ظنَّ غداة َ الخيف أن قد سلما
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
ظنَّ غداة َ الخيف أن قد سلما | لما رأى سهما وما أجرى دما |
فعاد يستقري حشاه فإذا | فؤاده من بينها قد عدما |
لم يدرِ من أين أصيبَ قلبه | وإنما الرامي درى كيف رمى |
يا قاتلَ الله العيونَ خلقتْ | جوارحاً فكيف صارت أسهما |
وراميا لم يتحرَّجْ من دمي | مقتنصا كيف استحلَّ الحرما |
أودعني السُّقم ومر هازئا | يقول قم فاستشفِ ماءَ زمزما |
ولو أباح ما حمى من ريقه | لكان أشفى لي من الماء اللَّمى |
يا بأبي ومن يبيعُ بأبى | على الظما ذاك الزَّلالَ الشَّبما |
كأنّما الصهباءُ في كافوره | سحرية ٌ وجلَّ عن كأنَّما |
يا نافض البطحاء يبغى خبرا | إن هو أدّاه إليّ غنما |
سل بانة الوادي إذا تأوّدت | عن ظبية من القضيبُ منهما |
وأين سكّانالحمى من ولهي | بعدهمُ سقيا لسكّان الحمى |
توهّموا أن الفراقَ سلوة ٌ | عنهم فلا أحللتُ من توهَّما |
وأنَّ عيني ملئت من غيرهم | إذ منعوا إذنْ رأت عيني العمى |
قالوا توخَّ الأجرَ واصبر طامعا | والحظ في الهيفاء مع من أثِما |
لام ولا يعلمُ فيها ناصحُ | مجتهدٌ أغرى بها لو علما |
قال اكنِ عنها فاسمها علامة ٌ | رضيتُ فيها أن أكون علما |
اضممُ يدا على الحبيب ما وفى | ضميره واصلَ أو تصرَّما |
ولا تدعْ حلَّة َ يومٍ لغدٍ | يأتي بأخرى فالهوى ما قدما |
قد غمزَ الدهرُ بنابيه على | عودي فلا خرَ ولا تحطَّما |
وفرَّني ريبُ الزمان قارحا | وجذعاً فما أطعتُ اللُّجما |
يحكم في حظِّي ما شاءَ فإن | مرَّ بعرضي لم أكن محكَّما |
لم تأكل الأيام وفري عسلا | إلا رأت مضغة َ لحمي علقما |
حملتُ مجبوبَ الجنوب ظالعا | منها الذي أعيى الجلالَ المقرما |
إذا أتى اليومُ بشرٍّ عابسٍ | لقيتهُ منافقا مبتسما |
خبرتُ حظّي فسواءٌ سفه ال | دهرُ عليّ عامداً أو حلما |
وكيف يرجى النَّصفُ من محكَّم | يعرفُ إلا العدلَ فيما قسما |
ومن كريم الصبر عندي أسوة ٌ | بمعشرٍ يعلمون الكرما |
هم طرقوا بسودها وحمرها | نوائباً خرساً وخطبا أعجما |
فلم يكن للريح وهي عاصف | أن تستلينَ منكبيْ يلملَما |
تسربلوا الحزم لها واتخذوا | فيها العزاءَ للعلاء سلَّما |
وأقبلوها أوجها بائحة | بالبشر فيها ونفوسا كتُما |
حتى رأى الأعداءُ فيما سلبوا | من نعمٍ أن قد أفيدوا أنعما |
أسرة مجدٍ لا يرونَ فائتا | من وفرهم والعرضُ باقٍ مغرما |
كأنّ ما ينقص من أعدادهم | ومالهم زيَّدهم وتمَّما |
إن مات منهم سيَّدٌ قام له | منهم شبولٌ يخلفون الضَّيغما |
تزاحموا على العلا واقترعوا | على الندى فانتصفوه أسهما |
وارتكضوا يجنِّبونَ الأسدَ في ال | غاباتِ أو يبخِّلون الدِّيما |
