خفِّفْ بذات البان من أثقالها
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
خفِّفْ بذات البان من أثقالها | وامددْ لها وراخِ من حبالها |
وخلِّها سارحة ً من وجرة ٍ | في كهلها السَّبطِ وفي سلسالها |
رافعة ً ما انحطّ من أعناقها | جامعة ً ما شذَّ من فصالها |
لعلَّها تخلف من أوبارها | ما حلقَ الجدبُ ومن أنسالها |
قد آن أن ينتصرَ الدهرُ لها | ويخجلَ الواعدُ من مطالها |
وأن تراحَ أذرعٌ وأسواقٌ | ناحلت العصيَّ من كلالها |
لها بنعمانَ مدى اقتراحها | من واسع الأرزاق أو حلالها |
وما يجرُّ الأمن من أرسانها | مرخى ً وما يسحب من جلالها |
وكالدُّمى من ظبياتِ حاجرٍ | كوالئا يصلحن من أحوالها |
نعم فياسقى الغمامُ حاجرا | ما احتكم الشاخصُ من أطلالها |
ولا عدمتُ من صباها نفحة ً | باردة ً تأتي ومن شمالها |
فكم بها واكبدي فيمن بها | من أمّ خشفين ومن غزالها |
ورامياتٍ عن ذواتِ مقلٍ | تلاوذَ القاريُّ من نبالها |
كلّ قناة ٍ ركزت على نقاً | ينقص بدرُ التمّ من هلالها |
تحكمُ ما اشتطّت على حقابها | وتطلب الأمانَ من خلخالها |
عوَّلتُ منهنّ غداة َ غامدٍ | على تعلاّتِ المنى وخالها |
بنَّ صحيحاتٍ وأرسلنَ معى | جفنا قريحا وفؤادا والها |
وطارقا من الخيال ربما | بلَّ القلوبَ الهيمَ من بلبالها |
تزيره على النوى ضنينة ٌ | ما خطرتْ زيارة ٌ ببالها |
لولا جنونُ الحبّ وخبالهُ | لم نرضَ منها بسُرى خيالها |
زارت وأخياطُ الدجى عقودها | قد بدأت تأخذُ في انحلالها |
والعيسُ أيديها إلى صدورها | لم تتروّحْ بعدُ من عقالها |
وفي الركاب عصبٌ بدائد | رجالها مفترشو جمالها |
وافقَ من أشخاصها طولُ السُّرى | وخالف الأوطارُ من أحوالها |
فساهرٌ لحاجة ٍ ما نالها | ونائمٌ عنها ولم يبالها |
فلو أمنتُ كذبَ الحلمِ بها | قمتُ فصلّيتُ إلى تمثالها |
ثم انتبهتُ ويدي لامسة ٌ | أن تعلقَ المفلتَ من أذيالها |
يا عاذلي في العزِّ بنْ فإنها | نفسُ هوى ً تأبى على عذَّالها |
ما أنت في لومي على نزاهتي | من همّ حاجاتي ولا أشغالها |
قد أخذ المجدُ وأعطى بيدي | فما يطول الأفقُ عن منالها |
وقد ولجتُ أطلبُ القصوى فما | تجنَّبتْ رجلي في إيغالها |
وقوّدتْ يدُ الوزير الدهر لي | فجاءني يرسفُ في شكالها |
جاد وأخلافُ الحيا بكيّة ٌ | لا يطمع العاصبُ في أرسالها |
كأنَّ عينَ عاشقٍ مفارقٍ | بمائها يمينهُ بمالها |
ومدَّ من نعمائه ضافية ً | يفضلُ غنّى مسحبا سربالها |
في كلّ يومٍ نظرة ٌ ضاحية ٌ | تكشف عن حالي دجى ضلالها |
ونعمة ٌ تخلقَ مثلَ أختها | في الحسن أو يحذى على مثالها |
أمكنني من الندى أخو الندى | في قومه وابنُ العلا وآلها |
ولافت الأيام ورقابها | قد ذهبتْ عرضا مع انفتالها |
والعادلُ المقيم منها صعدة ً | لا يظفر الثقّافُ باعتدالها |
مدّ على الدولة من عميدها | أفيحُ لا يقلص من ظلالها |
وارتجعت بسيفه وعزمه | ما استلب الزمانُ من كمالها |
قام بها وكاهلُ الدهر بها | مضعضعٌ يعيا عن احتمالها |
والناس إما عارفٌ مقصّرٌ | أو جاهلٌ بموضع اختلالها |
يغمط نعماها ويُلغي حقَّها | ويطلب العزَّة بابتذالها |
