وجد الجميمَ فعافه وتبقَّلا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وجد الجميمَ فعافه وتبقَّلا | وجرى له الوادي فصدَّ وأوشلا |
ورأى الكثير مع المذلّة هادما | حسبَ الكريم وعرضه فتقلَّلا |
يا ضلَّ تغرير الحريص بنفسه | وهوى المطامع ما أرقَّ وأخملا |
يلحى على البخل الضنينُ بمالهِ | أفلا تكونُ بماء وجهك أبخلا |
أكرمْ يديك عن السؤال فإنما | قدرُ الحياة أقلُّ من أن تسألا |
وإذا نزعتَ إلى أرومة ِ مخصبٍ | زاكٍ فصنْ أغصانها أن تبذلا |
ولقد أضمُّ إليَّ فضلَ قناعتي | وأبيتُ مشتملا بها متزمّلا |
وأرى الغدوَّ على الخصاصة شارة ً | تصف الغنى فتخالني متموِّلا |
وإذا امرؤ أفنى اللياليَ حسرة ً | وأمانياً أفنيتهنَّ توكُّلا |
قعد المدجَّج وانيا عن نصرتي | فعلامَ أنتصر الألفَّ الأعزلا |
لو أنَّ من ملك النوالَ حلا له | عزُّ القناعة ِ جاءني متنوِّلا |
الناسُ عندك من يكن أغنى يدا | فيهم وإن لم تعطِ كان الأفضلا |
والعارُ كلّ العارِ في أديانهم | أن يقتر الرجلُ الشريفُ ويُرملا |
اصنع لهم ملقا كما يرضونه | وتنحَّ عنهم سامريّاً قلقلا |
كم صاحبٍ والنارُ لي في قلبه | خالبتُ بارقَ وجهه المتهلّلا |
وأريته أنّي وإيّاه يدٌ | مع أختها فيما أهمَّ وأعضلا |
فإذا ظفرتَ من الزمانِ بماجدٍ | فأنخْ إليه وكنْ عليه معوِّلا |
واشددْ يديك بودِّه واقنع به | سكناً كما سكن العلاءُ إلى العلا |
نقل الرياسة َ كابرا عن كابرٍ | قرمٌ إذا عثر العجولُ تمهَّلا |
وإذا الملوكُ تدارست أنسابها | ألفيته فيها المعتم المخولا |
في ذروة الشرفِ التي لو حلَّها | سعدُ الكواكب لم يُرد متحوَّلا |
بيتا عتيقاً في السماء بناؤه | قدما ومجدا كسرويّا أوّلا |
جارى مساعيهم وجاء مبرِّزا | فرعٌ أبرَّ على الأصول وأفضلا |
أقسمت بالمتمطِّراتِ شوائلا | يذرعن بالأعضادِ أدراجَ الفلا |
ينصبن للإشخاص حولاً عوَّدا | مثل الذكيِّ يرى الخفيَّ المشكلا |
عوج الرقاب كما اعترضتَ أهلَّة ً | صمّ الرءوس كما قرعتَ الجندلا |
من كلِّ تاركة ٍ ولم تعطف له | بوّا وطارحة ٍ بمضيعة سلا |
يحملن أشباهَ العصيّ تجنّبوا | لغوا الحديث مكبّرا ومهلّلا |
لا يفرقون مكدِّرا صعدت به | لهم الدلاءُ إذا استقوا أم سلسلا |
يرجون من أيّام مكة ساعة ً | إدراكها أو أن تفوت كلا ولا |
لو لم تعوِّذْ نسلها أمُّ العلا | بأبي عليٍّ أوشكت أن تثكلا |
وجهٌ كما وضح النهارُ وهمَّة ٌ | أمرتْ نجومَ الليل أن تتزيَّلا |
وكفاية ٌ تقضى الملوكُ أمورهم | بنفاذها أخذا بها وتقبُّلا |
وإذا الخطوبُ تقلَّبت أحوالها | وجدوه فيها القُلَّبيَّ الحوَّلا |
يبرى لهم ويريشُ من آرائه | سهما إذا علقِ الرميّة َ أشكلا |
وتنوبُ عن بيض الظُّبا في كفِّه | سودُ المضاربِ لا تكذِّبُ مقتلا |
تمضى أذيّتها إذا هي جُرِّدتْ | في حيث لا تجدُ السيوفُ توغُّلا |
من كل خاوى الصدرِ أجوفَ لو رمى | بلعابه الصخرَ الأصمَّ لزلزلا |
يتناول الغرضَ البعيدَ ولم يرمْ | وطنا ولم يقطع لسيرٍ منزلا |
يمضي وريقتهُ المدادُ وينثى | وقد استعاض مكانها ماءَ الطُّلى |
سمَّوه بالعاداتِ في أمثاله | قلماً ولولا الظلمُ سمِّيَ منصلا |
تعبَ الرجالُ مراهنين وراءه | فتناكصوا لا يلحقون الشمألا |
يفديك معتلُّ المكارمِ جوده | قولٌ إذا ما أنت قلتَ لتفعلا |
ومزنَّد الكفّين غاية ُ رأيه | عجزٌ وغاية وعده أن يمطُلا |
أنا من أسرَّ لك المودّة َ قلبه | وطوى لذاك لسانه متجمّلا |
ورأى بقربك ما يرى بحبيبه | صبُّ الفؤاد شفاؤه أن يوصلا |
وإذا ذكرتَ له تحفّزَ قلبه | طربا إليك ومرَّ نحوك مجفلا |
ورأى جنابك للفضائلِ روضة ً | أنفا ودارك للمكارم موثلا |
وصوارف الحظّ القصير تعوقه | من طالبٍ إعجالَ أمرٍ أجِّلا |
وأظنّ إصرارَ الزمان قد ارعوى | شيئا ومعرضَ وجهه قد أقبلا |
وأظنّ أنّ محاسنا سأرودها | نظرا وتجريها لديّ تفضُّلا |
وأبيت أعلق من يديك مودّة ً | تأبى مرائرُ فتلها أن تسحلا |
وتسير فيك مع الرياح شواردٌ | لا يأتلين إقامة ً وتنقُّلا |
يحملن عرضك كلّما أدّينه | في منزلٍ عطَّرن منه المنزلا |
موسومة ً بعلاك فوق جباههم | ما ضاع شعرُ الخاملين وأُغفلا |
ومصونة ٍ منهنّ قد أعجلتُها | لك لم تكن لولا هواك لتبذلا |
قدّمتُ بين يديّ عندك جاهها | قبل اللقاء ممهَّدا ومؤثَّلا |
ومنحتُ جيدَ المهرجان قلادة ً | منها فحلَّتهُ وكان معطَّلا |
فاستجله فيها وقلْ من بعده | ما كان أحسنها عليه وأجملا |
وتملَّه ذكرا لقومك باقيا | يصفُ العلا علما لهم متمثّلا |
من غبَّر السِّيرِ التي سلفتْ لكم | والمجدِ آخرهم يريك الأوّلا |
واصحب مدى الأيام ما عدَّتْ مدى ً | واسلم إذا أفنت عزيزا مقبلا |