للنقص من أعمارنا ما يكملُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
للنقص من أعمارنا ما يكملُ | والدهر يؤيسنا ونحن يؤمِّلُ |
تمشي المنونُ رويدها لتغرَّنا | أبداً فتدركنا ونحنُ نهرولُ |
يا معجباً بالعيش طال بقاؤه | نظرا بقاؤك في المنيّة أطولُ |
عن جانبي دنياك فارغبْ آبقا | ودى الحريصُ وما نجا المتوكّلُ |
وإذا الجفون تخلَّصت من مجهل ال | شُّبهاتِ خلَّص نفسه من يعقلُ |
من هالكٍ درست عشيّة ُ هلكه | سبلُ الصلاح وكلُّ نهجٍ مشكلُ |
من كان في الغفلاتِ أعلمَ نفسهُ | أنَّ المنية طالبٌ لا يغفلُ |
أبكيك للحسناتِ مِتَّ فطلِّقت | وابنِ السبيل ثويت فهو مسبَّلُ |
حملوك والبركاتُ حولك والهدى | ميتٌ بموتك فوق نعشك يُحملُ |
ونزلتَ حيث تقرُّ عينُك لا كما | كانت عيون الحزن حولك تهملُ |
يا قبره النضرَ المروَّضَ بعدما | قد كان قبل القطر وهو الممحلُ |
بلِّغه عن حزني السلامَ وقل له | جلدي وإن أظهرتهُ متعمَّلُ |
أوحشتَ هذا المنزلَ البالي الرُّبى | فهل استفاد الأنسَ ذاك المنزلُ |
هيهات صمَّ فليس يوصلُ مفصحٌ | قولا إليه ولا يبلِّغُ مرسلُ |
قل لابنه والخير قولُك لابنه | من كان مسعوداً فمثلك ينسلُ |
لو ردَّ بالجودِ المنيَّة َ باذلٌ | نجَّى أباك من الردى ما تبذلُ |
أو كان طالبهُ يقاتلَ دونه | ملأ البسيطة َ دونه من تقتُلُ |
أو كان داءٌ يُستطبُّ شفيتهُ | لكنّه الداءُ العياءُ المعضلُ |
دنيا تسرُّ بما تضرُّ بمثله | فاسمٌ لها شهدٌ ومعنى ً حنظلُ |
صبراً ومن عجب الرزايا أنّه | فيها يُبصَّرُ كيف يصبرُ يذبلُ |
واعلم بأنّ أباً فداك بنفسه | لتهونُ ميتتهُ عليه وتسهلُ |
فوزاً له إذ كان قبلك يومُهُ | كم موتة ٍ هي من حياة ٍ أفضل |
ولئن رمته يدُ المنونِ فسهمهُ | وقد اتقتك بما رمته المخصلُ |
يسليك عنه أن ملأتَ فؤاده | من كلّ فائدة ٍ تقالُ وتُفعلُ |
وأريته قدميك وهو بمعزلٍ | متودِّعٌ حيث السِّماك الأعزلُ |
لا يظفرنّ الحزنُ منك بمهجة ٍ | لم تلق يوماً ما له تتذللُ |
حاشاك يجمعنا بدارك مفزعٌ | أبداً ويُعقد للمساءة محفلُ |
وورثت عمرَ الدهر سومك عيشة ً | في العزّ تسحبُ ما تشاءُ وترفُلُ |
فإذا سلمتَ عليه حيّاً مقبلاً | فأبوك تحتَ الترب ميتٌ مقبلُ |