إذا عمّ صحراءَ الغميرِ جدوبها
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
إذا عمّ صحراءَ الغميرِ جدوبها | كفى دارَ هندٍ أنَّ جفني يصوبها |
وقفتُ بها والطرفُ مما توحشتْ | طريدُ رباها والفؤادُ جذبيها |
و قد درستْ إلا نشايا عواصفٌ | من الريح لم يفطنْ لهنّ هبوبها |
خليليَّ هذي دار أنسى وربما | يبينُ بمشهودِ الأمور غيوبها |
قفا نتطوعْ للوفاء بوقفة ٍ | لعلّ المجازي بالوفاء يثيبها |
فلا دارَ إلا أدمعٌ ووكيفها | و لا هندَ إلا أضلعٌ ووجيبها |
و عيرتماني زفرة ً خفَّ وقدها | ملياً وعيناً أمس جفتْ غروبها |
فإن تك نفسي أمس في سلوة ٍ جنتْ | فقد رجع اليومَ الهوى يستتيبها |
و إن يفنِ يومُ البين جمة َ أدمعي | فعند جفوني للديار نصيبها |
تكلفني هندٌ إذا التحتُ ظامئا | أمانيَّ لم تنهزْ لريًّ ذنوبها |
و أطلبُ أقصى ودها أن أنالهُ | غلاباً وقد أعي الرجالَ غلوبها |
بمنعطف الجزعين لمياءُ لو دعتْ | بمدينَ رهباناً صبتْ وصليبها |
إذا نهض الجاراتُ أبطأَ دعصها | بنهضتها حتى يخَّ قضيبها |
تبسمُ عن بيضٍ صوداعَ في الدجى | رقاقٍ ثناياها عذابٍ غروبها |
إذا عادتِ المسواكَ كان تحية ً | كأنّ الذي مسّ المساويكَ طيبها |
و كم دون هندٍ رضتُ من ظهرِ ليلة ٍ | أشدَّ من الأخطارِ فيها ركوبها |
فنادمتها والخوفَ تروي عظامها ال | مدامُ ويروي بالبكاء شريبها |
إذا شربتْ كأسا سقتني بمثلها | من الدمع حتى غاض دمعي وكوبها |
حمى اللهُ بالوادي وجوها كواسيا | إذا أوجهٌ لم يكسَ حسنا سليبها |
بواديَ ودَّ الحاضرون لو أنها | مواقعُ ما ألقتْ عليه طنوبها |
إذا وصفَ الحسنَ البياضُ تطلعتْ | سواهمُ يفدي بالبياض شحوبها |
و لله نفسٌ من نهاها عذولها | و من صونها يوم العذيبِ رقيبها |
لكلَّ محبًّ يومَ يظفرُ ريبة ٌ | فسلْ خلواتي هل رأت ما يريبها |
إذا اختلطت لذاتُ حبًّ بعارهِ | فأنعمها عندي الذي لا أصيبها |
و ساء الغواني اليومَ إخلاقُ لمتى | فهل كان مما سرهنّ فشيبها |
سواءٌ عليها كَثُّها ونسيلها | و ناصلها من عفتي وخضيبها |
و تعجبُ أن حصتْ قوادمُ مفرقي | و أكثر أفعالِ الزمانِ عجيبها |
و من لم تغيره الليالي بعدهِ | طوالَ سنيها غيرته خطوبها |
إذا سلَّ سيفُ الدهر والمرءُ حاسرٌ | فأهون ما يلقي الرؤسَ مشيبها |
يعدد أقوامٌ ذنوبَ زمانهم | فمن لي بأيامٍ تعدُّ ذنوبها |
يقولون دارِ الناسَ ترطبْ أكفهم | و منْ ذا يداري صخرة ً ويذيبها |
و ما أطمعتني أوجهٌ بابتسامها | فيؤيسني مما لديها قطوبها |
و في الأرض أوراقُ الغنى لو جذبتها | لرفَّ على أيدي النوال رطيبها |
إذا إبلي أمستْ تماطلُ رعيها | فهل ينفعني من بلادٍ خصيبها |
عذيريَ من باغٍ يودّ لنفسهِ | نزاهة َ أخلاقي ويمسي يعيبها |
