في كلّ دارٍ عدوٌ لي أقاذعهُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
في كلّ دارٍ عدوٌ لي أقاذعهُ | وعاذلٌ أتَّقيهِ أو أصانعُهُ |
وآمرٌ بسلوٍّ لا يطاوعني | قلبي عليهِ وناهٍ لا أطاوعهُ |
يعيا بوجدي ولم يحملْ بكاهلهِ | ثقلي ولا ضمنتْ قلبي أضالعهُ |
كأنَّني أوَّلَ العشاقِ طالَ لهُ | مغنى الأحبَّة ِ وارفضتْ دامعهُ |
عابوا وفائي لمنْ اهوى وقدْ علموا | أنَّ الخيانة َ ذنبٌ لا أواقعهُ |
وهلْ تصحُّ لمأمونٍ امانتهُ | يوماً إذا الحبُّ لمْ تحفظْ ودائعهُ |
نعم وقفتُ على الأطلالِ أسألها | ما كلُّ مستخبرٍ تصغي مسامعهُ |
وقدْ يجيبكَ وحيا منْ تخاطبهُ | وتفهمُ القولُ ممنْ لا تراجعهُ |
وما رجوتُ بذاتِ البانِ منْ سفهٍ | دنوَّ منْ شسعتْ عنّي شواسعهُ |
ما وقفتُ لبدرٍ غابَ أطلبهُ | جهلاً ولكنْ شفتْ عيني مطالعهُ |
وكلُّ منْ فقدَ الأحبابَ ناظرهُ | مسرَّحُ الطَّرفِ في الآثارِ نافعهُ |
وفي الظَّعائنِ خلاَّبٌ بموعدهِ | خلابة َ البرقِ لمْ تصدقْ لوامعهُ |
مقنَّعٌ لثمُ الأبطالِ يحدرها | ذليلة ً ما تواريهِ مقانعهُ |
ظبيٌ يسدُّ عنْ المرعى النُّفوسَ فقدْ | صارتْ حمى ً بالدَّمِ الجاري مراتعهُ |
لا يقتضى عندهُ ثأرٌ ولا ترة ٌ | ولا يعابُ بحبنٍ منْ يقارعهُ |
إنْ شاءَ أنكرَ أو إنْ شاءَ معترفاً | بالقتلِ لمْ يتعسَّفهُ توابعه |
وكيفَ يجحدُ قتلاهُ إذا شهدتْ | خدَّاهُ بالدَّمِ أو باحتْ أصابعهُ |
يا تاركي مثلاً في النَّاسِ منتشراً | تدورُ شائعة ً فيهمْ وشائعهُ |
ما سلَّطَ اللهُ أجفاني على جلدي | إلاَّ ومحفوظُ سرِّي فيكَ ضائعهُ |
منْ أحدثَ الغدرَ ديناً فاستننتْ بهِ | ومنْ أباحتكَ تعذيبي شرائعهُ |
بلى هو الدَّهرُ مفطورٌ خلائقهُ | على الفسادِ وومجبولٌ طبائعهُ |
أما ترى ملكَ الأملاكِ خاونهُ | عبيدهُ وعتتْ كفراً صنائعهُ |
ثعالبٌ تتعاوى ساقها وعلٌ | لضيغمٍ لمْ تزعزعهُ زعازعهُ |
ما قمتَ تزأرُ منها واحداً صمداً | إلاَّ وجبَّارَ ذاكَ الجمعِ خاشعهُ |
رأوا ولاءكَ وسما في جباههمُ | فذُّلهمْ لكَ إنْ عزَّوا طوابعهُ |
منْ كلِّ قلبٍ قسا والرِّقُ يخصمهُ | حتى يرقَّ ونعماكمْ تنازعهُ |
وكيفَ تعصي رقابٌ أنتَ مالكها | ملكَ اليمينِ وسيفٌ أنتَ طابعهُ |
وهلْ هباتكَ يبغيها مغالبة ً | منْ أنتَ واهبهُ أو أنتَ بائعهُ |
عادوا وبسطة ُ أيديهمْ تثقَّلها | أغلالُ منَّكَ فيها أو جوامعهُ |
يرعونَ ما أثمرَ البغيُ الذي غرسوا | والبغي معروفة ُ العقبى مصارعهُ |
يلوذُ بالعفوِ منهمْ كلُّ ذو شممٍ | بأنفهِ بأسكَ المحذورُ جادعهُ |
وحسبُ عاصيكَ ذلاًّ إذ صفحتَ لهُ | عنْ الجريرة ِ أنَّ الصَّفحَ شافعهُ |
وأنتَ كالسَّيفِ لمْ ينضبْ بصفحتهِ | ماءُ الفرندِ ولمْ تسلمْ مقاطعهُ |
راموكَ واللهُ رامٍ دونَ ما طلبوا | وهلْ يفرَّقُ شملٌ وهو جامعهُ |
عوائدٌ لكَ تجري في كفالتهِ | لا يجبرُ اللهُ عظماً أنتَ صادعهُ |
كمْ قبلَ ذلكَ منْ فتقٍ منيتَ بهِ | واللهُ منْ حيثُ يخفى عنكَ راقعهُ |
ضاقتْ جوانبهُ واشتدَّ مخرجهُ | وأنتَ فيهِ رحيبَ الصَّدرِ واسعهُ |
