أَخِلْتِ أنَّ جِناباً منكِ يُجتَنبُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَخِلْتِ أنَّ جِناباً منكِ يُجتَنبُ | وأنَّ قلبَ محبٍّ عنكَ يَنقلِبُ |
هيهاتَضرَّمَ نارَ الشوقِ فالتهبت | ضِرامُ نارٍ على خدَّيكِ يَلتهبُ |
إذا طلَبتْ رُبى نجدٍ مخِّيمة ً | فما لها في طِلابِ غيرِها أربُ |
لم يَشهَدِ البَينُ تُبدي ما يغِّيبُه | إلا وإشهادُنا من خيره غَيَبُ |
تنقَّبت بالكسوفِ الشمسُإذ طلعَت | شمسٌ تزيد ضياءً حين تنتقِبُ |
مطلوبة ُ الودِّ لم يَقعُدْ بها هربٌ | من الفراقِ ولم يلحقْ بها طلَبُ |
قريبة ٌ ودوامُ الهجرِ يُبعِدُها | والنَّجمُ أقربُ منها حين تَقتربُ |
أشكو إلى الظَّلْمِ ما بي من ظُلامتِها | لوكانَ يُنصِفُ ذاكَ الظَّلْمُ والشَّنَبُ |
وقد تناوَبني منها الخيالُفما | أصابَ إلا خيالاً قلبُه يَجِبُ |
أنَّى اطمأَنَّ وحصباءُ العَجاجِ عِدى ً | من دونِه وثَراها السُّمرُ والقُضُبُ |
حتى تصدَّتْ له بالشامِ من كثَبٍ | والشامُ لا صَدَرٌ منها ولا كَثَبُ |
يكفيك أن لَعِبت بي نية ٌ قُذُفٌ | كأنّ جِدَّ المنايا عندها لَعِبُ |
وراعَني ووراءَ الليلِ طاردُه | وَرْيٌ من الشَّيبِ في آثارِها لَهَبُ |
لمّا تبسَّمَ في الفَوْدَينِ مغترباً | حيَّيتُه وكلانا اليومَ مغتَرِبُ |
قوِّض خيامَك عن دارٍ ظُلِمتَ بها | وجانبِ الذُّلَّ إنَّ الذُّلَّ يُجتنَبُ |
وارحلْإذا كانت الأوطانُ مَضْيَعَة ً | فالمَنْدَلُ الرَّطبُ في أوطانِه حَطَبُ |
أما ترى الدهرَ أعفى من نوائبِه | جارَ الأمير فما تنتابُه النُّوَبُ |
أَجارَنا منه من إقبالِه رَغَبٌ | يُحيي العُفاة َ ومن إعراضه رَهَبُ |
غَيثٌ تحلَّبَ في الآفاقِ رَيِّقُه | على العُفاة ِ ومَنشَى مُزْنِه حلَبُ |
مرفوعة ٌ حُجْبُه للزائرينَ وهل | للصُّبحِ مزَّقَ جِلبابَ الدُّجى حُجُبُ |
ومسرعٍ وهوثاوٍ في مكارمِه | كأنَّ إصعادَه من سُرعة ٍ صَبَبُ |
غامَت يداهفلم تكذِبْ غيومُهما | والغيثُ رُبَّما أزرى به الكَذِبُ |
فللشَّمالِ سَحابٌ صوبُها غدَقٌ ؛ | ولليمينِ نِهابٌ صوبُها ذَهَبُ |
لما توجَّه تِلقاءَ الثغورِ صفَت | كُدْرُ المياه بها واعشوشَبَ التَّرِبُ |
وعرَّدَ الرُّومُ لما رامَهم هرباً | وهل من الحَينِ وافى جيشَه هربُ |
لم تجلُبِ الخيلَ تَردى نحوَهم قُدُماً | إلا انثنتْ وذوو تيجانِها جَلَبُ |
قُلْ للعُداة ِ خذوا للحربِ أُهبتَها | فعن قليلٍ تفرَّى منكم الأُهُبُ |
فتُبعثوا وتكونوا في اللِّقاءِ يداً | إنَّ الحِمامَ إلى أرواحكم سَغِبُ |
أو فاغنموا السِّلْمَ قبلَ الحَيْنِ واستلموا | ركناً تَحِنُّ إليه العُجْمُ والعَرَبُ |
لحربُ آخذة ٌ منكم وتاركة ٌ | وإنما حربُ سيفِ الدولة ِ الحَرَبُ |
إنَّ الهُمامَ الذي أضحى يغالبُكم | له على الدَّهْرِ فيما سامَه الغَلَبُ |
فاستوهبوا العيشَ من إيثارِ طاعتِه | فإنما العيشُ ما يُعْطِي وما يَهَبُ |
لن تكسِبوا العزَّ من عِصيانِ محتسبٍ | في الجودِ ما بغِرارِ السَّيفِ يَكتسِبُ |
ألوى فشنَّ على الأعداء غارتُه | من حيثُ يُؤمنُ أومن حيثُ يُرتَقَبُ |
ظِلالُه حيثُ حلَّ القُضْبُ مُصْلتة ً | وخيلُه حيثُ سار الجَحْفَلُ اللَّجِبُ |
أوفى على بطنِ هنزيطٍفأمطره | وَدْقاً خلال بروقِ البيضِ يَنسكِبُ |
غيثٌ هوالمَحْلُ ما احمرَّتْ سَحائبُه | إلا تراجَعَ مصفرّاً به العُشُبُ |
فكلما انتشرَتْ أبرادُ صيِّبِه | على البلادِ انطوَتْ أبرادُه القُشُبُ |
وشارفَ البَحرَ في بحرٍإذا اضطربَتْ | حشاهُ خِلْتَ الجبالَ الشُّمَّ تضطربُ |
مكوكَبُ النقعِ لورامَتْ كواكبُه | كواكبَ الجو ثابَتْ وهي تُنتَهَبُ |
إذا سرَتْ حنَّتِ الجُردُ العِتاقُ به | وغرَّدَتْ في أعالي سُمْرِه العَذَبُ |
كأنَّ شمسَ الضُّحى تخشاه بارزة ً | فَضَوْءُها بحجابِ النَّقعِ مُحتَجِبُ |
ولَّى الشَّمَيْشَقُ لا يهفوبه طرَبٌ | إلى المحلِّ ولا يدنوبه سببُ |
لم تَسْرِ خيلُكَ في أحشاء داجية ٍ | إلا سرى في دُجى أحشائه الرُّعُبُ |
أجلى المواطنَ كُرهاًأن تورَّدَها | وَرْدٌ مواطنُه غابٌ القَنَا الأشِبُ |
حتى نصبتَ على رَغم الصليبِ بها | منابرَ الدينِ مسموعاً بها الخُطَبُ |
ثم انثنيتَ وآسادُ الشَّرى جَزَرٌ | بالمُرهَفاتِ وغِزلانُ النقا سَلَبُ |
سَبْيٌ تحصَّنَ منه الجيشُ وارتبطت | قُبُّ الجيادِ فلا ماشٍ ولا عَذَبُ |
تخيَّرَ المجدُ أعلى نسبة ٍ فغَدا | إلى عليِّ بنِ عبد اللّه يَنتسِبُ |
ثلاثة ٌ منه تجلوكلَّ داجية ٍ | جبينُه وغِرارُ السَّيفِ والحَسَبُ |