لعمر الواشياتِ بأمِّ عمروِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لعمر الواشياتِ بأمِّ عمروِ | لقدْ أغرينَ والتَّأنيبُ يغري |
حسدنَ مودة ً فحملنَ إفكاً | وعبنَ وعائبُ الحسناءِ يفرى |
يردنَ على الوفاءِ نزوعَ خلقي | وما ساومني شططا كغدري |
وهلْ هيفاءُ إنْ غدرتْ وجارتْ | سوى غصنٍ منَ الأرواحِ يجري |
وقلنَ تلوَّنتْ لكَ حينَ ملَّتْ | وليسَ على الملالة ِ كلُّ هجرِ |
تقلِّبها أصابيغُ الغواني | على الطُّعمينِ في حلوٍّ ومرِّ |
وأينَ منَ الحفاظُ لها فؤادي | إذا لمْ ألقَ زلَّتها بعذرِ |
ومنْ يصبحْ هواكَ لهُ أميراً | عليكَ فدارهِ في كلِّ أمرِ |
وأبعدُ ما ظفرتَ بهِ حبيبٌ | جراحتهُ تصحُّ بكلِّ سبرِ |
وإنَّ أحبَّتي لبنو زماني | كلا العودينِ منْ سنخٍ ونجرِ |
فهبني مبدلاً خلاًّ بخلٍّ | فهلْ أنا مبدلٌ دهراً بدهرِ |
سألبسُ ما كسيتَ وربَّ كاسٍ | يزخرفكَ الملابسَ وهو معري |
وأحملهمْ وإيَّاهمْ بقلبٍ | يفي بالثِّقلِ لي إنْ خانَ ظهري |
ولستُ بواجدٍ قلباً صحيحاً | إذا نخلتْ دفينة ُ كلِّ صدرِ |
فلا تتعنَّ لائمة ٌ بعذلي | ولا تغمز فما تسطيعُ كسري |
ولا يخفِ الصَّديقُ شبا لساني | على عرضٍ ولا لسعاتِ فكري |
فلا ألقى بغيرِ الصَّبرِ قرنا | لعلِّي أجتني ثمراتِ صبري |
وإنْ ضعفتْ أواصرُ منْ رجال | شددتُ بأسرة ِ الكرماءِ أسري |
وفاءَ منَ الوزيرِ عليَّ ظلٌّ | يقيني الضَّيمَ منْ حرٍّ وقرِّ |
وأحجبُ نائباتِ الدَّهرَ منهُ | بخوصٍ لا تحصِّلني وشزرِ |
تراني أعينِ الأيّامِ منهُ | بوافي الظلِّ أخضرَ مسبكرِّ |
وكيفَ يريني وحماهُ بابي | وهيبتهُ عنِ الأبصارِ ستري |
ودوني منْ حمايتهِ خميسٌ | أخو عرضينِ يبهمُ كلَّ ثغرِ |
تزمجرُ في جوانبهِ أسودٌ | على ألبادها أسلاتُ نصرِ |
تظفَّرُ باسمهِ الميمونِ أنِّي | سرتُ حتّى الحوادثُ ليسَ تسري |
نفذتُ برشدهِ فنفضتُ طرفي | وصلتُ بحدِّهِ فقضيتُ نذري |
وكيفَ يضلُّ أو يخشى ابنُ ليلٍ | سطا بمهنَّدٍ وسرى ببدرِ |
أقولُ لمنفضينّ ترحلُّوها | مطايا أزمة ٍ وركابَ ضرِّ |
تعسَّفَ عيشهمْ فطوى عليهمْ | وأيديهمْ على سغبٍ وفقرِ |
يمنُّونَ الطَّوى ليلا بليلٍ | وتعريسَ السُّرى فجراً بفجرِ |
وراءَ الرِّزقِ مختبطينَ ترمي | بهمْ أصدارها قفراً بقفرِ |
وراءكمْ ارجعوا فتضيَّفوها | بيوتاً لا مجاعة َ وهي تقري |
تصرَّفَ باليفاعِ مطنِّبوها | معَ الكرمينِ منْ حلبٍ ونحرِ |
إذا ما احتلَّها الطُّراقُ لاحتْ | لأيديهمْ عصامة ُ كلِّ عسرِ |
بنو عبدِ الرَّحيمِ على حباها | بنو الأبوينَ منْ لسنٍ وفخرِ |
وإنَّ ببابلٍ منهمْ لطودا | يضعضعُ كلَّ أرعنَ مشمخرِّ |
وبحراً منْ بني سعدٍ عميقاً | بغير قرارة ٍ وبغيرِ قعرِ |
حمى حرمِ الوزارة ِ منهُ عاصٍ | على الأقرانِ في كرٍّ وفرِّ |
خضيبُ النَّارِ والأظفارِ ممّا | يقدُّ على فريستهِ ويفري |
