نقيلُ مع الدنيا وقد أورقت لنا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نقيلُ مع الدنيا وقد أورقت لنا | إلى دوحة ٍ لا ظلَّ فيها ولا جنى |
ونغترُّ عُجبا بالبقاءِ وإنما | بقاؤك يا مغرورُ ساقَ لك الفنا |
أقمتُ وسار السابقون فسرَّني | وماظعنَ الجيرانُ إلا لأظعنا |
وصوَّت دهري باسم غيري مغالطا | وإنيوإن لم يسمِ أوَّلُ من عنى |
وكيف نرجِّي ودَّ يوم وليلة ٍ | يزيدان مما يُعديان بنقصنا |
يسيغ أبونا الدهرُ منّا دماءنا | وتأكلنا من هذه الأرض أمُّنا |
ألا طرقتْ صمَّاءُ لا تفهم الرُّقى | ولا ترهبُ الحاوين مسرى ً ومكمنا |
لأبنائنا ما فوَّقتْ من نبالها | رمتْ أعزلاً أو دارعا متحصِّنا |
أصابتْ صميما من رجالٍ أعزّة ٍ | عليّ نحتهم والمصابُ بها أنا |
أحبّاي مدّ الدهرُ نحو حبيبهم | يدا لم تصافح قطُّ إلا لتغبنا |
تراءت عيونُ الخطب خزرا لعينهم | ألا ليت أعمى ناظراً لهمُ رنا |
سقى الله قبرا بالخضيريّة الحيا | فخضَّره ما أمطرَ المزنُ أدكنا |
أميلوا أميلوا من هوادي جيادكم | إليه فحيّوا نخبة َ المجد والسنا |
قفوا جرِّدوها واعقلوها عقيرة ً | ليهزلها فقدانُ من كان أسمنا |
ومجرورة مبروزة من سروجها | مكسّرة من حولها البيضُ والقنا |
لعلّ أبا نصرٍ يردُّ تحيّة ً | وما هو إلا فاعلٌ لو تمكّنا |
أيا صاحبي والترب بيني وبينه | برغمي ما اخترتُ الثرى لك مسكنا |
عهدتك منّاعا أبيّا فما الذي | خدعتَ به فانقدتَ للموت مذعنا |
نعاك لي الناعي فما كدتُ منكرا | ليومك وهو الحقُّ أن أتيقَّنا |
فشكَّكتهُ مستوحشا من سماعه | وعمَّيته حتى انجلى وتبيَّنا |
أصابَ الردى من شاءَ بعدك إنني | أرى كلَّ يومٍ بعدَ يومك هيّنا |
لخولستُ منك البدرَ ليلة َ تمِّهِ | وجوذبتُ منك الغصنَ ساعة َ يجتنى |
وكنت لآمالي الفسيحة مسرحا | لو أن المنايا فيك أمهلتِ المنى |
عركتَ بقرنٍ لا هوادة َ عنده | فعمَّق مااسطاعَ الجروحَ وأثخنا |
إلى ساعة ٍ لا يبلغُ الكيُّ داءها | ولم تشفَ منها جلدة ُ القرفِ بالهنا |
ومازلتُ من أخذ الضنا منك مشفقا | عليك إلى أن جاء ما هوَّن الضَّنا |
وأستبعدُ اليومَ الذي فيه راحة ٌ | لما تشتكي حتى دنا شرَّ ما دنا |
أبا طالبصبرا وإن كان معوزا | فلا فضلَ في صبرٍ إذا كان ممكنا |
سلبتَ أخاً فاحفظ عليك ثوابه | فما نمنِ الله الثوابَ لتحزنا |
بكرهى أصفيتُ المودّة باكيا | له وقضيتُ الحقَّ فيه مؤبِّنا |
على أنه لو هالكٌ رده البكا | نثرنا خدودا في ثراه وأجفنا |
وكان خبالا في رزيَّة مثلهِ | ولؤماً بدمع أن يصانَ ويُخزَنا |
ولكنَّه ما لان جنبٌ لطارقٍ | من الدهر إلا كان أصعبَ أخشنا |
ومن نازَل الأحداثَ بالدمع والبكا | فمقلتهُ أدمى وأضلعهُ حنا |