حبستُ وأيّامُ الملوكِ كذاكا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حبستُ وأيّامُ الملوكِ كذاكا | تكونُ إساراً مرّة ً وفكاكا |
ويحجبُ ظلُّ الأرضُ غرَّة َ شمسها | فتنزلُ خفضاً تارة ً وسكاكا |
وليسَ يضرُّ النّجمَ مهوى غروبهِ | إذا عادَ في أفقِ السّماءِ سماكا |
وما قصَّروا منْ خطو سعيكِ للعلا | وإنْ قصّروا بالقيدِ رحبَ خطاكا |
ومنْ كانتْ الجوزاءُ بالأمسِ نعلهُ | يكونُ لهُ القيدُ الغداة ُ شراكا |
ملكتُ زماناً جائراً فقسرتهُ | على العدلِ إذْ ولّيتهُ فأباكا |
ومنْ جعجعً الأقدارَ عنْ طرق كيدهِ | عطفنَ عليهِ فاستثرنَ وشاكا |
حملتَ الّذي أعيا الرجالَ وغيرهمْ | فخافوا على ضعف الرقابِ قواكا |
ونفّرَ ذؤبانَ الغضا ريحُ ضيغمَ | تطيحُ عليهِ نوشة ً وعراكا |
فدّبوا فسدّوا غابه وهو خادرٌ | فضاقَ عليهِ نهضة ً وحراكا |
وقدْ غرّهُ أنْ يعملَ الحزمَ سابقاً | على الكيدِ أنْ ليسَ الذئابُ هناكا |
مشى حافياً فوقَ القتادة ِ حاقراً | لما شامَ منها أخمصيهْ وشاكا |
فإنْ فصدتْ أظفارهِ فلطالما | أراحَ بها ردعُ الدماءِ وصاكا |
ولاحتْ بهِ للوثبِ نفساً حميّة ً | تردُّ الرقابَ المصمياتَ ركاكا |
فقلْ للعدا لا تمضغوها تحليّاً | وإنْ هي طابتْ ذوقة ً وملاكا |
ولا تلمسوا بعدَ التّجاربِ حدّها | فإنَّ بني عبدِ الرّحيمِ أولاكا |
همْ اليزنيّاتُ الّتي إنْ أغبَّكمْ | بها زاعرٌ منّي فكرَّ دراكا |
فلا تستقلّوا مغمدا منْ سيوفهمْ | وقدْ حزَّ في أعناقكمْ فأحاكا |
ولا تحسبوا استهلاككمْ خزنَ مالهمْ | يجرُّ على غيرِ النّفوسِ هلاكا |
فإنَّ الجيادَ الطيّباتَ عروقها | تكونُ هزالاً مرّة ً وتماكا |
ألا يا بشيرَ الخيرِ قلْغير متّقٍ | متى نلتَ منْ رؤيا الوزيرِ مناكا |
وأمكنكَ الحرَّاسُ منْ بسطِ قولة ٍ | تبوحُ بها جهراً وتفتحُ فاكا |
توكَّلْ على منْ غمّها في سفارها | فكمْ كنتَ في أمثالها فكفاكا |
وإنْ هذا طمّتْ على إخواتها | فوكّلْ بها الصّبرَ الجميلَ أخاكا |
ولا تحسبنَّ الشرَّ ضربة َ لازبٍ | وإنْ طالَ في هذا المطالِ مداكا |
فقدْ يخطئُ الجلدُ المصيبُ بغدرة ٍ | وكمْ وألتْ منْ عثرة ٍ قدماكا |
ستخلصُ منْ أدناسها نازعاً لها | ولمْ يتعلّقْ عارها برداكا |
كأنّكَ بالإقبالِ قدْ هبَّ ثائراً | فناشكَ فيها ثمَّ ردّكَ ذاكا |
وقد زادكَ التخميرُ عبقاً وضوعة ً | ونشراً كأنَّ الحبسَ كانَ مداكا |
وسلِّمْ سهمُ الانتقامِ مفوّقاً | إليكَ لترمي منْ بغى فرماكا |
فودَّ إذاً لو شقَّ عنهُ إهابهُ | وما شقَّ بالغدرِ المصرِّ عصاكا |
فعاذرُ ركنُ الدينِ في الحفظِ أنّهُ | جناهُ عليكَ ماعليهِ جناكا |
فما زالَ معْ إلماعهِ لكَ بالأذى | إذا أقرضَ الإنغامَ منكَ قضاكا |
يزيدكَ علماً بالرجالِ وفطنة ً | ويكرهُ قوماً بغضة ً وفراكا |
ويعلمْ أنْ ما زلتُ في كلِّ حالة ٍ | سناداً لهُ في ملكهِ وملاكا |
وتمشي بكمْ وخداً وجمزاً أمورهُ | وتمشي بأقوامٍ سواكَ سواكا |
فعطفاً على المألوفِ منْ برِّ عهدهِ | وإنْ هو في هذا المقامِ جفاكا |
وسمعاً وإنْ لمْ تستمعْ لعيافتي | وزجري وإنْ لمْ تصغِ لي أذناكا |
وحاشاكَ أنْ تخلو منْ اسمكَ مدحة ٌ | ويقفرَ منْ وفدِ الثناءِ ذراكا |
وأنْ لا أرى في الصدرِ وجهكَ طالعاً | وعينِ القوافي والرَّجاءِ تراكا |
وحاشاكَ منْ يومٍ جديدٍ وموقفٍ | أقومُ إليهِ منشداً لسواكا |