إذا لمْ أحظَ منكَ على التلاقي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إذا لمْ أحظَ منكَ على التلاقي | فما بالي أروّعُ بالفراقِ |
بعادكِ حيثُ لا يرجوكِ راجٍ | كقربكِ حيثُ لا يلقاكَ لاقي |
فمنْ يشكُ النّوى أو يبكِ منها | فلا دمعي هناكَ ولا احتراقي |
نوكِ منَ الملالِ أخفُّ مسَّاً | على كبدي وأبردُ لاشتياقي |
ولولا البينُ لمْ أملكْ وصولاً | إلى قبلِ الوداعِ ولا العناقِ |
على أنّي وأنتَ النجمُ بعدا | حديثكَ بينَ صدري والتراقي |
أقولُ لصاحبيَّ غداة َ جمعْ | وأيدي النفرُ تلعبْ بالرفاقِ |
قياني منْ سهامِ بناتِ سعدٍ | وهلْ ممّا قضاهُ اللهُ واقي |
ومنْ ظبيٍ مددتُ لهُ حبالي | لأقنصهُ فعدنَ على خناقي |
خذا طرفي بما أبقيَ وطرفي | بعمدٍ جرَّ قتلي لا اتفاقِ |
أراقَ دمي الحرامَ فضولُ عيني | فثأرى بينَ أجفاني وماقي |
أيا ربعَ الهّوى دعْ ليْ طريقي | فلا حبسي إليكَ ولا اعتياقي |
لكَ الخلقُ الحسانُ إذا تصدّتْ | ولكنْ ما لأهلكَ منْ خلاقِ |
وقلْ لشقيقة ِ القمرينِ بيني | فهذا عنكِ بيني وانطلاقي |
وإلاَّ تفعلي أنطقْ بهجرٍ | يسوءُ الودَّ يا ذاتَ النطاقِ |
علقتكِ صائعاً في الحبِّ عزمي | فكانَ المجدُ أولى باعتلاقي |
أنا الجاري إذا الحلباتُ طالتْ | مراكضها على الخيلِ العتاقِ |
نفضتُ طريقها شوطاً فشوطاً | وسلّمْ بها قضبُ السباقِ |
فمنْ ذا يبتغي في الفضلِ سبقي | وقدْ يئسَ السوابقً منْ لحاقي |
بقيتُ لحرِّ هذا القولِ وحدي | فعبدي منهُ مأمونُ الإباقِ |
وحسبكِ ما بدا لكِ منْ نفاذي | على ملكِ الملوكِ ومنْ نفاقي |
بركنِ الدّينِ سالمني زماني | وأطلقتِ الحوادثُ منْ وثاقي |
فمهما أبقَ يسمعْ سائراتٍ | مطبِّقة ً منْ الكلمِ البواقي |
تكونُ لهُ مطاربَ في غدايا ال | صّبوحِ وفي عشايا الإغتباقِ |
وفي الأعداءِ تقطعُ ماضياتٍ | مصممّة ً معْ البيضِ الرقاقِ |
حمى الدنيا فثبَّتَ جانبيها | صليبٌ لا يروِّعُ بالصِّفاقِ |
أبو شبلينِ منْ تعلقْ يداهُ | فليسَ لهُ منَ الحدثانِ واقي |
وساقَ النّاسَ خفضاً وارتفاعاً | بصيرٌ بالإناخة ِ والمساقِ |
وقاومَ بالسيّاسة ِ كلَّ داءٍ | طبيبٌ منْ لداغِ الدّهر راقي |
إذا غمضَ السّقامُ على المداوي | تطلّعَ منْ غوامضهِ العماقِ |
ألا أبلغْ ملوكَ الأرضَ أنَّا | على الزوراءَ في العيشِ الوفاقِ |
لنا ملكٌ يربُّ على نظامٍ | شتائتَ أمرنا وعلى اتساقِ |
إذا جمدَ الغمامُ جرتْ يداهُ | فعمّتنا بمنهمرٍ دفاقِ |
أطاعتهُ المقادرُ واستجابتْ | لهُ في كلِّ رقعٍ وانفتاقِ |
