تربَّعتْ بينَ العذيبِ فالنَّقا
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
تربَّعتْ بينَ العذيبِ فالنَّقا | مرعى ً أثيثاً ومعيناً غدقا |
وبدِّلتْ منْ زفراتِ عالجٍ | ظلائلاً منَ الحمى وورقا |
ترتعْ في منحاتٍ بدنا | كما اشتهتْ ربيقة ً أنْ تطلقا |
فدبَّ فيها الخصبُ حتى رجعتْ | سدائساً بزلاً وكانتْ حققا |
فكلَّما تزجرها حدَّاتها | رعى الحمى ربَّ الغمامِ وسقى |
وإنَّما ذلكَ لينفضنَ لنا | إلى ديارِ الظَّاعنينَ الطُّرقا |
حواملاً منَّا هموماً ثقلتْ | وأنفساً لمْ تبقِ إلاَّ رمقا |
يحملننا وإنْ عزينَ قصباً | وإنْ دمينَ أذرعاً وأسؤقا |
واصلة ً منْ يردُّ جنبهُ | عنْ ليلها وإنْ سئمنَ العرقا |
خلنَ لها فرجاً فخلنَ وقعها | في آلٍ وهي طوافٍ عرقا |
نواصلاً منْ غمرة ٍ فس غمرة ٍ | لا يعلقُ السَّيلُ يها تدفُّقا |
دامَ عليها اللَّيلُ حتى أصبحتْ | تحسبُ فجرَ ذاتِ عرقٍ شفقا |
ومنْ لها ومنْ لنا يخبرنا | عنْ ظبياتٍ عاقلٍ أنْ يصدقا |
وعنْ قلوبٍ رحنَ في قبابها | لو نضحَ الماءُ عليها احترقا |
يا حبَّذا المعرضِ عنْ سلامنا | برامة ٍ سالفة ٍ وعنقا |
وحبَّذا حيٌّ إذا شنُّوا الوغى | شاموا السُّيوفُ واستسلوا الحدقا |
ورامياتٍ لا يؤدينَ دماً | ولا يبالينَ أسالَ أمْ رقا |
وقفنَ صفَّاً فرأينَ شركاً | منْ القلوبِ فرمينَ طلقا |
ولا منْ كنَّ الرَّدى بأمرهِ | لولا القلوبَ لمْ يجدنَ مرشقا |
منْ راكبٌ تحملهُ إلى الهوى | أختُ الهواءِ نزوة ً وقلقا |
عرِّجْ على الوادي وقلْ عنْ كبدي | للبانِ ما شئتَ الجوى والحرقا |
واحجر على عينيكَ حفظاً أنْ ترى | غصنينِ منهُ دنيا فاعتنقا |
فطالما استظللتهُ مصطحباً | سلافة َ العيشِ بهِ مغتبقا |
أيَّامُ لي على المها بلمَّتي | إمارة ٌ أرجى لها وأتقى |
وفي يدي منَ القلوبِ حبِّها | أملكها صبابة ً وعلقا |
والبينُ ما استنبحَ لي كلباً ولا اس | تنعبَ في شملي غراباً أحمقا |
وشربُ جارتي منى ً ومشربي | منْ منهلٍ إما صفا أو رنقا |
أمشي وقدْ رصعنني بأعينٍ | تكحِّلهنَّ أشراً ورونقا |
فاليومَ بقَّى العيشُ لي قذاتهُ | وارتجعَ الشَّعشاعة َ المصفَّقا |
لا جارُ إلاَّ أنْ تكونَ ظبية ٌ | ولا ديارَ أو تكونَ الأبرقا |
لا وأبي خنساءَ أو راقدها | على النَّوى قدْ فنيتُ أرقا |
ما سهري ببابلٍ ونومها | بحاجرٍ إلاّ النَّعيمُ والشَّقا |
وليلة ٍ منَ التَّمامِ جئتها | أسايرُ النَّجمَ وأحدو الغسقا |
تمطلُ عيني أنْ ترى منْ فجرها | بينَ السَّوادِ أبيضاً أو أزرقا |
ضلَّتْ بها البيضاءُ عنْ طريقها | فلمْ تجدْ بعدَ الغروبِ مشرقا |