حتى أتاها الله من عميدها | بكاشف الغمّاء من خلالها |
بالواحد المبعوث في زمانها | والباتر المبعوث لانتشالها |
من طينة ريَّا التراب جبلتْ | جواهرُ السؤدد في صَلصالها |
ربتْ مع الزمان وهو يافع | واكتهل الدهرُ مع اكتهالها |
ودرجتْ في البيت فالبيتُ على | مرازبِ الملوك أو أقيالها |
لملَمها عبدُ الرحيم وسقى | أيوبُ بالمفعم من سجالها |
فهي إذا عبَّس فخرٌ ضحكتْ | عجبا ببنتِ عمّها وخالها |
يا شرف الدين تملَّ ودَّها | واسكن إلى الدائم من وصالها |
وزارة قيّضك الله لها | أحبَّ من يبغى صلاح حالها |
أنكحتها من بعد ما تعنَّستْ | ولجَّت الأيامُ في إعضالها |
عزّت فلمّا أن تسمّيتَ لها | كفيتها وكنتَ من رجالها |
كنت لها ذخيرة ً وإنما | مثلُك موقوفٌ على أمثالها |
خيالك اليومَ عليها ولقد | كان رجالٌ أمسِ في خيالها |
ملكتها ملكَ اليمين فاحتفظ | برقِّها واسبل على حجالها |
واجمع هنيئا لك بين صونها | وبين ما راقك من جمالها |
جاءتك لم تقرعْ بظنبوبٍ ولا | سوطٍ ولا أرصدتَ لاغتيالها |
ولا طرقتَ غاشياً أبوابها | بين غداياها إلى آصالها |
طائعة ً جاءتك بل مضطرّة | منتشطَ البكرة ِ من عقالها |
تطلب معنى ً لاسمها مخلَّصا | من كذبِ الأسماء وانتحالها |
تخطّت البزلَ الجلالاتِ إلى | أوائل الأعمار واقتبالها |
تؤمّ منكم عصبة ً تعرَّفت | سيادة الكهول في أطفالها |
حتى استقرّت منك في موطنها | مكانَ لا تأنس بانتقالها |
هذا الذي حدّثك الشعرُ به | عن آية الذكاء واستدلالها |
وبشّرتك ماضياتُ فقري | بأنه يكون في استقبالها |
عيافة ٌ عندي يمنُ طيرها | وزاجراتٌ ليَ صدقُ فالها |
قلنا وصحَّ فافعلوا فإنما ال | حسنى بعشرٍ منكمُ أمثالها |
ففضلنا يُعرفُ في أقوالنا | وكرمُ الملوك في أفعالها |
وما نذمُّ قاطراتِ سحبكم | فينا ولا نكفرُ بانهمالها |
ولا رأينا البحرَ عبَّ فوفى | بجود أيديكم ولا نوالها |
لكن نرى أنّ الخمولَ ضيعة ٌ | في دولة ٍ ونحن من عيالها |
وأنّ عنقاءكمُ تحلَّقتْ | ولم تغيَّر حالنا بحالها |
وقد نضونا العمرَ في رجائها | ننتظرُ الإقبالَ في إقبالها |
وحرُماتٍ أغفلتْ والمجدُ غض | بانُ لنا لا شك من إغفالها |
فاقتدحوا خلَّتنا بنظرة ٍ | تنبتُ نارَ العزِّ في ذبالها |
وبلِّغوا الآمالَ منكم أنفسا | قد بلغت فيكم مدى آمالها |
واستقبلوها غررا سوائرا | لا تخرُقُ الرياحُ في مجالها |
تطوى البلادَ خوّضا بحارها | رواقيا فيكم ذرى جبالها |
لا ترهب الفوتَ إذا تأيّدتْ | ولا تخاف زلّة استعجالها |
لصحفها منها إذا ما انتُضيت | ما بجفون البيض من نصالها |
تخبركم عن الخلودِ أبدا | وتخبر الأعداءَ عن آجالها |
يضحك منها المهرجانُ اليوم عن | بردِ الثنايا الغرِّ وصقالها |
يتيه في الزمان مثلَ تيهها | في الشعر أو يختال كاختيالها |
يومٌ حكى فضلك فامتاز لنا | عن شبهِ الأيّام أو أشكالها |
جاء مع الوفود مشتاقا على | تباعد الشُّقَّة واعتلالها |
فواقفا ما لحتَ كوقوفها | وسائلا ما جدتَ كسؤالها |
مبشّرا أنك والي نعمة ٍ | لا تطمع الأحداث في زيالها |
تبقى مع الدهر فإن تنكَّرتْ | بالدهر حالٌ لم تزل بحالها |