ردَّاً إليهِ وتسليماًلقدرتهِ | فيما تحاولهُ أو ما تدافعهُ |
فهبْ عبيدكَ للمعطيكَ طاعتهمْ | فأنتَ في العفوِ عنْ عاصيكَ طائعهُ |
واعطفْ عليهمْ فهمْ أنصارُ دولتكمْ | ببأسهمْ كلَّ خصمٍ أنتَ قامعهُ |
يامنْ إذا قالَ هلْ في الأرضِ منْ ملكٍ | سوايَ لمْ يرَ مخلوقاً ينازعهُ |
منْ ماتَ منْ قومكَ الصِّيدِ الكرامِ فقدْ | احياهُ ذكركَ وابتلَّتْ مضاحعهُ |
ومنْ على الأرضِ منهمْ سيِّدٌ ملكٌ | فأنتَ خافضهُ أو أنتَ رافعهُ |
اللهُ سربلكمْ بالملكِ مصلحة ً | للعالمينَ فمنْ ذا عنكَ نازعهُ |
وهلْ يقوَّضُ بيتٌ منْ رجالكمْ | عمادهُ وبأيديكمْ مجامعهُ |
فركنُ دولتكمْ بالأمسِ أوَّلهُ | وأنتَ يا ركنَ دينِ اللهِ رابعهُ |
ماتَ الملوكُ على عصيانهمْ كمداً | بهِ فكاتمُ داءٍ أو مذايعهُ |
تمضي على حكمهِ الأفلاكُ دائرة ً | فكلُّ سعدٍ جرى فيهنَّ طالعهُ |
وكنتَ سيفهمَ والمجدُ مرهفهُ | صقلاً وتاجهمُ والفخرُ راصعهُ |
أجراهمُ والقنا كابٍ وأكرمهمُ | يداً إذا جودهمْ سالتْ ينابعهُ |
ما أبحرُ الأرضِ منْ بحرٍ تمدُّ بهِ | إلى العفاة ِ يداً إلاَّ رواصعهُ |
وكلُّ رزقٍ ترى الأقدارَ ضيِّقة ً | بهِ فعندكَ مسناة ُ وسائعهُ |
كأنَّ مالكَ شخصٌ أنتَ مبغضهُ | فأنتَ مقصيهِ بالجدوى وقاطعهُ |
آثارُ جودكَ فيمنْ أنتَ منهضهُ | آثارُ بطشكَ فيمنْ أنتَ صارعهُ |
إنْ شمتَ وجهكَ راقتنا روائقهُ | أو شمتَ سيفكَ راعتنا روائعهُ |
فلا قرارَ لمالٍ أنتَ باذلهُ | ولا انزعاجَ لثغرٍ أنتَ مانعهُ |
تضجُّ باسمكَ ما قامتْ منابرهُ | على الرَِّشادِ وما ضلَّتْ صوامعهُ |
حتى ترى الشِّركَ والإيمانَ ما اختلفا | ملكاً وما الفلكُ الدَّوَّارُ قاطعهُ |
موَّحدُ الملكِ لا تدعى بتثنية ٍ | إلاَّ بنيكَ وشبلُ اللِّيثِ تابعهُ |
كواكبٌ تستمدُّ النَّورَ منْ قمرٍ | على جبينكَ ساريهِ وساطعه |
فلا خلتْ ابداً منها مواضعها | منَ السَّماءِ ولا منهُ مواضعهُ |
وزاركَ المدحُ في أبهى معارضهِ | مطرِّزاً باسمكَ العالي وشائعهُ |
يختالُ بينَ يدي نعماكَ مائسهُ | حسناً ويستعبرُ الأنفاسَ رادعهُ |
منْ كلِّ عذراءِ مخلوعٍ إذا برزتْ | فيها العذارُ وما إنْ ليمَ خالعهُ |
يستوقفُ الرِّاكب الغادي لحاجتهِ | فيلفتُ الرأسَ أو تلوى أخادعهُ |
يستقصرُ المنشدُ التَّالي طوائلها | كأنَّ أبياتَ ما يروي مصارعهُ |
مستصعباتٌ على الرَّاقي أراقمها | إلاَّ الذي أنا حاويهِ وخادعهُ |
يأتي على الصدِّ منكمْ والملالِ لها | وصلٌ يواليهِ أو شوقٌ ينازعهُ |
ما إنْ رأتْ قبلكمْ فيمنْ يتاجركمْ | تجارة َ الجودِ منْ خاستْ بضائعهُ |
والمهرجانُ بأنْ ترعى وسائلهُ | منها جديرٌ وأنْ تزكى ذرائعهُ |
ذاكَ الرَّجاءُ لهذا اليومِ منتظرٌ | فاصنعْ بحكمِ العلا ما أنتَ صانعهُ |
واعلمْ لكَ المجلسُ المعمورَ ساجدهُ | يعنو لوجهكَ إعظاماً وراكعهُ |
أنَّى بقيتْ لهذا الشِّعرِ مذعنة ٌ | آياتهُ لي وحدي أو بدائعهُ |
وإنْ سمعتَ بشيءٍ لستُ قائلهُ | فلا تعرِّجْ على ما أنتَ سامعهُ |