على أيّ أخلاقِ الزمان أعاتبهْ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
على أيّ أخلاقِ الزمان أعاتبهْ | و ما هو إلا صرفه ونوائبهْ |
تفرى أديمي وهو بترٌ شفارهُ | و جافت جروحي وهو صمٌّ مخالبهْ |
ندوبٌ تقفي هذهِ عقبَ هذهِ | و داءٌ إذا ما باخ أوقدَ صاحبهْ |
شغلتُ يدي حينا بعدَ ذنوبهِ | و زدن فقد تاركتهُ لا أحاسبهْ |
طرحتُ سلاحي وانترعتُ تمائمي | و ضاربه ينحى عليَّ وسالبهْ |
ببيضٍ من الأيام هنّ سيوفهُ | و سودٍ من الليلاتِ هنّ عقاربهْ |
أدامجه حتى يراني راضيا | مرارا وأعصى مرة فأغاضبهْ |
فلا هو إن أطريته قابضٌ يداً | و لا خائفٌ عارا بما أنا عائبهْ |
نصحتكْ لا تخدعْ بسنة ِ وجههِ | فشاهده حسنٌ تشوهَ غائبهْ |
و لا تتمهدْ قعدة فوقَ ظهرهِ | فما هو إلا ضيغمٌ أنت راكبهْ |
تردى رجالٌ قبلنا وتقطرتْ | بهمْ شهبهُ دون المدى َّ وشاهبهْ |
و صرحَ عما ساءهم طولُ محضهِ | خبائثَ جرتها عليهم أطايبهْ |
حبائلُ مكتوبٌ لها نصرُ كيدها | من الله لا يمحى الذي هو كاتبهْ |
فمن مغلقٍ مستعجلٍ أو مؤخرٍ | مراخيهِ يوما لا محالة َ جاذبهْ |
تصاممتُ عن داعي المنونِ مغالطا | و إني على طول السكوت مجاوبهْ |
و قدمتُ غيري جنة ً أتقي بها | و من يوقَ من راميه لا بدّ صائبهْ |
أخلاى أيمُ اللهِ أطلب ثأركم | من الدهر لو قد أدركَ الثأرَ طالبهْ |
أفي كلّ يومٍ لي قضيبٌ مخالسٌ | و ذخرٌ نفيسٌ منكم الموتُ غاصبهْ |
و كاسٍ من العلياء والحسنِ يعتدي | سليما على سيفي وسوطى سالبهْ |
تطيحُ به زندي وجهدُ تحفظي | بميثاقهِ في الغيب أنيَ نادبهْ |
و كم منكمُ كالنجم رعتُ به الدجى | زمانا خبا بعد الإضاءة ِ ثاقبهْ |
و آخرُ لما سامحتني بأصله ال | منايا ذوتْ أغصانهُ وشعائبهْ |
و أضحى بنوه غبطة ً وبناتهُ | تسلُّ بهم أنيابهُ ورواجبهُ |
فينزو بلبيّ شجوهُ وتصيبني | بموضعه من سرّ قلبي مصائبهْ |
ألا يا أخي للودّ دنياً وكم أخٍ | لأمي بعيداتٍ عليّ قرائبهْ |
لحا الله خطبا شلَّ سرحك طردهُ | و جمعَ في إلهابِ قلبك حاطبهْ |
رمتك يدُ الأيام عن قوسِ قارنٍ | إذا هو والي لم تخنه صوائبهْ |
سقتك بكفًّ أدهقتْ لك ثانيا | و لما يفق من أولٍ بعدُ شاربهْ |
فقرحٌ وقرحٌ لم تلاحمْ ندوبهُ | و دمعٌ ودمعٌ ما تعلق ساربهْ |
و يا ليته لما تثنى تعلقتْ | مقاديرهُ أو استوين مراتبهْ |
و لكنها كفٌّ هوتْ إثر إصبع | و حاركُ ظهرٍ بعدهُ جبَّ غاربهْ |
حصاتان من درًّ حصانانِ لم تطرْ | يدٌ بهما ما دنس الدرَّ ثاقبهْ |
هما بيضتا كنًّ بجانبِ ملبسٍ | حماه الطروقَ تيههُ وسباسبهْ |
حرامٌ على الساري تضيعَ على القطا | أفاحيصهُ في جوه ومساربهْ |
يحوطهما ما استطاعَ وحفُ جناحهِ | شعارهما دون التراب ترائبهْ |
تراه يصادى حاجبَ الشمس عنهما | لو أنّ الردى ما أحرز الشيءَ هائبهْ |
رزئتهما شمسينِ أقسمَ فيهما | ظلامُ الأسى َ ألاَّ تجلى َّ غياهبهْ |
يعدون خرقا بالفتى في بناتهِ | إذا ما بكى أو ذلَّ للحزنِ جانبهْ |
و كم من كريم عزهُ نجباؤه | فعزَّ بما ساقت إليه نجائبهُ |
و بعضُ البناتِ من بها ينتج العلا | و بعض بني الإنسان في الحيّ عائبهْ |
فإلاَّ تكونا صارمين فحذوتا | حسامٍ عتيقٍ لا تفلُّ مضاربهْ |
أخي الحلم لم يملك عليه حياؤه | و لا كذبتهُ في الزمان تجاربهْ |
إذا ولدَ استذكرنَ حزماً إناثهُ | كما ذكرتْ أخلاقهُ وضرائبهْ |
تعزَّ ابن روحٍ إنما الموتُ مدلجٌ | إلى أمدٍ فيه النفوسُ مراكبهْ |
و من أخرتهْ شمسُ يومٍ فلم يمت | يمتْ حوله أحبابهُ وحبائبهْ |
و أعجبُ من ذي خبرة ٍ بزمانه | تنكر منه أن توالى عجائبهْ |
خلقنا لأمرٍ أرهقتنا صدورهُ | فيا ليت شعري ما تجرّ عواقبهْ |
غريمٌ ملطٌّ لا يملُّ وطالبٌ | بغير تراتٍ لا تنامُ مطالبهْ |
و قد جربتك الحادثاتُ فلا تكن | ضعيفَ القوى رخواً لهنّ مجاذبهْ |
و غيرك مغلوبٌ على حسنِ صبرهِ | و لا خطبَ إلا أنتَ بالصبرِ غالبهْ |
برغميَ أن يسرى غزيٌّ من الأسى | اليك ولم تفللْ بنصري كتائبهْ |
و إن كان خصما لا لساني ينوشه | و لا كلماتي الغاسقاتُ تواقبهْ |
و يا لدفاعي عنك إن كان صارما | أصافحهُ أو كان ليثا أواثبهْ |
و من لي لو أنّ الحزنَ يرعى جوانحي | فدى لك لو يرضى بقلبيَ ناصبهْ |
فما هي إلا مهجة ٌ لك شطرها | و موهوبُ عيشٍ أنت ما عشتَ واهبهْ |
و إن كان يطفي حرَّ لوعتك البكا | على أنه جاريه لا بدّ ناضبهْ |
فدونك دمعي سائلا ومعلقا | فجامدهُ باقٍ عليك وذائبهْ |
عتبتُ على دهري فسهلَ عذرهُ | بأنك باقٍ كلَّ ما هو جالبهْ |
إذا سلمِ البدرُ التمامُ فهينٌ | على الليلِ أن تهوى صغارا كواكبهْ |