شتاء أمة
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
كعادتي في أيام عطلتي، أخرج صباحًا أحتسي فنجانًا من القهوة في حديقة منزلي.وضعتُ فنجان القهوة جانبًا، وبدأ يشد ناظري تساقُط أوراق الأشجار، كان الشتاء بدأ يخفق بجناحيه القاسيين فوق ربوع بلادي.
عدتُ بعدها إلى فنجان قهوتي لأرتشف منه قليلاً، تلك الأوراق تُرى لماذا تسقط؟ ترمي بنفسها على الأرض، وتترك من رعتها طويلاً ساكنة، بدا في محيَّاها اليأسُ، تتلاعَب بها رياحُ الشتاء القاسية، شعرتُ بشيءٍ من البرد؛ لكنه شيء من الدفْء، بدأ يتسلَّل إلى أطرافي عندما لاحظت أن البخار ما زال يتصاعَد من فنجان القهوة.
لكنها ستعود بعد أن ينقضي الشتاء، قلتُ في نفسي: وستعود خضراء نضرة، تغطي وتدفئ تلك الأغصان التي لطالما انتظرتْ عودتها.
أفزعني صوت عالٍ دوى في المكان؛ حتى إني لا أعلم مصدره، بدا وكأنه صفارة إنذار، أحسستُ أنه ينبهني إلى خطرٍ داهم!
تلك الأشجار وهذه الأوراق المتساقطة حولي، تذكرني بتلك الأوطان وأولئك الضعفاء الذين يرمون أنفسهم أو قد يُرمى بهم في الهاوية.
ستعود الأوراق لتغطي تلك الأشجار.
أما تلك الأوطان، فهل سيعود لها مجدها الذي سقط منذ زمن ليس بقريب، وضاع في شتاءٍ موحل؟ هل سيعود لها مجدها ليقطع يد الظلم والجهل التي لطالما عبثت بها؟
أما فنجان قهوتي فقد أصبح باردًا، بعد أن تركتُه طويلاً في هذا الجو البارد.