إّذا قصرتْ عني خطاه أدبَّ لي | عقاربَ كيدٍ غيرُ جلدي نسيبها |
و من أملي في سيد الوزراء لي | مطاعمُ يغني عن سواها كسوبها |
إذا ما حمى مؤيدُ الملكِ حوزة ً | من الصمَّ يقدرْ عليها طلوبها |
عليَّ ضوافٍ من سوالفِ طولهِ | يجررُ أذيالَ السحاب سحوبها |
و عذراءَ عندي من نداهُ وثيبٍ | إذا جليتْ زانَ العقودَ تريبها |
عوارفُ تأتي هذه إثرَ هذه | كما رافدتْ أعلى القناة ِ كعوبها |
إذا عددَ المجدُ انبرينَ فوائتا | عقودَ البنانِ أن يعدَّ حسيبها |
حلفتُ بمستنَّ البطاحِ وما حوتْ | أسابيعها من منسكٍ وحصيبها |
و بالبدنِ مهداة ً تقادُ رقابها | موقفة ً أو واجباتٍ جنوبها |
لقام إلى الدنيا فقام بأمرها | على فترة جلدُ الحصا وصليبها |
و غيرانُ لا يرضيه إصلاحُ جسمه | بدارٍ إذا كان الفسادُ يشوبها |
وقاها من الأطماع حتى لو أنه | جرى الدمُ فوق الأرض ما شمَّ ذيبها |
و مدّ عليها حامياً يدَ مشبلٍ | له عصبة ٌ بعدَ النذير وثوبها |
يدٌ كلُّ ريح تمتري ماءَ مزنها | فما ضرها ألاَّ تهبَّ جنوبها |
أرى شبههُ الأيامَ عادتْ بصيرة ً | و مذنبها قد جاءَ وهو منيبها |
و ذلتِ فأعطاها يدَ الصفح ماجدٌ | إذا سيلَ تراكُ الذحولِ وهوبها |
لكَ اللهُ راعي دولة ٍ ريعَ سرحها | و راح أمام الطاردين عزيبها |
طوتْ حسنها والماءُ تحت شفاهها | غراثاً وأدنى الأرض منها عشيبها |
إذا ما تراغت تقتضي نصرَ ربها | فليس سوى أصدائها ما يجيبها |
و قد غلب الطالينَ عرُّ جلودها | و فاتت أكفَّ الملحمينَ نقوبها |
لها كلّ يوم ناشدٌ غير واحدٍ | تقفيَّ المنى َ آثارها فيخيبها |
و مطلعٌ يقلي طريقَ خلاصها | فيمعي عليه سهلها وحزيبها |
نفضتَ وفاضَ الرأي حتى انتقدتها | و ما كلُّ آراءِ الرجالِ مصيبها |
محملة ً من ثقلِ منكَ أوسقاً | ينوء بها مركوبها وجنيبها |
فعطفاً عليها الآنَ تصفُ حياضها | و تقبلْ مراعيها وتدملْ ندوبها |
فما رأمتْ أبواءها عند مالكٍ | سواك ولا حنتْ لغيرك نيبها |
تسربل بأثوابِ الوزارة إنها | لك انتصحتْ أردانها وجيوبها |
و قد طالما منيتها الوصلَ معرضاً | و باعدتها من حيث أنتَ قريبها |
و منَ يك مولاها الغريبَ وجارها | فأنت أخوها دنية ً ونسيبها |
بلطفك في التدبير شابَ غلامها | على السيرة المثلى َ وشبَّ ربيبها |
و قد ضامها قبلُ الولاة ُ وقصرتْ | قبائلها عن نصرها وشعوبها |
فداك وقد كانوا فداءك منهمُ | جبانُ يدِ التدبير فينا غريبها |
رمى بك في صدر الأمور ولم يخفْ | فلولَ ينوبِ الليثِ من يستنيبها |
حملتَ له الأثقالَ والأرضُ تحته | و راعيته لما علته جنوبها |
و آخرُ أرخى للنعيم عنانهُ | أخو الهزلِ ممراحُ العشايا لعوبها |
تزحرفتِ الدنيا فصبا لها | مقارضة ً يخشى غداً ما ينوبها |
