أَرى هِمَّة ً تختالُ بينَ الكواكبِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أَرى هِمَّة ً تختالُ بينَ الكواكبِ | و طَوْداً من العلياء صعْبَ الجَوانبِ |
و مَربِضَ آسادٍ ومَعدِنَ سُؤدُدٍ | و مَوئلَ مطلوبٍ وغاية َ طالبِ |
عُلا مَلَكَتْ لُبَّ الأميرِو إنَّما | تَمَلَّكُ ألبابَ الكرامِ المَناجبِ |
تَروحُ به بينَ الصَّوارمِ والقَنا | و تَغدو به بينَ اللُّهى والمَواهِبِ |
فَتى ً طالبيُّ الدِّينِ أصبحَ جُودُه | يُحَسِّنُ للطُلاَّبِ وجهَ المطالبِ |
تَساهَمَ فيه العُربُ والعُجمُفاحتوى | على المجدِ من أَقيالِها والمرازِبِ |
و كم وَمَضَتْ أسيافُهُ بمشارِقٍ | فراعَ العِدا إيماضُها بمَغاربِ |
حُبِيتَ على رَغمِ الحسودِ بِجَنَّة ٍ | حبَتْكَ بأنواعِ الثِّمارِ الأطايبِ |
تَعَجَّلْتَ منها ما يُعَجَّلُ مثلُه | لكلِّ جَميلِ السَّعيِ عَفِّ المَذاهبِ |
مَيادينُ رَيحانٍ كأنَّ نسيمَه | نَسيمُ الهَوى أيامَ وَصْلِ الحَبائبِ |
كأنَّ سَواقيه سلاسلُ فِضَّة ٍ | إذا اطَّرَدَتْ بين الصَّبا والجَنائبِ |
و روضٌ إذا ما راضَه الغيثُأنشأتْ | حدائقُه وَشْياً كوَشْيِ السّبائبِ |
و حالية ُ الأجيادِ من ثَمَراتِها | مُفلَّكَة ُ الأجسامِ خُضرُ الذَّوائبِ |
خَرَقْنَ الثَّرى عن مائه الغمْرِفارتوَتْ | أسافلَها من زاخرٍ غيرِ ناضبِ |
إذا ما سقَتْهُنَّ السَّحائبُ شُربة ً | خلَطْنَ بماءِ البَحرِ ماءَ السَّحائبِ |
تُقِلُّ شماريخَ الثِّمارِ كأنها | إذا طَلَعَت حُمْراً أكفُّ الكَواعبِ |
و جاعلة ٌ دَرَّ السَّحابِ مُدامة ً | إذا شَرِبَتْ دَرَّ السَّحاب الصوائبِ |
لها كالىء ٌ يُذكي اللَّحاظَ خِلالَها | حَذاراً عليها من سِخاطِ النوائبِ |
يرُدُّ إليها حيَّة َ الماءِ ما انكفَتْ | عن القصدِ أو صَدَّت صدودَ المُجانبِ |
فقد لَبِسَت خُضْرَ الغَلائلِو انثَنت | لها مُرجَحِنَّاتٌ بخُضْرِ الشَّواربِ |
قُطوفٌ تساوى شِربُهاو تباينَت | تَبايُنَ مُسوَدِّ العِذارِ وشائبِ |
فمن بَرَدٍ لم يَجلُ للشَّمسِ حاجباً | من الظلِّ إلا غازَلَتْه بحاجبِ |
و من سَبَجٍ أجرَت به الكرْمُ سِلْكَها | و لم تُجْرِ في منظومِه خَرْقَ ثاقبِ |
بدائعُ أضحَتْ في المذاقِ أقارباً | و إن كنَّ في الألوان غيرَ أقاربِ |
ترى الماءَ شتَّى السُّبْلِ يَنسابُ بينَها | كما رِيعَتِ الحيَّاتُ من كلِّ جانبِ |
و مسترفِدٌ تيَّارَ دِجلة َ رافداً | سواحلَها من نازحٍ ومُقاربِ |
يسيرُ وإن لم يبرَحِالدهرَ خُطوة ً | فليس بوقَّافٍو ليس بساربِ |
مواصلُ إيجافٍ تكادُ تُجيبُه | إذا حنَّ ليلاً مُوجِفاتُ الرَّكائبِ |
تَسيلُ خلالَ الرَّوْضِ من فَيْضِ دمعِه | قَواضبُ تُزري بالسيوفِ القَواضبِ |