سريتها مستأنساً بوحدتي | وطالبُ العزِّ قليلُ الرَّفقا |
وطارقٌ على الكلالِ زارني | بعدَ الهدوءِ وبخيرٍ طرقا |
يهدي منَ الكوفة ِ لي تحيَّة ً | ذكية ً تملأُ رحلي عبقا |
فضمَّنتُ سوادها صحيفة ً | ردَّتْ سوادَ النَّفسِ فيها يفقا |
منَ الزكيِّ طينة ً ودوحة ً | وثمراً وخلقة ً وخلقا |
معرفة ٌ وافقَ معناها اسمها | كالسَّيفِ ألفى مفصلاً فطبَّقا |
وبعضهمْ ملقَّب أكذوبة | لا صداقُ المعنى ولا متفقا |
فقعْ بكوفانِ فقلْ لبدرها | إنْ بلَّغتكَ العيسُ ذاكَ الأفقا |
يا خيرُ منْ حلَّتْ على أبوابهِ | حبى الوفودَ جمعاً وفرقا |
وخيرَ منْ طافَ ولبَّى وسعى | وعبَّ في بئرِ الحطيمِ وسقى |
ونتظموا المجدَ نبيَّاً صادعاً | بالمعجزاتِ وإماماً صدقا |
وابنُ الذينَ بصَّروا منَ العمى | وفتحوا بابَ الرَّشادِ المغلقا |
مناسكُ النَّاسِ لكمْ وعندكمْ | جزاءُ منْ أسرفَ ومنْ اتقى |
والوحيُ والأملاكُ في أبياتكمْ | مختلفانِ مهبطاً ومرتقى |
لا يملكُ النَّاسُ عليكمْ إمرة ً | كنتمْ ملوكاً والأنامُ سوقا |
في جدَّة ِ الدَّهرِ وفي شبابهِ | وحينَ شابَ عمرهُ وأخلقا |
مجداً إلهياً توخَّاكمْ بهِ | ربُّ العلا وشرفاً محلِّقا |
أربقتمُ بالدِّينِ قوماً ألحدوا | فيكمْ وعنْ قومٍ حللتمْ ربقا |
وأمَّنَ اللهُ بكمْ عبادهُ | حتى حماكمْ بيتهُ الطوَّقا |
ليسَ المسيحُ يومَ أحيا ميتاً | ولا الكليمُ يومَ خرَّ صعقا |
ببالغينَ ما بنى أبوكمُ | وإنْ هما تقدُّماً وسبقا |
وراكبُ الرِّيحِ سليمانُ أو اب | تغاكمُ في ظهرها ما لحقا |
لا أبوهُ ناسجاً أدارعهُ | مضاعفاً سرودها والحلقا |
فضلتموهُ ولكلٍّ فضلهُ | فضيلة ِ الرأسِ المطا والعنقا |
ومنكمُ مكلِّمُ الثُّعبانِ وال | عابرِ والموتُ يراهُ الخندقا |
ومؤثرُ الضَّيفِ بزادِ اهلهِ | وصاحبُ الخاتمِ إذ تصدَّقا |
وكلُّ مهديٍّ لهُ معجزة ٌ | باهرة ٌ بها الكتابُ نطقا |
منْ استقامَ ميلهُ إليكمُ | فازُ ومنْ حرَّفَ عنكمْ أو بقا |
كنتَ ابنهُ سيفاً حماماً ويداً | غيثاً زكيَّاً وجبيناً فلقا |
وأنَّ غصناً أنتَ منْ فروعهِ | لخيرُ غصنٍ مثمراً أو مورقا |
ولُسُناً إذا الكلامَ انعقدتْ | أطرافهُ أخذَ المخنَّقا |
تطعنْ شزراً والخصامُ واسعٌ | فيهِ وإنْ كانَ المجالُ ضيِّقاً |
فواركٌ منَ الكلامِ لمْ يكنْ | تنكحُ إلاَّ الأفوهَ المنطَّقا |
قدْ وصلتْ تحلُّ لي عقودها | منخرطَ الشُّهبِ انحدرنَ نسقا |
أسمعُ منها المتحدِّي معجزاً | حتى يقرَّ وأريهِ مونقا |
أعرتني فيها سماتِ مدحٍ | كنتَ أحقَّ باسمها وأليقا |