تناهوا عنْ عداوتنا تناهوا | وفي الأرواحِ باقية َ الرَماقِ |
فقدْ جرَّبتمُ بالأمسِ منّا | عرائكَ لا تلينُ على اعتياقِ |
وكمْ مللٍ جليلٍ ندَّ عنّا | فطاحَ على ذوابلنا الدقَّاقِ |
عسفناهُ وآخر قدْ ملكنا | مقادتهُ بلطفٍ وارتفاقِ |
وجاءتنا السعودُ بكلِّ عاصٍ | على عجلٍ تعارضُ واستباقِ |
وأبصرَ رشدهُ ابنَ أخٍ شقيقٍ | فطاوعَ أمرنا بعدَ الشَّقاقِ |
رأى طعمَ العقوقَ لنا مريراً | فبرَّ ودلّهُ صدقُ المذاقِ |
أراهُ الحقَّ أمرُ اللهِ فينا | فنبَّهَ جفنهُ بعدَ انطباقِ |
تذكَّرها على الأهوازِ شعثاً | نزائعَ بينَ خرقٍ أو مراقي |
وأنذرهُ بدلاّنٍ وسومٌ | على الأعناقِ ثابتة ٌ بواقي |
وناشدَ بالقرابة ِ فانعطفنا | لهُ عطفَ الغصونِ على الوراقِ |
فها هو لو دعوناهُ لخطبٍ | أطاقَ لأمرنا غير المطاقِ |
فنصراً يا مليكَ الأرضِ نصراً | على رغمِ المحايدِ والملاقي |
تهنَّ بدولة ٍ أنكحتَ منها | فتاة ً لا تروِّعُ بالطلاقِ |
وما اقترحتْ سوى أنْ ترضيها | وأنْ تحنو عليها منْ صداقِ |
وعادَ المهرجانُ بخفضِ عيشٍ | يرفُّ على ظلائلهِ الصّفاقِ |
هو اليومُ ابتناهُ أبوكَ كسرى | وشيَّدَ منْ قواعدهِ الوثاقِ |
وشقَّ لهُ منْ اسمِ الشّمسِ وصفاً | يصولُ بهِ صحيحُ الإشتقاقِ |
ويقسمُ لو رأكَ جلستَ فيهِ | لجاءكَ قائماً لكَ فوقَ ساقِ |
واعجبهُ تنزلّهُ بعيداً | وأنتَ على سريرِ الملكِ راقي |
وأسلاهُ عنْ الإيوانِ بقياً | مقامُ العزِّ في هذا الرواقِ |
فبادرْ حظَّ يومكَ واقتبلهُ | على النشواتِ بالكأسِ الدَّهاقِ |
منَ السوداءِ لمْ تكُ بنتَ كرمٍ | دفينٍ بلْ من الهيفِ البساقِ |
مولِّدة َ الخوابي لمْ تلدها ال | دِّنانُ ولمْ تمخِّضْ في الزِّقاقِ |
وإنْ هي لمْ تكنْ حمراءَ صرفاً | ولا صفراءَ بالماءِ المراقِ |
ولا لونُ الخدودِ لها إذا ما | أفيضتْ في أوانيها الرِّقاقِ |
فألوانُ القلوبِ إذا أديرتْ | تناسبها وألوانُ الحداقِ |
وأحسنُ صبغتينِ سوادَ كأسٍ | تعلَّقَ في بياضِ يمينِ ساقي |
وحرّمها الحجازيّونَ ظلماً | لها فأحلّها أهلُ العراقِ |
وما متجبِبُ فيهِ اختلافُ | كمحظورٍ يحرَّمَ بالوفاقِ |
عففتُ فعفتَ عينَ الخمرِ دينا | إذا ما عفَّ قومٌ للنِّفاقِ |
فباكرها على أقمارِ تمٍّ | تقابلُ فوقَ أغصانٍ رشاقِ |
ونلْ بيمينكَ الدُّنيا جميعاً | وأطبقها على السبعِ الطباقِ |
تدرَّج في السنين تعدّ ألفاً | وترجعْ بعدُ في أولى المراقي |
إلى أنْ تصبحْ الخضراءُ ماءً | ويفنى النيّرانُ وأنتَ باقي |