كلُّ غلام ذاهبٌ بنفسه | حيثُ مضى المجدُ به ويمَّما |
إذا أبى طارت به حميَّة ٌ | علويَّة ٌ أقربُ برجيها السما |
فإن خبت شمسُ نهارٍ منهمُ | غطُّوا الدجى أهلّة ً وأنجما |
أراكة ٌ عبد الرحيم عرقها | ثمَّ زكى الفرعُ الكريمُ ونمى |
وكان من ثمارها لما علت | أبو المعالي مورقا ومطعما |
كان فتاها مرضعا وكهلها | مثغَّرا وشيخها محتلما |
وتاجها المعصوبَ وسوارها | إن رفعتْ رأسا ومدّت معصما |
صبا لأصوات العفاة سمعه | كأنما يؤنس منها نغما |
واستصغروا الدنيا فلو جاد بها | موهوبة ً لم يعتقبها ندما |
أوجعُ من ضمٍّ على جمر الغضا | في حسّه كفٌّ تضمُّ درهما |
تعلَّم النسيمُ من أخلاقه | حتى صفا والغيثُ حتى كرُما |
لو أسخطتك يده وحوشيتْ | أرضاك أو زادك وجها وفما |
إذا افتقدتَ نصره لغاية ٍ | داس لها النار وخاضَ الفحما |
لله أنتَ مقبلا على الندى | بوجهه والدهرُ قد تجهَّما |
وقائما فداعما بيده | ماثلَّ من عرش العلا وهدما |
أجدبتِ الحال فلم تأسَ غنى ً | نفسٌ أكنتَ واجدا أو معدما |
أو لم تسعْ مالا فأوسعتَ به | بشرا فكنتَ مانعا ومنعما |
وخبثتْ سرائرٌ فلم تكن | لله في تدبيره متَّهما |
لا جرما وإن ذوتْ دولتكم | لترجعنَّ غضَّة ً لا جرما |
لا بدّ أن يجمع حظٌّ شاردٌ | ضلَّ وان يقلعَ دهرٌ أجرما |
وأن تحنَّ نعمة ٌ قد فارقتْ | أوطانها حتى تعودَ أنعما |
إذا سلمتم أنفسا وحسبا | فقد سلمتم نشبا ونعما |
فإن أصاب فرصة ً بشمتهِ | عدوُّكم فطالما قد رغما |
توقَّعوا عودَ إيابِ عزّكم | وليتوقَّع غيظه المضرَّما |
كأنني من خلل الغيبِ أرى | شمسَ الضحى تفتقُ هذي الظُّلما |
عيافة ٌ ما كذبتني فيكمُ | قطّ ولا زجرتُ منها أشأما |
وواعدٌ من الأماني لم يكن | خالا ولا ضاغثتُ منه حلما |
فاسمع لها بشارة ً من صادقٍ | صحّ على السَّبر لكم وسلما |
لم يزوِ وجها عنكمُ وقد هفا ال | دَّهرُ بكم ولا أزلَّ قدما |
ولا ونى مكاشفا عدوُّكم | بمدحكم معْ كونه محتشما |
لا يرهبُ القاهرَ من سلطانه | ولا يبالي سيفه المنتقما |
وكيف أخشى الأمرَ واللهُ معي | يعلم أنّى فيه أرعى الذمما |
وحرّة من الكلام سهلة | ليست على كلّ فمٍ تكلَّما |
يحذرُ منها العصمُ فرطَ خدعي | يا للرجالِ من يحطُّ العصما |
أشقى بمعناها ويحظى معشرٌ | ينتحلون اسما لها مقتسما |
هل نافعٌ لي حسنُ إفصاحي بها | إذا غدا حظّي بها مجمجما |
جاءتك في حبيرة ٍ تسحبها | سحبَ اليماني برده المسهَّما |
فاجتليها كما اجتليتَ قبلها | بكرا فضضتَ عذرها وأيِّما |
يلقاك وجهُ المهرجان سافرا | عنها ويلقَ معشرا ملثَّما |
واسلم لألفٍ مثلها في مثله | تعدُّها مواليا منتظما |