ألم أتحدّثْ والحديثُ شجونُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
ألم أتحدّثْ والحديثُ شجونُ | بما كان منكم أنه سيكونُ |
وأعلمكم أن الليالي رءوسها | وإن صعبت شيئا فسوف تلينُ |
وأزجر طير اليمن فيكم عيافة ً | فتجري لكم بالخير وهي يمينُ |
وأعلم أنّ الله في نظم أمركم | كفيلٌ برعي المكرماتِ ضمينُ |
بشائرُ صدقٍ لم تخب ولوايحٌ | من الرشدِ لم تكذبِ لهنّ عيونُ |
وما الغيبُ طبيّ فيكمُ غيرَ أنني | ظننتُ وظنُّ الألمعيّ يقينُ |
وغرَّ الأعادي والجدودُ سوابقٌ | بكم أن هفا من بينهن حرونُ |
وأن رفعتْ صيفيّة ٌ حلبيَّة ٌ | تحلُّ حلولَ الطيف ثم تبينُ |
فما كلّ جوّ خادعَ العينَ ماطرٌ | وإن نشأت منه سحائبُ جونُ |
سمت أعين مغضوضة وتوسَّعتْ | أمانٍ لهم مكذوبة ٌ وظنونُ |
ونمَّت قلوبٌ كاتماتٌ بسرّها | وطالعَ داءٌ في الضلوع دفينُ |
وحدّث فيها بالفكاكِ ضميره | أسيرُ ببغضاء الكرام رهينُ |
خبيثُ المطاوي شرُّه دون خيرهِ | إذا اغتبط الأحرارُ فهو حزينُ |
نزى نزوة الأفعى القصير فعاقه | طريق بنيران الرقاة دخينُ |
ومرتصد ذو كلبتين بفيهما | إلى نابه وهو السّمامُ حنينُ |
تمنَّى تماما فيكمُ وهو ناقصٌ | وطاولكم بالكبر وهو مهينُ |
وأطمعه فيكم وقورُ حلومكم | وبشرٌ لكم عند اللقاء ولينُ |
ولم يدر أن الزَّند أملس ليِّنا | يمسُّ وجسم النار فيه كمينُ |
تطرَّفَ يبغى الصيدَ حول بيوتكم | وشرُّ مكانٍ للقنيص عرينُ |
وناطحَ منكم صخرة لا يُزلُّها | من الرأس وحفُ الوفرتين دهينُ |
تطامنْ فقد أقصاكَ عن موطن العلا | ولو كنتَ فوقا أن نفسك دونُ |
ولا تحسبنَّ الخلف يصلح بيننا | فربَّ يمينٍ بالفسوقِ تمينُ |
وقعتْ ذنابي في العلا وأكارعا | فأخفتك فيها أظهر وبطونُ |
وما كلُّ حصباءِ البحار جواهرٌ | ولا كلُّ أعضاءِ الجسوم عيونُ |
ولا المجدُ إلا دوحة ٌ فارسيّة ٌ | لها من بني عبد الرحيم غصونُ |
هم المانعونَ الجارَ ترمحَ ظهره | على الوتر عسراء المراس زبونُ |
مزمجرة ٌ تغلى الحقائدُ وسطها | رحاها لحبّات القلوب طحون |
إذا سال واديها فلا الطودُ معقلٌ | لناجٍ ولا الحصنُ الأشمُّ حصينُ |
فباتَ عزيزا لا يداس ترابهُ | وجارُ رجالٍ آخرين يهونُ |
تراه على قرب المدى مقل لنا | بعيدا خفيَّ الشخص وهو يبينُ |
بنوا في جوار الشمس بيتا عقابهُ | على المرتقي خشنُ الظهورِ حزونُ |
بنوه قطينا بالنجوم مشيّدا | إذا حجرٌ شادَ البيوتَ وطينُ |
ميامين بسّامون والجوّ قاطبٌ | مساميحُ والبحر الجوادُ ضنينُ |
إذا سئلوا لم ينكتوا بعصيِّهم | ولم يعتقوا بالعذرِ وهو مبينُ |
ولا يحسبون البخلَ يخلدِ ربَّه | ولا حينُ نفسٍ بالعطاء يحينُ |
نمى المجدُ منهم كلَّ أغلبَ ناهضٍ | له الحزم تربٌ والحسامُ قرينُ |
سقى الفخرُ عرقيه وتمَّ فؤاده | علاً باعثٌ من نفسه ومعينُ |
إذا جئته مسترضعا درَّ كفه | حلبتَ وما كلُّ الأكفّ لبونُ |
كفى بأبي سعدٍ عليهم طليعة ً | تريك كمالَ المرء كيف يكونُ |
فتى عذبت أخلاقه فكأنّه | ضعيفٌ وحبلُ العزم منه متينُ |
وحمَّل أعباءَ السيادة يافعا | فقام قويٌّ في الخطوب أمينُ |
وقى الملكَ من آرائه البيض ما وقتْ | سوادَ العيونِ الرامقات جفونُ |
ولما هفتْ أمسِ الحلومُ بربِّها | وشووِرَ مدخولُ الحفاظِ صنينُ |
ونيطت قلاداتُ الأمور بغيره | وبين الرجال في التّحدّث بونُ |
درى الملك أيُّ الساعدين يمينه | وأيَّ حساميه يفي ويخونُ |