و ممتنعٌ جِلْبابُه الغيمُ في الضُّحى | و حِلْيتُه في الليلِ زُهْرُ الكواكبِ |
أضاءَفلو أنَّ النجومَ تحيَّرتْ | ضَلالاً هَداها سُبْلَها في الغَياهبِ |
له شَرَفاتٌ كالوذائلِ أشرَفَتْ | على نازحِ الأقطارِ نائي المناكِبِ |
إذا لبِسَت وَرْسَ الأصيلِ حسِبْتَها | تُعَلُّ برَقراقٍ من التَّبرِ ذائبِ |
مجاورُ بَرٍّ ضاحكِ النَّوْرِ مُعْشِبٍ | و بحرٍ طَموحِ المَوجِ عَذْبِ المشارِبِ |
إذا بَكَرَ القَنَّاصُ فيه وأعزَبَتْ | حبائلُه في صَيدِ تلك العوازِبِ |
رأيْتَ بناتِ البحرِ مَوشِيَّة َ القَرَى | بهو بناتِ البَرِّ بِيضَ التَّرائبِ |
محاسنُ أرزاقٍ من النَّوْرِو المَها | يُغِذُّ إليها طالبٌ غيرُ خائبِ |
فَمِنْ سانحٍ بالخيرِ في إثْرٍ سابحٍ | و مُختضِبِ الأطرافِ من دمِ خاضبِ |
و آمنة ٍ لا الوحشُ يزْعَرُ سِربَها | و لا الطيرُ منها دامياتُ المخالبِ |
هي الرَّوْضُ لم تَنشَ الخَواملُ زَهْرَه | و لا خضَلَّ عن دمعٍ من المُزْنِ ساكبِ |
إذا انبعَثتْ بينَ الخمائلِ خِلْتَها | زَرابيَّ كسرى بثَّها في الملاعبِ |
و إن عُمْنَ في طامي المياهِ تَبسَّمَتْ | غرائبُها ما بينَ تلك الغَرائبِ |
و دُهْمٌ إذا ما الليلُ رَفَّعَ سِجْفَه | تكشَّفَ منها عن وجوهٍ شَواحبِ |
و إن آنسَتْ شَخصاً من الإنسِ صَرْصَرَتْ | كما صَرصرَتْ في الطِّرسِ أقلامُ كاتبِ |
جِبالٌ رسَتْ في لُجَّة ٍ غيرَ أنها | تُحاذرُ أنفاسَ الرياحِ اللَّواعبِ |
إذا عايَنتْ للماءِ وَفْداً رأيْتَها | تُودِّعُ منه غائباً غيرَ آيبِ |
يسيرُ إليها الرَكبُ في لُجِّ زاخرٍ | و ليسَ سوى أولادِها من مراكبِ |
تَضُمُّ رجالاً أغربَ الشَّيبُ فيهِمُ | فمالَ على أَجفَانِهِمْ والحواجبِ |
فمن رَهَجٍ لا يُستثارُ بحافرٍ | لديهمو خيلٍ لا تَذِلُّ لراكبِ |
عَجائبُ مُلْكٍ في فَنائلَ لم تَكُنْ | عجائبُ مُلْكٍ قبلَها بعجائبِ |
هي الحرَمُ المحميُّ مِمَّن يرومُه | بكلِّ صَقيلِ المتْنِ عَضْبِ المَضاربِ |
مواطنُ لم يَسحَبْ بها الغَيُّ ذيلَه | وَكَمْ للعوالي بينَها من مساحِبِ |
أبا حَسَنٍ لا زالَ وُدُّكَ مَشربَي | إذا بَعُدَت يوماً عليَّ مشاربي |
نُهنِّيكَ بالبُرْءِ الذي قامَ فِعلُه | مقامَ الضُّحى والحِنْدسِ المتراكبِ |
أعادَ رياضَ الحمْدِ مُونَقَة َ الرُّبا | و رَدَّ رياحَ الجُودِ ريَّا المَشاربِ |
فَصَدَّقَ مِنْ ظَنِّ الصديقِو أكذَبتْ | مواقعُه ظَنَّ العدوِّ المُحاربِ |
إذا كنتَ من صَرْفِ الحوادثِ مُعْتِبي | فلسْتُ عليها ما حَيِيتُ بعاتبِ |
إليكَ القوافي الغرُّ لا نَظْمَ سارقٍ | و لا فِكْرَ مَأْفُوكٍو لا لفْظَ حاطبِ |
كتائبَ حَمْدٍ لو رَمَيْتَ بها العِدا | غَداة َ الوَغى قامتْ مَقامَ الكتائبِ |