يزلقوا في ظهرها قدماً ولا | عثروا بها متعوِّذينَ بدعدعِ |
داسوا الزَّمانَ فذلَّلوا أحداثهُ | بأخامصٍ فوقَ الأضالعِ وقَّعِ |
متسلطينَ على جسامَ امورهِ | وثبَ الأسودِ على البهامِ الرُقَّعِ |
أنفوا منَ الأطرافِ والأوساطِ فاس | تلبوا العلاءَ منَ المكانِ الأرفعِ |
تعطيهمُ آراؤهمْ وسيوفهمْ | كفَّ الزَّمانِمنَ المخوفِ المفزعِ |
ولدوا ملوكاً فالسِّيادة ُ فيهمُ | مطبوعة ٌ لمْ تكتسبْ بتطبُّعِ |
للشَّيخِ والكهلِ المرجَّحِ منهمُ | ما للموشَّحِ والصغيرِ المرضعِ |
لكنْ عميدُ الدَّولة ِ الشَّمسُ التي | عنتِ النُّجومُ لنورها المتشعشعِ |
سبقَّ الأوائلَ فاستبدَّ بشوطهِ | متهملاً والسبقُ للمتسرِّعِ |
ورأى نجابة َ منْ تأخَّرَ منهمُ | عنهُ فقالَ الحقْ نشاوى واتبعِ |
فضلوا بهِ ولكلِّ ساعٍ منهمُ | مجدٌ فضيلة َ غالبٍ بمجمَّعِ |
منْ ناقلٍ صدقَ الحديثِ معوَّدٍ | حفظَ الأمانة َ للصَّديقِ المودعِ |
يطوي الطَّريقَ نشيطة ً حركاتهُ | للصَّعبِ منها والذّليلِ الطيَّعِ |
تتجمَّعُ الحاجاتُ عندَ نجاحها | للمرسلينَ بشملهِ المتوزِّعِ |
ما بينَ وقتِ رحيلهِ وإيابهِ | إلاَّ مسافة ُ مثلثٍ أو مربعِ |
حتَّى ينيخَ بثقلهِ وبضيفهِ | بالمستخفِّ وبالوهوبِ الموسعِ |
فيقولُ عنِّي للوزيرِ وربما | تردُ الرِّسالة ُ منْ سوايَ فلا يعي |
كمْ تأخذُ الأشواقُ منْ جلدي وكمْ | قلقي بحملِ فراقكمْ وتروُّعي |
وإلامَ طولُ رضايَ بالميسورِ منْ | حظِّي وفرطُ تعفُّفي وتقنُّعي |
طيانَ أبغي الوفدَ بينَ معاشرٍ | حبُّ العلا في دينهمْ لمْ يطبعِ |
يا ضلَّتي ما قمتُ أطلبُ عندهمء | رزقاً عداكَ ويا سفاهة َ مطمعي |
ومنَ العناءِ وأنتَ ساكنُ موضعٍ | طلبُ العلا في غيرِ ذاكَ الموضعِ |
وهبَ النَّوالَ على العبادِ مكايلي | منْ راحتيكَ بمفعمٍ وبمترعِ |
ونداكَ مثلُ الطَّيفِ يخرقُ جانباً | عرضَ الفلا حتَّى يجاسدَ مضجعي |
فجمالُ أيَّامي بحضرتكَ التي | هي منيتي يومَ الفخارِ ومفزعي |
وجلاءُ طرفي وانبعاثُ خواطري | ما بينَ مرأى منْ عداكَ ومسمعِ |
حظٌّ لعمركَ لا اعتياضَ لناظري | منهُ ولا لفؤادي المتصدِّعِ |
يا غائباً غدتِ الوزارة ُ بعدهُ | شلوَ الفريسة ِ في الذئابِ الجوَّعِ |
تتدافعُ الأيدي الضِّعافُ بثقلها | بهراً وما في صدرها منْ مدفعِ |
وضعَ اسمها في كلِّ معنى ً حائلٍ | نابٍ لها ولمثلها لمْ يوضعِ |
يسمى بها منْ لمْ يكنْ يسمو لها | غلطاً ويطمعُ كلُّ منْ لمْ يطمعِ |
تدعو مغوِّثة ً بمالكِ رقِّها | منْ بينِ قبضتِ غاصبٍ أو مدَّعي |
فاسئلْ أسودُ الغابِ كيفَ تفسَّحتْ | للشاءِ عنْ هذا العرينِ المسبعِ |
ما قمتمُ عنها وفيها متعة ٌ | وأبيكمُ للجالسِ المستمتعِ |
والملكُ مذْ أهملتموهُ بيضة ٌ | لمْ يحملها أنِفٌ وسرحٌ ما رعي |
مازالَ يسري الدَّاءُ في أعضائهِ | أو ماتَ أو إنْ لمْ يمتْ فلقدْ نعي |
يفديكَ منهمُ نائمٌ عنْ رشدهِ | أو حاسدٌ لكَ ساهرٌ لمْ يهجعِ |
متصوبِ القدمينِ خفَّاقُ الحشا | في حيثِ يثبتُ للقنا المتزعزعِ |
يعطي الرياسة َ قابضاً أو باسطاً | خرقاءَ كيفَ تصرَّفتْ لمْ تصنعِ |
جعلَ الوعيدَ على العبادِ سلاحهُ | ووعيدهِ شنٌّ بكفِّ مقعقعِ |
غضبانَ أنَّكَ سالمٍ منْ كيدة ٍ | غضبَ الفرزدقَ منْ سلامة ِ مربعِ |
تتلى صفاتكَ وهوَ يعجبُ سادراً | عجبُ الجبانِ منَ الكميِّ الأروعِ |
ولئنْ عظمتَ وقلَّ أنْ تفدى بهِ | فالعينُ تقذى مرَّة ً بالإصبعِ |
عدني بقربكَ إنَّهُ منْ فاتهُ | إدراكُ حظٍّ عاشَ بالمتوقَّعِ |
وامددْ إليَّ يداً لو أنَّكَ في السُّها | وعلى الثَّرى أهلي لنالتْ موضعي |
بيضاءَ خضراءُ النّضدى أغدوا بها | أبداً رطيبَ التُّربِ سبطَ الأربعِ |
تجري بسدَّة ِ خلَّتي أقلامها | تملى المضاءَ على السُّيوفِ القطَّعِ |
واسمعْ على بعدِ الدِّيارِ وقربها | مثلَ القراطِ تعلُّقاً بالمسمعِ |
غرراً بكاراً أسلمتْ لي عذرها | لو لمْ أكنْ فحلاً لها لمْ تفرعِ |
ممّا اصطفيتكَ في الشَّبابِ وشائباً | منْ صفوتيهِ بمقرحٍ وبمجذعِ |
وجعلتهُ لكَ أو لقومكَ نحلة ً | لولايَ أو لولاكمُ لمْ تشرعِ |
أحوي أراقمهُ بفضلِ تلطُّفي | فيعي وأخدعُ منهُ ما لمْ يخدعِ |
أرسلتهُ طلقَ السِّهامِ إذا استوتْ | لمْ تنعرجْ وإذا مضتْ لمْ ترجعِ |
فبقيتَ لي ولهُ وآية ُ معجزي | لولاكَ في إظهارهِ لمْ تصدعِ |
ماكرَّ يومٌ عائدٌ بصباحهِ | ورواحهِ منْ مغربٍ أو مطلعِ |
وتحالفتْ في العربِ أو في فارسٍ | أعيادها في تالدٍ ومفرَّعِ |