تهيَّبه وِردُ الرَّدى لوتهيَّبا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تهيَّبه وِردُ الرَّدى لوتهيَّبا | ربائبَ في الأظعانِ يُحْسَبْنَ رَبرَبا |
مَلكْنَ بتقليبِ النَّواظرِ قلبَه | فقد أَمِنَتْ في الحبِّ أن يتقلَّبا |
طوالعُ من حُمْرِ القِبابِ شموسُها | وما طلعَتْ منهنَّ إلا لتَغرُبا |
سفَرْنَ فلاحَ الأُقحوانُ مفضَّضاً | على القُربِ منا والشَّقائقُ مُذَهَّبا |
وجُدْنَ بألحاظٍ مِراضٍ كأنَّها | تُصرِّحُ بالعُتبى إلى مَنْ تعتَّبا |
وقد أثمرَ العُنَّابَ والوردَ بَانُها | فأبدعَ في تلك الثِّمارِ وأغرَبا |
محاسنُ عنَّت في مَساوٍ من النَّوى | فللّه ورْدٌ ما أمرَّ وأعذبا |
رأَت جانبَ الأعداءِ سهلاً فأسهلَت | فلائقُ كانت بِغضة ً وتحبُّبا |
عذيريَّ من قلبٍإذا سُمتَه الهَوى | أجابَ وإن ذكَّرتَه صبوة ً صبَا |
وطيفِ حبيبٍ خافَ طيفَ رقيبِه | فزارَ وسارَ خائفاً مترقِّبا |
إذا كان سُقيَا الخائفين تجنُّباً | فلا زالَ صَوبُ المُزْنِ يَسقيكَ صَيِّبا |
حَياً كلما حيَّتْ به الريحُ منزِلاً | ثَنَتْ فيه هُدَّاباً إليك وهَيدَبا |
تلهَّبَ فيه البرقُ حتى كأنَّما | حريقٌ على أثباجِ ليلٍ تلهَّبا |
فباتَ كأنَّ الريحَ في جَنَباتِه | تهُزُّ صفيحاً منه بالتِّبرِ مُذهَبا |
وساجَلَ معروفَ الوزيرِ ومَنْ له | بعُرْفٍ يعُمُّ الأرضَ شَرْقاً ومغرِبا |
هُمامٌ يعُدُّ السمهريَّة َ مَعقِلاً | يعوذُ به والمَشرَفيَّة َ مَكسِبا |
حليمٌإذا أحْفَظْتَه زادَ حِلمُه | فكيفَ يرى عن مَذهَبِ الحقِّ مذهَبا |
ومبتسمٍ والطعنُ يَخضِبُ رُمحَه | كأنْ قد رأى منه بَناناً مُخَضَّبا |
رأيناه يومَ الجودِ أزهرَ واضحاً | ويومَ قِراعِ البيضِ أبيضَ مِقْضَبا |
وخِلناه في بذلِ الألوفِ قَبيصة ً ؛ | وخِلناه في سَلِّ السيوفِ المُهَلَّبا |
ملوكٌ إذا الأيامُ دامَت رماحُهم | حَسِبتَهمُ الأيامَ صَدراً ومَنكِبا |
يُنازِعُهم فضلَ النَّجابة ِ معشرٌ | ولولاهمُ لم يَعرِفِ الناسُ مُنجِبا |
وهَجْرٍ تردُّ الخيلُ رأْدَ ضَحائِه | بأرهاجها قِطْعاً من الليلِ غَيهَبا |
كأنَّ سيوفَ الهندِبينَ رماحِه | جداولُ في غابٍ علا وتأشَّبا |
تَضايقَ حتى لوجرَى الماءُ فوقَه | حَماه ازدحامُ البِيضِ أن يتسرَّبا |
وقَفْتَ به تُحيي المُغيرة َ ضارباً | بسيفِكَ حتى ماتَ حَداً ومَضرِبا |
وصُلْتَ على الأعداءِ تلعَبُ بالقَنا | وأرواحِهم حتى ظننَّاه مَلعَبا |
وكم مِقنَبٍ في الرَّوعِ يُحسَبُ واحداً ؛ | وكم واحدٍ في الرَّوعِ يُحسَبُ مِقنَبا |
فلوكنتَ من حربِ العُداة ِ بمعزِلٍ | دعوتُك في حربِ النوائبِ مِحرَبا |
إذا غابَ عن ذي الرأي وجهُ رَشادِه | لجأتَ إلى رأيٍ يُريك المغيَّبا |
أساءَ إلينا الدهرُ يا بنَ محمدٍ | فلما تنافَرنا إليك تجنَّبا |
دعوتَ إلى الجَدوى ومثلُك مَنْ دعا | بِحَيَّ على ماءِ الحياة ِفثوَّبا |
فما بَعُدَتْ نُعماكَ عن ذي قَرابَة ٍ | ولا جَانَبَتْ مِنْ سائرِ الناس أجنَبا |
إليك ركبتُ الليلَ فَرداً فلم أقُل | أعاذلتي ما أخشنَ اللَّيلَ مَركَبا |
لِيَصْدُرَ عنكَ الشِّعرُ مالاً مسوَّماً | إذا نحن أوردناه دُرّاً مُثَقَّبا |
فهل لك من جازٍ إذا اعترضت له | شهودُ قوافي الشِّعرِ جَدَّ فأسهَبا |
وضاربة ٍ في الأرضِ وهي مُقيمة ٌ | كأنَّ مَطاياها الجَنوبُ أوالصَّبا |
يثقِّفُها طِبٌّ بتثقيفِ مثلِها | ويخدُمُها حتى تَرِقَّ وتَعذُبا |
مُطِلٌ على سهلِ الكلامِ وحَزْنِه | فما يصطفي إلا اللُّبابَ المُهَذَّبا |
تركتُ رِحابَ الشامِ وهي أنيقة ٌ | تقولُ لِطُلاَّبِ المكارمِ مَرحَبا |
مدبَّجة َ الأطرافِ مخضرَّة َ الثَّرى | مصقَّلة َ الغُدرانِ مَوشِيَّة َ الرُّبا |
إذا نحنُ طاردْنا الغنيمة َ أمكَنتْ | بهنَّ وإن جُلْنا على الصيد أكثَبا |
فما ذِمَّة ُ الأيامِ فيها ذميمة ٌ ؛ | ولا جانبُ الدنيا بها متجنَّبا |
ولكنَّ ذا القُربى أحقُّ بمنطِقٍ | إذا كان ذوالقُربى إلى الحمدِ أقرَبا |
وذي شرفٍ إن عَدَّ ثَهْلانَ فاخراً | عددتُ له رَضْوى وقُدْساً وكَبكَبا |
تعصَّبْتُ في شِعري عليه ولوحوَى | عصائبَ تيجانِ الملوكِ تعصُّبا |
فلا زِلتَ مُبيَضَّ المكارمِ راخياً | بجُودٍ ومحمَرَّ الصوارمِ مُغضَبا |
ودونَكها تتلونظيرتَها التي | هي الكوكبُ الدُّريُّ يجنُبُ كوكَبا |
كأنَّ قَوافيها سهامُ مثقِّفٍ | تصعَّدَ فيها لحظُه وتصوَّبا |
كأنَّك منها ناظرٌ في حديقة ٍ | تقطَّرَ فيها فارسُ القَطرِ أوكَبا |
كلاماً يفوقُ المِسكَ طيباً كأنما | أتاك برَيحانِ النحورِ مطيَّبا |