إذا ما هيجَ عنها ثارَ منهُ | إلى الهجاجِ عاصفة ٌ بقرِّ |
إذا الغاراتُ طفنَ بهِ كفتهُ | زماجرُ بينَ همهمة ٍ وهمرِ |
فما يمنعْ يبتْ ما بينَ نسرٍ | معَ العيُّوقِ مجنوبٍ ونسرِ |
كفاها بالسِّياسة ِ بعدَ عجزٍ | وأمَّنها على حذرٍ وذعرِ |
ربى في حجرها وتداولتها | مناكحَ منهُ شفعاً بعدَ وترِ |
فما نفرتْ منَ الغرباءِ إلاَّ | أوتْ منهُ إلى ولدٍ وصهرِ |
وإنْ تظفرْ بعذرتها رجالٌ | حظوا بطلاقة ِ الزَّمنْ الأغرِّ |
وأعقبهمْ على الأيَّامِ ذكراً | فعصركَ بالكفاية ِ خيرُ عصرِ |
براكَ اللهُ سهماً دقَّ عمَّا | تريسُ لهُ بنو ثعلٍ وتبري |
إذا الرَّامي ثلاثاً أو رباعاً | أصاب أصبتَ منْ عشرٍ بعشرِ |
فداؤكَ مغلقُ الجنبينِ يأوي | إلى صدرٍ يضيقُ بكلِّ سرِّ |
إذا ثقلتْ وسوقُ الرأيِ أقعى | يحكُّ بظهرهِ منْ غيرِ عسرِ |
ومعتلُّ البنانِ على العطايا | يظلُّ البخلَ في عرضِ التَّحرّي |
يجودُ وما عليهِ فضولُ حقٍّ | على عدمٍ ويمنعُ وهو مثري |
ومولى وهو حرٍّ عبَّدتهُ | هباتكَ في زمانٍ غيرَ حرِّ |
رعيتَ لهُ أواصرَ محكماتٍ | علقنكَ معلقَ المرسِ الممرِّ |
تذكَّرها بعهدٍ منكَ حيٍّ | وشكرُ الملكِ يقتلُ كلَّ شكرِ |
ولكنْ ما لشعري في هناتٍ | تطارحني الظُّلامة َ ليتَ شعري |
وما عتبٌ اسمّيهِ التَّجني | وننبزهُ الأعادي باسمِ غدرِ |
أشكَّاً في وفائي بعدَ علمٍ | وقدحاً في حفاظي بعدَ خبرِ |
وإعراضاً عنِ الشِّيمِ اللواتي | عليها طينتي طبعتْ وفطري |
أأعزفُ عنكمُ أبغي بصوني | لساني معَ معاسرة ٍ وفكرِ |
وإنِّي لا أرى الدُّنيا كفاءً | لشيءٍ فيهِ منقصة ٌ لقدري |
وأحملُ ملءَ أضلاعي جراحاً | ولمْ أحملْ لعيبٍ خدشَ ظفرِ |
أبغضاً أمْ لأنِّي سنِّي مدَّتْ | فدامَ عليكمُ ردِّي وكرِّي |
ولمْ يمللْ مديحكمُ لساني | فكيفَ مللتمُ منْ طولِ عمري |
وكيفَ وزنتمُ بي منْ عساهُ | يودّ بباعهِ لو قاسَ فتري |
فهلْ في الأرضِ أفسقُ في حديثٍ | منَ العازيْ إليَّ مقامَ شرِّ |
وما أنَّا منْ وشايتهِ وإنِّي ال | ذي رقَّاهُ منْ خلِّي وخمري |
مطارٌ لستُ منهُ وليسَ منِّي | بعيدُ الشَّوطِ في نفعي وضرّي |
فإنْ أنصفْ فإنَّ يداً تولَّتْ | كسوري تهتدي لمكانِ جبري |
وإنْ أحرمْ قضاءَ العدلِ أرجعْ | إلى كفئينِ منْ هجرٍ وصبرِ |
وأعلمُ بعدُأنَّكَ أنتَ باقٍ | على العهدينِ منْ صلتي وبرِّي |
وأنَّكَ لو رأيتَ التُّربَ فوقي | لقمتَ بقدرة ٍ فوليتَ نشري |
تسمَّعها سمعتَ الخيرَ توعِ ال | فصاحة َ بينَ معتبة ٍ وشكرِ |
أنلها الودَّ واجتلها هنيئاً | ولولا الودُّ لمْ تقنعْ بمهرِ |
وغادِ صبيحة َ النيروزِ منها | بنشطة ِ ثيِّبٍ وحياءِ بكرِ |
وطاولْ مدَّة َ الأيَّامِ واسحبْ | ذيولَ الملكِ منْ بيضٍ وخضرِ |
إلى أنْ ترجعَ الغبراءُ ماءً | وتمشي الرَّاسياتُ بها وتجري |
أناوبكَ المديحَ مدى حياتي | وأنشدهُ أمامكَ يومَ حشري |