ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه | بل زادَه طرباً إلى أطرابِه |
وأرى الصبابة َ إرْبة ً لولم يَشُبْ | يوماً حلاوتَها الفراقُ بصَابِه |
هوموقِفٌ برزَتْ بُدورُ خيامهِ | للبَينِ واعترضتْ شموسُ قِبابِه |
راحوا بمثلِ الرِّيمِلولا ما أرى | من وَشْيِه وشُنوفِه وخِضابِه |
مُترَدِّدٌ في الجَفْنِ ماءُ شُؤُونِه ؛ | متحدِّرٌ في الخَدِّ ماءُ شَبابِه |
يهتزُّ غُصْنُ البانِ تحتَ ثيابهِ | ويُضيءُ بدرُ اللَّيلِ تحتَ نِقابِه |
فالحُسْنُ ما يُخْفيهِ من تُفَّاحِه | خَفَراً وما يُبْديه من عُنَّابِه |
أَيعودُأَيَّتُها الخيامُزمانُنا | أم لا سبيلَ إليه بعدَ ذَهابِه |
أيامَ أدفعُ عتبَه بعِتابِه | عني وأمزُجُ كأسَه برُضابِه |
فسقاكِ ساقي المُزْنِ أعذبَ صَوبِه | وحَباكِ مُذْهِبُ غَيمِه بذَهابِه |
نزعَ الوُشاة ُ لنا بِسَهْمِ قطيعَة ٍ | تُرمى بسهمِ قطيعة ٍ تَرمي بِه |
ليتَ الزَّمانَ أصابَ حَبَّ قلوبِهم | بقنا ابنِ عبد اللّهأوبحِرابِه |
بسلاحِ مُعتَلِّ السِّلاحِ وإنَّما | يعتلُ بين طِعانِه وضِرابِه |
ألوى إذا استلبَ المغاورُ بَزَّه | كانت نفوسُ الصِّيدِ من أسلابِه |
ظَلَمَ التليدَ وليس من أعدائِه ؛ | وحبا الحسودَ وليس من أحبابِه |
فالغيُثُ يخجَلُ أن يُلِمَّ بأرضِه ؛ | والليثُ يَفرَقُ أن يُطيفَ ببابِه |
يغشى القِراعَ وينثني وسماتُه | في غَرْبِ مُنصُلِه وفي جِلبابِه |
كالليثِ آثارُ اللقاء مُبيَّنٌ | في لِبدَتَيْهِ وفي شَبا أنيابِه |
عَلِمَتْ ملوكُ الرومِ أنَّ حياتَها | ومماتَها في عَفوِه وعِقابِه |
في كلِّ عامٍ غزوة ٌ يَقضي بها | أَرَبَ القَنا وينالُ من آرابِه |
أوفى فسدَّ شِعابَهم بعَرَمْرَمٍ | يغشى الفضاءَ الرَّحْبَ سَيلُ عُبابِه |
كالطَّوْدِ لا تَثْنيهِ عن مُتمنِّعٍ | حتى يَدُقَّ رِقابَه برقابِه |
تُزْجي المَنُونَ جيادُه مخزومة ً | بالحزْمِأوتحدد الرَّدى برِكابِه |
حتى تفسَّحَ في مجالسِ قَيصَرٍ | متحكِّماً في تاجِه ونهابِه |
اللّهُ جرَّدَ من عليٍّ سَيفَه | فحمى وذَبَّ عن الهُدى بذُبابِه |
قَوْلِيإذا ضاقت عليَّ مذاهبي | مَنْ لي برَحْبِ العيشِ بينَ رِحابِه |
فارقتُ مشرَبَه الذي لا تنطفي | غُلَلُ الحَشا إلا ببَردِ شَرابِه |
ودخلتُ أبوابَ الندامة ِ بعدَما | عصفَت بيَ الأحداثُ عن أبوابِه |
هي زَلَّة ُ الرأي التي نَكَصَ الغِنَى | من سُوءِ عُقباه على أعقابِه |
فوحَقِّ نِعمَتِه عليَّ وطَوْلِه | قسَماًيقول السامعونكفى بِه |
ما سَوَّلَتْ لي النَّفسُ هجرَ جَنابِه | عند الرحيلِ ولا اجتنابَ جِنابِه |
أَنَّى وقد نِلتُ السماءَ بقُرْبِه | وبلغْتُ قاصية َ المُنى بثَوابِه |
وحَوَيتُ فضلَ المالِ من إفضالِه | ومحاسنَ الآدابِ من آدابِه |
لكنَّه رأيٌ حُرِمْتُ رَشادَهُ | وبَعُدْتُ عن تسديدِه وصوَابِه |
لا أحمَدُ الأيامَ بَعْدَ بَتاتِها | سبباً وصلتُ إليه من أسبابِه |
أَأَقومُ بين يَدَي سواه مؤمِّلاً | وأُنيخُ راحلة َ الرَّجاءِ ببابِه |
هيهاتَلستُ بشائمٍ برقَ امرىء ٍ | حتى يكونَ سَحابة كَسَحَابِه |
سَأَهُزُّ بالكَلِمِ المُهَذَّبِ عِطفَه | طَرَباً وأخلُبُ لبَّه بخِلابِه |
بِدَعٌ لوانَّ الصَّبَّ يستَشفي بها | ألَم الفِراقِ شَفَتْه من أوصابِه |
وأحشُّها والليلُ قد سترَ الرُّبا | بدُجاهأوحَجَبَ الصُّوى بحِجابِه |
حتى يعودَ الشَّوْقَ لابسَ حُلَّة ٍ | من أرجوانِ الفَجرِأوزِريابِه |
فعسى الزَّمانُ يَبُلُّ حَرَّ جوانحي | بصَفاءِ مَورِدِه وبَردِ جَنَابِه |
فأفوزَ بالعَذْبِ النَّميرِ وينطوي | كَشْحُ الحسودِ على أليمِ عَذابِه |