واليتها بادية ً وعوِّدا | كالسَّيلِ يرمي دفقاً فدفقا |
حتى ملكتَ رقَّ نفسٍ حرَّة ٍ | بها وقيَّدتَ فؤاداً مطلقا |
تكرمة ً أيقظكَ الفضلُ لها | والحظُّ قدْ غمَّضَ عنها الحدقا |
جاءتْ أميناً كيدها في زمنٍ | لا تخدعُ الحيَّاتُ فيها بالرُّقى |
كأنَّما ردَّ على قلبي لها | في دولة ِ الوحشِ أنسٌ سرقا |
والعينُ في أمثالها مشرعة ٌ | ما لمْ يقِ اللهُ وقدماً ما وقى |
نحلتني مدحكَ فخراً باقياً | في عقبي مادامَ للدَّهرِ بقا |
حلَّيتُ منهُ فرساً منْ بعدِ ما | تعطَّلتْ أسورة ٌ وأطوقا |
فاستقبلتْ منْ عزِّها ماقدْ مضى | واسترجعتْ منْ ملكها ما طلقا |
وكيفَ لا ينصرُ فضلُ معشرٍ | همْ نشروا لواءكمْ أو خفقا |
وهمْ أعزَّوا صهركمُ وودَّكمُ | وقدْ أطاعَ القرباءَ الرفقا |
وبيننا إنْ لمْ تكنْ قرابة ٌ | ولاية ٌ تحصفُ تلكَ العلقا |
ولمْ يكنْ أحرارُ ملكِ فارسٍ | إلاَّ عبيداً لكمُ أو عنقا |
وعاجلٌ أمطرني منكَ الحيا | وأجلٌ أومضَ لي وأبرقا |
وعدتني فارتشتُ محصوصاً بما | وعدتنيهُ وغنيتُ مخفقا |
فاسمعْ وعشْ تجزى بما تسمعهُ | مطارباً لو نادتْ الميتَ زقا |
لو ما رميتُ الحجرَ الصَّلدَ بها | أخدعهُ عماية ً لأنفلقا |
تخلقُ لي في قلبِ كلِّ حاسدٍ | إما هوى ً محضاً وإما ملقا |
قدْ تركَ النَّاسُ لها طريقها | وسلَّموا الرَّكضَ لها والعنقا |
إذا الكلامُ الفصلُ كانَ ذنباً | أو كفلاً كانَ طلى ً ومفرقا |
غريبة ُ الحدثانِ في أزمانها | بذَّتْ فحولَ الشُّعراءِ السُّبَّقا |
إذا الكلامُ اشتبهتْ شياتهُ | واختلطتْ عرفتَ منها الأبلقا |
يجهلُ منها النَّاسُ ما علمته | لا عجباً أنْ يحرموا وترزقا |
فهي إليكَ دونَ كلِّ خاطبٍ | تزفُّ شفعاً وتساقُ رفقا |
بشَّرني عنكَ الخبيرُ بالتي | نحي السُّرورَ وتميتُ الحرقا |
وقالَ صبراً وانتظرْ صبحَ غدٍ | تدني السَّماءُ بدرها المحلِّقا |
غداً تراهُ فرفعتُ ناظراً | كانَ على قذى الفراقِ مطبقا |
وقلتُ نفسي لكَ إنْ قبلتها | حقُّ البشيرِ قالَرهنٌ غلقا |
قدْ ملكتني غائباً نعماؤهُ | وأفعمتْ قلبي حتى اندفقا |
فلمْ يدعْ قبلَ اللِّقاءِ طولهُ | فيهِ مكانَ فرحة ٍ يومَ اللِّقا |
فمرحباً إذا صدقتَ مرحباً | لكَ المنى إنْ تمَّ أو تحققا |
جادتكَ أنواءُ السَّماءِ أبداً | أينَ حللتَ وكفَّاً وودَّقا |
ولا عدتُ بكتبها ونشدها | سمعكَ موروداً بها مستطرقا |
ولا يزالُ المهرجانُ واضحاً | بها عليكَ في الطلوعِ مشرقا |
والصَّومُ والعيدُ إلى أنْ ينطوي | مرُّ النُّجومِ طبقاً فطبقا |
إذا دعوتُ اللهَ أنْ يبقيكَ لي | فقدْ دعوتُ للمعالي بالبقا |