بشراك هذا منار الحي ترمقه
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بشراك هذا منار الحي ترمقه | وهذه دور من تهوى وتعشقه |
وهذه الروضة الغناء مهدية | مع النسيم شذا الأحباب تنشقه |
وتلك أعلامهم للعين بادية | تزهو بها بهجة النادي ورونقه |
فحي سكان ذاك الحي إن شهدت | عيناك سرب الغواني حين يطرقه |
واخلع به النعل والثم تربة عبقت | بالمسك لما مشى فيها مقرطقه |
جد في الربوع بمرجان الدموع ولا | تبخل فمحمر دمع الحب أصدقه |
واقرع على البخت باب الحنان عن أدب | لعل بفتح عند القرع مغلقه |
فَثَمَّ تلق الحسان البيض عاكفة | في منظر ورده يذكو وزنبقه |
على تناول شيء من خصائصه | سلب النهى إن سرى فيها معتقه |
تجلو أشعته غيم الهموم إذا | تصاعدت ويد الساقي تروقه |
يدعو إلى كرم الأخلاق ساكبه | بسائل من دم العنقود يهرقه |
بدر يدور على تلك البدور بمايكاد في الكأس لولا المزج يحرقه | |
من كل غان كأن الليل طرته | والشمس غرته والسحر منطقه |
يزهو به من عقود الجيد لؤلؤها | كأنه من دراري الثغر يسرقه |
لدن القوام دقيق الخصر خاتمه | لو شاء من غير تكليف يمنطقه |
ما أطيب العيش في أكنافهن وما | أولى الفتى بنفيس العمر ينفقه |
ألذه حيث كان الشمل مجتمعا | وشره لا قضى المولى تفرّقه |
لله فرصة أنس قد ذكرت بها | عصراً بنيل المنى يشدو مطوقه |
أبان نيلي في شرخ الشباب من الأحباب | ما لا أظن الغير يرزقه |
انآء عز بساحات لبست بها | من الصبا ما يكاد البين يخلقه |
في مربع ممرع نيطت علي به | تمائمي وبفؤدي شد بخنقه |
أهكذا ليت شعري كل ذي كرم | يصيبه تذكاره المأوى ويقلقه |
يا أيها الراكب الغادي إلى بلد | جرعاؤه خصبة المرعى وأبرقه |
ناشدتك الله والود القديم إذا | ما بَانَ مِن بَانِ ذاك السفح مورقه |
وشاهدت عينك الغناء غادرها | مخضلة بالحيا الوسمي مغدقه |
أن تستهل صريخاً بالتحية عن | باك من البعد كاد الدمع يغرقه |
يثير أشجانه فوج الصبا سحراً | وساجع الورق بالذكرى يؤرقه |
له فؤاد نزوع لا يفارقه | حر الغرام وجفن ليس يطبقه |
بالهند ناءْ أخي وجدْ يَحِنُّ إلى | أوطانه وسهام البين ترشقه |
إلى العرانين من أقرانه وإلى حديثهم عبرات الشوق تخنقه | |
وللظباء بهاتيك السفوح له | تأله برقيق الشعر ينطقه |
لم يسل عنهم ولم ينس العهود ولم | ينقض وإن طالت الأيام موثقه |
وما دعاه لطول الإغتراب سوى | أمر به ظل سعد الحظ يسبقه |
وكيف لا يحمد المسعى وقد بلغت | به إلى الدكن المأنوس أنيقه |
حتى أناخ بباب الآصفي نظام | الملك أهيب سلطان وأليقه |
النير الفرد محبوب العلي ومن | من أفضل الدولة العالي تألقه |
سامي المقام أغرّ الوجه مسفره | زاكي النجار حسيب الأصل معرقه |
من دوحة في روابي العز منتبها | وماء عين العلا فيها تدفقه |
خيار من ملك الدنيا أبوتّه | ورهطه لرهان المجد سبقه |
أصول مجد إلى الصديق نسبتهم | وشاهد القول أفعال تصدقه |
كأنهم عقد زهر في تناسبهم | يد الخلافة للهادي تنسقه |
جاءت بأكرم فرع طاب منشؤه | وخير من أمل الراجي يحققه |
صافي الرغام فلم يلمم به أشب | يشين أو قتر في الوجه يرهقه |
ليث العرين تصك الخطب همته | وتنطح الشامخ الراسي فتسحقه |
ثبت إذا مكفهر النائبات دهى | فبالقنا وسديد الرأي يفتقه |
نجيع هام العدا صهباء مرهَفِه | محكم في تراقيهم مذلقه |
الرابط الجاش والهيجاء كاشرة | إذ كل قرم خفوق القلب مشفقه |
والقاحم الهول لو أدنى قوارِعِه | طنت بسمع أخي عبس تصعقه |
والخائض الغمرات اللاء لو هدأت | وخاض شاطئها ابن الورد تغرقه |
والقائد الجيش كرّاراً بمعترك | تهوى هوي البزاة الشهب سبقه |
والقائل الفصل ما بين الملوك فلو | ناجاه ذو لهجة بالريق يشرقه |
والواهب الذهب الآبي لكثرته | عن أن يحيط به عَدَّاً مفرقه |
لا يشهد الفضل في بذل النوال سوى | لقابليه ولا بالمن يمذقه |
يعلي إذا أمه الحر الكريم له | شأوا ومن رق صرف الدهر يعتقه |
يهوي إلى جوده من كل قاصية | مقيد الدهر بالأرزا ومطلقه |
ما في الملوك له ندّ ولا مثل | لا هم إلا إن الباري سيخلقه |
تجري سباقاً إلى العلياء ضمرهم | ومن إذا ما جرت حاشاه يلحقه |
ميزان عدل يحق الحق مقتدراً | ويدمغ الجور تنزيهاً ويزهقه |
يولي ذوي الفضل فضلاً والمسيء بما | جنى وما كسبت أيديه يوبقه |
بسبقه في مجال الفخر يشهد في المسكون | مغربه الأقصى ومشرقه |
ولم يزل لاقتناء المجد مجتهداً | وبارتقا فلك العليا تعلقه |
لنيل ما عجزت عنه الملوك على | علاته أبداً ينمو تشوقه |
يا أيها الملك الميمون لا برحت | على لوائك ريح النصر تخفقه |
وافتك من نازح ذابت حشاشته | بالبين فهو كئيب الصدر ضيقه |
عذراء يعنو جرير لو أصاخ لها | سمعاً ويسجد تعظيماً فرزدقه |
تزهو وتختال في برد البيان لكي | ترد دعوى مضاهيها وتحنقه |
تَمُتُّ بالصدق إذ لم تأت مُخْتَلَقاً | من الثناء وخير القول أصدقه |
ضمنت أبياتها آي البديع فلم | يقدر عليها بليغ القول مفلقه |
فإن قبلت فأهل للقبول وإن | تعرض فيكبو لحظ المرء أبلقه |