عنوان الفتوى : لعبة الدومينو في ميزان الشرع
ما حكم الدين في لعب الألعاب المباحة، مثل الدومينو، والشطرنج، إذا كان لا يستطيع اللهو في ركوب الخيل، أو السباحة، أو الفروسية؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدومينو، والشطرنج إن كانا على عِوض، فهما حرام، وإن كان الشطرنج على غير عوض؛ فقد اختلف العلماء في حكمه، فمنهم من قال بأنه مكروه، والجمهور على أنه محرم، وانظر الفتوى: 442309.
وأما الدومينو: فهو من الألعاب المعاصرة، وقد اختلف أهل العلم المعاصرون في حكمه، بناء على نظرهم إلى حقيقته؛ فمنهم من ذهب إلى أنه مباح، بناء على الأصل، ما لم يقترن اللعب بمحرم آخر من ميسر، ونحوه، ولم يشغل عن ذكر الله، وعن الصلاة، ولم يترتب عليه فحش من القول، وسباب، ومنهم من رأى أنه يقوم على الحظ في أكثر شأنه، مع ما فيه من إعمال الفكر، والمهارة، إلا أن غلبة جانب الحظ، والحدْس، والتخمين على هذه اللعبة؛ يجعلها ملحَقة بالنرد المحرم في قوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ، وَدَمِهِ. رواه مسلم.
قال الإمام الجمل في حاشيته على فتح الوهاب، شرح منهج الطلاب، لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: النَّرْدُ هُوَ الْمُسَمَّى بِالطَّاوِلَةِ الَّتِي يُلْعَبُ بِهَا فِي الْقَهَاوِي، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالطَّوْلَةِ، أَوْ الطَّاوِلَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، الْمُهْمَلِ فِيهِمَا، وَفَارَقَ النَّرْدُ الشِّطْرَنْجَ، حَيْثُ يُكْرَهُ إنْ خَلَا عَن الْمَالِ، بِأَنَّ مُعْتَمَدَهُ الْحِسَابُ الدَّقِيقُ، وَالْفِكْرُ الصَّحِيحُ، فَفِيهِ تَصْحِيحُ الْفِكْرِ، وَنَوْعٌ مِنْ التَّدْبِيرِ، وَمُعْتَمَدُ النَّرْدِ الْحَزْرُ، وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِن السَّفَاهَةِ، وَالْحُمْقِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا حَاصِلُهُ: وَيُقَاسُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ، وَكُلُّ مَا اعْتَمَدَ الْفِكْرَ، وَالْحِسَابَ لَا يَحْرُمُ، وَكُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ التَّخْمِينُ يَحْرُمُ. انتهى بتصرُّف يسير.
والذي نميل إليه هو القول بإباحة لعبة الدومينو، لكثرة المجيزين لها من العلماء المعاصرين، ولظهور جانب الذكاء، والمهارة، وإعمال الفكر فيها، ولكن مع الضوابط المذكورة في مطلع الفتوى.
والله أعلم.