أمرتكمُ أمري بنعمانَ ناصحا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أمرتكمُ أمري بنعمانَ ناصحا | و قلتُ احبسوها تلحقِ الحيَّ رائحا |
فماريتموني تخبرون اجتهادها | فأبتم بلا حاجٍ وأبنَ طلائحا |
و قد صدقتني في الصبا عن مكانهم | أخابيرُ أرواحٍ سبتني نوافحا |
كأنّ الثرى من طيبها فتَّ فوقه | مجيزون من دارينَ فأرا فوائحا |
لقاءٌ على نعمانَ كان غنيمة ً | و هيهات يدنو بعد أن فات نازحا |
حمى دونه حرُّ السماوة ظهرها | و عبس وجها ناجرٌ فيه كالحا |
إلى الحول حتى يشربَ القيظُ ماءهم | بنجدٍ وإما يسلخون البوارحا |
لعلك في إرساليَ الدمعَ لائمٌ | و قد عطف الناسُ المطيَّ جوانحا |
نعم قد تجرعتُ الدموعَ عليهمُ | عذابا وأقرحتُ الجفونَ الصحائحا |
و ما قلتُ غاضت بالبكاء ركية ٌ | من العين إلا أرسلَ الشوقُ ماتحا |
فهل ظبية ٌ بالغور يجزي وفاؤها | هوى لم يطعْ فيها على النأي كاشحا |
إذا اعترضته من سلوًّ معوضة ً | محاسنُ في أخرى رآها مقابحا |
و من أين ينسى من يرى الغصنَ مائلا | مثالكِ والظبيَ المروعَ سانحا |
أرى عينه عينيكو الغورُ بيننا | فأدمى لقد أبعدتَ يا سهمُ جارحا |
يعنفُ في حبَّ البداوة فارغٌ | من الوجد لم يقرِ الغرامَ الجوانحا |
فيا ليتَ لي من دار قومي واسرتي | جواركِ رواحاً عليكِ وصابحا |
و من ترهاتِ الريف أرضا قطنتها | من الجدب فيها يأكلون النواضحا |
إذا ما شربتُ الوصلَ عذبا مرقوقا | بها لم أعفْ أن أشرب الماء مالحا |
دعوني ونعمانَ الأراك أروده | يجاوبُ صوتي طيره المتناوحا |
عسى سارحٌ من دار مية َ يامنٌ | يقيضُ لي عن شائمٍ طار بارحا |
سقى ما سقتْ خدي الدموعُ الحيا الغضا | بواكرَ من جماته وروائحا |
فكم ليلة ٍ فيه نضوتُ حميدة ٍ | و ألبستُ يوما برقعَ العيشِ صالحا |
وهمًّ ترى القلبَ الرحيبَ وراءه | من الضيقِ لهفا يستعيبُ المراوحا |
تلطفته حتى وجدتُ مفارجا | لصدريَ من غماته ومسارحا |
و بحرٍ من الآل الغرور محرمٍ | ركبتُ له من سير لاحقَ سابحا |
إلى حاجة ٍ في طرقها الجدُّ كله | فأدركتها جذلانَ أحسبُ مازحا |
و مضطغنٍ أن قدمتني زوائدٌ | من الفضل أخفته وقد كان واضحا |
يعيرني الحدثانَ وهو أعزُّ لي | كفى جذعا أن فاتكَ الشوط قارحا |
و هل ضائري شيئا إذا جئتُ آخرا | تأخرُ ميلادي وقد جئتُ فاصحا |
و هرَّ فلم يطردْ فعضَّ سفاهة ً ؛ | و عقرك لي أني حقرتك نابحا |
و زنتُ بحلمي جهله لا أجيبه | فلله منا من تمكن راجحا |
و عجماءَ من وحش القوافي خدعتها | و لم تعطِ قبلي جلدها قطُّ ماسحا |
خطبتُ إليها عذرها فتحللتْ | و كانت حراما لا تلامس ناكحا |
و عادتها في المدح ألا أذيلها | و لكنَّ قوما يكرمون المدائحا |
تمنى بني عبد الرحيم ومجدهم | رجالُ أمانٍ لم يقعن نجائحا |
و ريموا فما حطَّ الثريا لباعه | فتى ً ظنها كفا فمدَّ مصافحا |
كرام مضوا بالجود إلا صبابة ً | أعاروا نداها الهاطلاتِ السوافحا |
لهم من تليد العزّ ما يدعونه | إذا خفتَ في دعوى الحسيبِ القوادحا |
إذا نشروا الأغصانَ من شجراتهم | على ناسبٍ عدوا الملوك الجحاجحا |
تواصوا فطابوا في الحياة وأكرموا | نفوسا وطابوا ميتين ضرائحا |
و أخفى الحسينُ خطفهم بشعاعهِ | كما أخفت الشمسُ النجوم اللوائحا |
فتى ً لا يريد المجدَ إلا لنفسه | و لا المالَ إلا قسمة ً ومنائحا |
ينازع أزماتِ السنين بأنملٍ | جوابرَ للأحوال تسمى جوارحا |
أنامل من يسرٍ إذا ما أدارها | على مغلقاتِ الرزق كنَّ مفاتحا |
أقام على وجه الطريق بوجهه | مجيرَ النهار عاقرَ الليل ذابحا |
بحيث السماح لا يخيبُ سائلا | وحدُّ الصفاح لا يخيبنَ صائحا |
إذا عجزتْ يوما مواعظُ صفحه | عن الأمر ولاه القنا والصفائحا |
و يأبى فيأتي مشرعَ الدمِ واردا | حريصا ويأتي مشرعَ الماء قامحا |
يصيب بأطراف العوالي محاربا | عداه وأطرافِ الكلام مصالحا |
إذا هزَّ رمحا طاعنا خيلَ كاتبا | سدادا وطرساً كاتبا خيلَ رامحا |
أقول لأيامي وهن عواثر | بحظي لعاً قد أدرك الذنبُ صافحا |
إذا الصاحبَ استبقيته لي ورهطهُ | فمرى بقومٍ طائراتٍ طوائحا |
أذموا على الآمال لي وتعاقدوا | على وقعْ خلاتي أكفا نواصحا |
غبرتُ زمانا أمنع الناسَ مقودي | حرونا إلى غير المطامع طامحا |
أعزُّ فلا ألقى ابنَ مالٍ مؤملا | لمالٍ ولا يلقانيَ الدهرَ مادحا |
مع الناس جراً خاطري غير أنهم | بأخلاقهم يستعبدون القرائحا |
و ما كنتُ في طرد الخطوب بيمنهم | بأولِ داجٍ يستضيء المصابحا |
بك اعتدلتْ حوشية ٌ من تصعبي | و راخيتَ من أنسي فأصبحَ سازحا |
صحبتك لم يمسحْ عذاري سواده | و ها أنا قد غطى سوادي المسائحا |
و سديتَ عندي نعمة ً ليس ناهضا | ثنائي بها ما لم أجدك مسامحا |
فكن سامعا في كلّ نادي مسرة ٍ | سواردَ في الدنيا ولسن بوارحا |
حواملَ أعباءِ الثناء خفائفا | صعدن الهضابَ أو هبطن الأباطحا |
يرى المفصحُ المفتونُ عجبابشعرهِ | لها ناقصا ما سره منه رازحا |
إذا قمتُ أتلوها اقشعرَّ كأنني | تلوتُ مزاميرا بها ومسابحا |
تزورك لا زالت تزور بشائرا | يسوق التهاني وفدها والمفارحا |
يضمُّ الزمانُ شملَ عزك نظمها | و يطرحُ من عادي علاك المطارحا |