ما أنتِ بعد البين من أوطاني
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ما أنتِ بعد البين من أوطاني | دارَ الهوى والدارُ بالجيرانِ |
كنتِ المنى من قبل طارقة ِ النوى | والشملُ شملي والزمانُ زماني |
ولئن خلوتِ فليس أوّل حادثٍ | خلت الكناسُ له من الغزلانِ |
طربُ الحمامِ بطبعهنّ وإنما اس | تملين فيكِ النوحَ من أحزاني |
أمخيّمون على اللوى من عالج | أم لاحقون الماء في ماوانِ |
دعهم وقلبي ما وفوا بضمانه | ودع البكاء لهم يفي بضمانِ |
رحلوا بأحلامي فقلتُ لمقلتي | إن النهى حجرٌ على الأجفانِ |
بيضاءُ في الغادين يومي أسودٌ | من بعدها وبكاي أحمرُ قاني |
عطف الفؤادَ على الحدائق أنها | خلعتْ تعطُّفها على الأغصانِ |
يا شمسُ طال الليل بعد فراقها | طال الصباحُ وأنتِ في الأظعانِ |
إن النميرَ لواردي فتعلّما | يا صاحبيَّ من الذي تردانِ |
يتعاورُ الحسَّادُ أخذي طائعا | بيدٍ لحقِّ الله من شيطاني |
هي فطرة ٌ مازلتُ من ثقتي بها | قدما أشمُّ العزَّ من أرداني |
وقناعة ٌ بالعفو تؤذن أنها | للفضل إن الحرص للنقصانِ |
ما ضرَّ من أفقرتُ فيه خواطري | وهو الغنيّ لو أنه أغناني |
ليت البخيل القابلي والباخسي | حقِّي كما هو مانعي ياباني |
ما سرَّني منه وفي أفعالهِ | سخطُ المكارم أنه يرضاني |
لا شيءَ في ميزان شعري عنده | وأخفّ شيء في الجدا ميزاني |
في الناس من يرضى بجبن يمينه | إن عدّ يومَ الرَّوع غيرَ جبانِ |
ولقد تكون يدُ الكميِّ قصيرة ً | بالبخل وهي مع السماح يدانِ |
كثرُ الحديثُ عن الكرام وكلُّ من | جرّبتُ ألفاظٌ بغير معاني |
إلا بسعدٍ من تنبّه للعلا | هيهات نوَّمهمُ من اليقظانِ |
مهلا بني الحسد الدخيلِ فإنها | لا تدرك العلياءُ بالأضغانِ |
سعد بن أحمد أبيضٌ من أبيضٍ | في المجد فانتسبوا بني الألوانِ |
بين الجبال الصُّمِّ بحرٌ ثامنٌ | يحوى جلامدها وبدرٌ ثاني |
من معشرٍ سبقوا إلى حاجاتهم | شوطَ الرياح وقد جرتْ لرهانِ |
قوم إذا وزروا الملوك برأيهم | أمرتْ عمائمهم على التيجانِ |
ضربوا بمدرجة السبيلِ قبابهم | يتقارعون بها على الضِّيفانِ |
ويكاد موقدهم يجود بنفسه | حبَّ القِرى حطباً على النيرانِ |
أبناء ضبَّة َ واسعون وفي الرغى | يتضايقون تضايق الأسنانِ |
يا راكبا زُهرُ الكواكب قصدُه | قرِّب لعلّك عندها تلقاني |
قف نادِ يا سعدَ الملوك رسالة ً | من عبدك القاصي بحبٍّ داني |
غالطتُ شوقي فيك قبلَ لقائنا | والقربُ ظنٌّ والمزارُ أماني |
حتى إذا ما الوصل أطفأ غُلَّتي | بك كان أعطشَ لي من الهجرانِ |
ولربَّ وجدِ تواصفٍ ناهضته | وضعفتُ لما صار وجدَ عيانِ |
ولقد عكستَ عليّ ذاك لأنني | كنتُ الحبيبَ إليك قبلَ تراني |
ومن العجائب والزمانُ ملوَّنٌ | أن الدنوَّ هو الذي أقصاني |
خُبِّرتكم تتناقلون محاسني | قبلَ اللقاء تناقل الرَّيحانِ |
حتى اغتررتُ فزرتكم وكأنني | كلٌّ طرقتُ بمنكبيْ ثهلان |
وعرائسٍ لك عذرُها مهجورة | من عاتقٍ أهديتها وعوانِ |
ما أُنشِدتْ كانت أشدَّ تعلُّقا | أبدا من الأقراط بالآذانِ |
لو أنصفتْ لازداد ضِعفا حسنها | ما أجلبَ الإحسانَ للإحسانِ |
فتلافينْ فرطَ الجفاء فبعد ما | بلَّتْ ربايَ إذ السحابُ جفاني |
جدْ غائبا لي مثل جودك حاضرا | إني أراك على البعاد تراني |