طوى اللّيلَ راكبَ أخطارهِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
طوى اللّيلَ راكبَ أخطارهِ | على شحطِ داريَ منْ دارهِ |
خيالٌ وفى بضمانِ الهوى | فجاءَ رسولاً لغدّارهِ |
سرى منْ ضنينٍ لمعروفهِ | تعرَّضَ فيَّ لإنكارهِ |
حبيبٌ جبانٌ بغيرِ الوصالِ | شجاعٌ بإهداءِ آثارهِ |
طرقتُ بما زارَ منْ طيفهِ | كأنّي طرقتُ بعطَّارهِ |
تطَّلعَ يقصرُ ليلَ التَّمامِ | طلوعَ كواكبِ أسحارهِ |
بأشنبَ يسمحُ للرَّاشفينِ | بنهبِ ودائعِ خمَّارهِ |
إذا أسكرتْ دائراتُ الكئوسِ | صحا الشَّاربونَ بأدوارهِ |
أقامَ فوافى وجلّى بهِ | منَ الصبحِ أخبثُ أطيارهِ |
وبرقُ خشوعي منْ طيفهِ | وماءُ جفوني منْ نارهِ |
تعرّضّ لي شفقُ الأتحم | يِّ تنزو الرِّياحُ بأشطارهِ |
فطارحني منْ حديثِ العذيبِ | وفاكهني طيبَ أخبارهِ |
أراني مواقدَ نيرانهِ | بعيداً ومجلسَ سمَّارهِ |
وذكَّرني زمناً ما شربتُ | دموعيَ إلاَّ لتذكارهِ |
وليلاً عدمتُ ضياءَ السُّرو | رِ منذُ فجعتُ بأقمارهِ |
وهيفاً غذاهنّ وادي النَّعيمِ | بجنّاتهِ وبأنهارهِ |
ملكن الهوى فأعرنِ القلو | بِ ما شئنَ منهُ سوى عارهِِ |
فهنَّ ظواهرُ ما غابَ منهُ | وهنَّ بواطنُ أسرارهِ |
وأبلهُ لا تجدْ العينُ في | هِ نهجاً يقصُّ بآثارهِ |
يقلُّ عليهِ انتفاعُ الدَّليلِ | بتجريبهِ وبتكرارهِ |
ندبتُ لهُ يدَ طبِّ الحسابِ | بأخماسهِ وبأعشارهِ |
غنيٌّ عنْ النَّجمِ أنْ يستدلَّ | بواقعهِ وبطيارهِ |
ونبّهتُ ذا رقدة ٍ حلوة ٍ | فقامَ لأمري وإمرارهِ |
يخالُ بخبرتهِ بالفضا | ءِ أعطى َ قسمة َ أقطارهِ |
يداري إلى السُّوطِ جفناً خيوطُ ال | كرى ممسكاتٌ لأشفارهِ |
فملنا إلى جنحِ ليلٍ يضيعُ | بياضُ الكواكبِ في قارهِ |
لعزٍّ تركنا غراماً بهِ | سروجَ الطَّريقَ لأكوارهِ |
وأحرى بهِ أنْ يجلَّى دجاهُ | بوجهِ الوزيرِ وإسفارهِ |
وأنْ يضعَ السَّيرُ أثقالهُ | إذا رفعتْ حجبُ أستارهِ |
إذا شرفُ الدِّينِ حطَّتْ بهِ | قدرنا سراها بمقدارهِ |
فطابَ المقامَ لقطَّانهِ | وقرَّ المطيَّ بسفَّارهِ |
اليكُ افتضضنا عذارى ال | سُّهوبِ بعونِ الرَّجاءِ وأبكارهِ |
إلى خير منْ حلّ شوقاً إليهِ | ركابُ المطيّ لأسيارهِ |
فحَّرمها أنْ تشمَّ الهوانَ | فتى ً لا يجارُ على جارهِ |
كريمٌ يعدُّك أغنيتهُ | إذا أنتَ جئتَ لإفقارهِ |
كأنّكَ أوّلُ أحبابهِ | إذا كنتَ آخرَ زوّارهِ |
دعِ النَّاسَ واعكفْ على بيتهِ | فدرُّ الّندى تحتَ أحجارهِ |
رواقٌ ترى المجدَ في صدرهِ | ورزقكَ ما بينَ أكسارهِ |
وهبْ عشبَ الأرضِ للرَّائدين | إذا ما وليتَ بأقطارهِ |
حمى اللهُ أبلجَ بدرُ التَّما | مِ يطلعُ ما بينَ أزرارهِ |
وحيَّا على رغمِ زهرُ النُّجو | مِ وجهاً يعمُّ بأنوارهِ |