وأيُّ الجيادِ السابقاتُ وأيّها | قيامٌ بأكتاد الكلالِ صفونُ |
حمى السِّربَ بالجماء يبغى ذيادها | فيالكَ نطحا لو يكون قرونُ |
فعاد على الأعقاب يقرقُ كفَّه | له الهمُّ خدنٌ والندامة ُ دينُ |
يلمُّ انتشارَ الحبلِ من حيثُ حلَّه | ويجبر من حيث اعترته وهونُ |
ويعطى صقالاً ما استطاعَ وحلية ً | ظباً لم تدنَّس فوقهن جفونُ |
تزين بعطفيك الحمائلَ والكُسى | وغيرك محبوّاً بهنَّ يشينُ |
ويمطيك إعظاما قراً كلِّ سابقٍ | مكانك منه في العلاء مكينُ |
منى ً إن تراءتك اللواحظُ فوقه | فأمَّا على الأعداء فهو منونُ |
نسجنا لما ألبستَ فهي تمائمٌ | تحوطك من غشِّ الردى وتصونُ |
وعطفا على الأمر الذي لك قاده | نزاعٌ إلى أوطانه وحنينُ |
فككتَ وقد راجعته عنقه وفي | حبالهمُ شكوى لهم وأنينُ |
فداؤك من يشقى بسعدك جدُّه | ويحييك طيبُ الذكر وهو دفينُ |
إذا ما رآك اعتاضَ لوناً بلونه | ودير به حتى يقال جنونُ |
يساميك لا كسرى أبوه ولا لهال | مدائنُ دارٌ والجبالُ حصونُ |
يعُدُّ أباً في الملك أوقصَ لم يطل | له بنجادٍ عاتقٍ ووتينُ |
ولا صرَّ أعوادُ السرير به ولا | تغضَّن تحت التاج منه جبينُ |
بعثت بآمالي الغرائبِ نحوكم | ومغناكمُ أنسٌ لها وقطينُ |
فما لبث الغادي الخميصُ بجوّكم | يطوِّفُ حتى راحَ وهو بطينُ |
وكم حملتنا نبتغي المجد عندكم | أو الرفدَ فتلاءُ الذراع أمونُ |
بنيَّة ُ عامٍ وابنُ عامين قارحٌ | تشابه نسعٌ فوقه ووضينُ |
نواحلُ مُدَّتْ كالحنايا شخوصنا | عليها سهامٌ والظلام طعينُ |
إذا ذرعت من نفنفٍ عرضه انبرتْ | نفانفُ لم تُذرع لهن صحونُ |
وإن علقت حبل الدجى عاد متنه | بأسحمَ لا تبقى عليه متونُ |
تعجُّ بأثقال الرجاء كأنها | عواتمُ في بحر السراب سفينُ |
إلى أن حططنا والثرى روضة ٌ بكم | وماءُ الندى للواردين معينُ |
بجودكم استعلت يداي وأعذبت | بفيَّ نطافُ المدح وهو أجونُ |
لكلّ قبيلٍ من بني المجد شاعرٌ | يزيد علاهم رفعة ً ويزينُ |
ومنّى لكم كفٌّ وسيفٌ وجُنة ٌ | وخلٌّ وعبدٌ شاكرٌ وخدينُ |
وفى لي هذا الشعرُ فيكم وإنه | خذولٌ لبعض القائلين خئونُ |
بقيتُ له وحدي فلى عظمُ شأنه | وللناس فيما يخبطون شئونُ |
وكم غرت من قوم ولي في بيوتكم | غرائبُ أبكارٌ تزفُّ وعونُ |
تهشُّ لها الأسماعُ شوقا كأنها | وإن بعدت منها اللُّحونُ لحونُ |
على أنها ملذوعة ٌ بجفائكم | عطاشٌ أواناً والسحابُ هتونُ |
وغضبى بأن تلوى لديكم وتقتضى | حقوقٌ لها ممطولة ٌ وديونُ |
وكم ثوبِ عزّ أغفل القسمث حظَّه | وقد غضَّ منه والتغافلُ هونُ |
ووعدٍ ولم ينجزه أمسِ لعلّه | من اليوم أن يلقى النجاح قمينُ |
صبرتُ لعام الجدب والظُّلمُ كلُّه | مع الخصب أن أضوى وأنت سمينُ |
ولا بدّ من قسمي إذا نعمة ٌ طرت | ومن أثرٍ فيها عليّ يبينُ |
ومن لبسة ٍ تشجا صدورٌ بغيظها | عليّ وترنو للجمال عيونُ |
فلا تجعلوها عن كريم استماعكم | بمزلقة ٍ إن الكريم أذينُ |
أناقشكم قولا وسرِّي سامحٌ | وشرِّي وإن حاف اللسان أمينُ |
وأنفخُ بالشكوى وقلبي شاكر | وكم حركاتٍ تحتهنّ سكونُ |
شريتكمُ بالناس مغتبطا بما | ملكتُ إذا عضَّ البنان غبينُ |
وملَّكتكم نفسي فربُّوا جوارها | وغالوا بها إن العزيزَ ثمينُ |
فليت صريحَ الودّ بيني وبينكم | فداه دخيلٌ في الوداد هجينُ |
وليتَ الليالي بعد أن قد ولدنكم | عقمنَ فلم تُنجب لهنّ بطونُ |