و كان فتى أيامهِ وابنَ لينها | و أنت أبوها المتقي ومهيبها |
و قاسٍ كأنَّ الجمرَ فلذة ُ كبده | يرى بالدماءِ نحلة ً يستذيبها |
مخوفُ نواحي الخلقِ عجمٌ طباعهُ | إذا عولجت مرُّ اللحاظِ مريبها |
إذا همَّ في أمرٍ بعاجلِ فتكة ٍ | على غرارٍ لم يلتفتْ ما عقيبها |
و ذو لوثة ٍ مناهُ سلطانُ رأيه | منى ً غرهُ محداجها وكذوبها |
و لم يك ذا خيرٍ فشاورَ شرهُ | و ما الشرُّ إلا أرضُ تيهٍ يجوبها |
يواثب من ظهرْ الوزارة ريضاً | زلوقاً وقد أعيا الرجالَ ركوبها |
و مدّ بكفَّ العنفِ فضلَ عنانها | فعادتْ له أفعى حداداً نيوبها |
رمى الناس عن قوسٍ وأعجبُ منْ رمى | يدٌ أرسلتْ سهما فعادَ يصيبها |
توقَّ خطاً لم تدرِ أين عثارها | فكم قدمٍ تسعى إلى ما يعيبها |
و لا تحسبنْ كلَّ السحابِ مطيرة ً | فحاصبها من حيث يرجى صبيبها |
و كم أصرمتْ تحت العصائب لقحة ٌ | و درتْ لغير العاصبين حلوبها |
أبى اللهُ أن يشقي بك اللهُ أمة ً | أردتَ بها سقما وأنت طبيبها |
تطأطأْ لمنْ قمتَ نالك جالسا | فما كلُّ أولادِ الظنونِ نجيبها |
فقد دانت الدنيا لربَّ محاسنٍ | محاسنُ قومٍ آخرين عيوبها |
فيا ناظماً عقدَ الكلام تمله | و يا ناشر النعماءِ حياكَ طيبها |
إذا الأنفس اختصتْ بحبَّ فضيلة ٍ | سموتَ بنفسٍ كلُّ فضلٍ حبيبها |
توافقَ فيك الناسُ حباً وأمطرتْ | بشكرك سحبُ القولِ حتى خلوبها |
ملكتَ مكانَ الودّ من كلّ مهجة ٍ | كأنك لطفاً في النفوس قلوبها |
إذا الشمس لم تطلعْ علينا وأمرنا | بكفك معقودٌ فدامَ مغيبها |
أنا العبدُ أعطتك الكرامة ُ رقهُ | و جاءت به عفوا اليك ضروبها |
رفعتَ بأوصافي طريفاً وتالداً | كواكبَ لي عمَّ البلادَ ثقوبها |
و ميزتني حتى ملكتُ بوحدتي | نواصيَ هذا القولِ يضفو سبيبها |
و كم أملٍ أسلفتُ نفسي ودعوة ٍ | قنطتُ لها واللهُ فيك مجيبها |
بلغتُ الأماني فيك فابلغ بيَ التي | تنفسُ نفساً ملءُ صدري كروبها |
و للدهر في حالي جروحٌ وإنه | بلحظك إن لاحظتَ يوسي رغيبها |
و مهما تعرْ من نعمة ٍ فجزاؤها | على الله ثمَّ الشعرُ عن يثيبها |
بكلّ شرودٍ يقطعُ الريحَ شوطها | و يسري أمامَ الغاسقات دبوبها |
تزمُّ ليَ الأصواتُ يومَ بلاغها | إذا ما علا أعوادَ شعرٍ خطيبها |
يروقكَ منها جزلها وحميسها | إذا راقَ من أبياتِ أخرى نسيبها |
ترى الناسَ خلفي يلقطونَ بديدها | و يعجبهم من غير كدًّ غصوبها |
جواهرُ لي تصديفها من بحورها | صحاحاً وللعادي المغيرِ ثقوبها |
يمرُّ بها لا بائعا يستحلها | بملكٍ ولا مستوهبا يستطيبها |
بقيتَ لها مستخدما حبراتها | و منتقداً ما حرها وجليبها |
موسعة ً أيامُ ملككَ معوزاً | على الحادثاتِ أن يضيقَ رحيبها |
و أعداكَ من شمسِ النهار خلوها | و إشراقها لكن عداك غروبها |