وأعدى أعاديهِ منْ مالهِ | إذا جادَ قلّة َ أعمارهِ |
همامٌ ظواهرَ أسدِ الشَّرى | تلاوذُ في الغابِ منْ زارهِ |
يهيبُ بها بعدَ إصحارهِ | وترهبهُ قبلَ إصحارهِ |
حليمُ السَّطا ينزلُ الذَّنبُ منهُ | بواهبهِ وبغفّارهِ |
تنامُ على الفرطاتِ العظا | مِ عيناهُ إلاَّ على ثارهِ |
نهيتُ عدوّكَ لو أنَّهُ | بوعظي تاركُ إصرارهِ |
وقلتُ حذاركَ لا تغتررْ | بصلّ الحماطة َ في غارهِ |
فبعدُ سكينة ِ مجموعهِ | تسوءكَ وثبة َ ثوَّارهِ |
فلمْ ينتصحني ولمْ يعنني | وقدْ حانَ كثرة ُ إنذارهِ |
ومرّ يجاري على الإغترا | رِ منْ ليسَ منْ خيلِ مضمارهِ |
أرادَ ليغمزَ صمَّ القنا | بجوفِ اليراعِ وخوَّارهِ |
وشاورَ في البغى شيطانهُ | فأطغتهُ طاعة ُ أمّارهِ |
وعارضَ معجزَ آياتكمْ | بكذَّابهِ وبسحَّارهِ |
توغَّلَ يدرسُ آثاركمْ | فأنغضَ منْ دونِ آثارهِ |
ومدَّ ليحملَ ما تحملونَ | صليفا ضعيفا بأوقارهِ |
وكانَ يلامُ فلمّا لجا | إلى العجزِ قامَ بأعذارهِ |
ألمْ يكفهِ غدرُ كرَّاتهِ | بهِ وتقلّبُ أطوارهِ |
وتجريبهُ معكمْ نفسهُ | فينهى اللّجاجَ بإقصارهِ |
ولما انتصرتَ بكافي المهمِّ | أحسَّ بخذلانِ أنصارهِ |
ظفرتَ وها هو تحتَ الإسا | رِ يأكلُ زائدَ أظفارهِ |
تعفَّى الخطايا بإقلاعهِ | وتمحو الذُّنوبَ بإقرارهِ |
رضيتَ بقلِّكِ حتّى تعزَّ | ويرضى الهوانُ بإكثارهِ |
فقنطارُ مالكَ دونَ الأذى | ومهجتهُ قبلَ دينارهِ |
تجلَّتْ بسعدكَ غمَّاؤها | فتوقَ الصَّباحَ بإسفارهِ |
وغرمَ الّذي فاتَ في ذمّة ِال | قضاءِ وسابقَ أقدارهِ |
وقدْ جنبَ الدَّهرُ منْ نفعهِ | منائحَ في حبلِ إصرارهِ |
سيأتي تنصُّلهُ آنفا | فيسفرُ في حظٍّ أوزارهِ |
ودونَ جنا النَّحلِ وخَّازة ٌ | تشقُّ على يدِ مشتارهِ |
بقيتَ لملكٍ إذا كنتُ فيهِ | فإثراؤهُ معِ إصفارهِ |
ويا ربِّ بيتِ النّدى لا أصي | بَ منكَ بسّيدِ عمّارهِ |
ودارَ بما شئتَ قطبَ النجو | مِ تعطى سعادة أدوارهِ |
وزارَ جنابكَ هذا الرَّبيعُ | بمنخرقِ الخلفِ درَّارهِ |
تجارى سماحكَ أنواؤهُ | وخلقكَ زهرة ُ أنوارهِ |
يؤديكَ نيروزهُ سالما | إلى صومهِ ثمَّ إفطارهِ |
وبقّيتَ لي وزرا لا تدرُّ | سحابي إلاّ بإعصارهِ |
لمضطهدٍ يسرهُ ما اتسعتَ | وضيقكَ آية ُ إعسارهِ |
رماني زماني بما نابكمْ | فأغرقَ في نزعِ أوتارهِ |
وعمّقَ يجرحُ ما لا تنا | لُ كفُّ الطبيبِ بمسبارهِ |
فمنْ كلمَ قلبي وإحراقهِ | إلى فقرِ ربعي وإقفارهِ |
فلا يعدْ منكمْ شريبٌ لكمْ | على حلوِ دهرٍ وإمرارهِ |
سليمُ الأديمِ على ودِّكمْ | إذا رابَ كثرة ُ عوّارهِ |
يمدكمْ ما استطاعَ الثَّناءَ | بقاطنهِ وبسيَّارهِ |
إذا لمْ يجدْ حبوة ً بالثَّراءِ | حباكمْ بصفوة ِ أفكارهِ |
فإنْ فاتهُ بيدٍ نصركمْ | أظلَّكمُ نصرُ أشعارهِ |