عريضة استرحام مسلمي بنغالة
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
نشرت جريدة وطن الهندية صورة عريضة عن لسان مسلمي أيالة بنغالة في
غربي الهند الذين يبلغون زهاء أربعين مليونًا (كذا) إلى مولانا السلطان الأعظم
عبد الحميد خان يطلبون فيها أمرين جليلين، أحدهما: تعيين قنصل للدولة العلية في
مدينة كلكتة عاصمة هذه الأيالة يمثل الدولة العلية في عظمتها، والخلافة الإسلامية
في جدتها، ويرجع إليه المسلمون في الشؤون التي تقوي الرابطة بينهم وبين
مسلمي السلطنة العثمانية، ويفضون إليه بالحقوق والمصالح المتعلقة بخليفتهم،
ومن ذلك أنهم جمعوا مبلغًا عظيمًا لإعانة سكة حديد الحجاز، ويحتاجون إلى من
يرشدهم إلى كيفية إرساله، وذكروا من فوائد هذا الأمر امتداد التجارة العثمانية؛
لاعتقادهم أن ما يتجر به في بلادهم من الطرابيش ونحوها هو من بلاد الدولة ومنه
فائدة لها.
والأمر الثاني: أن يصدر أمره المطاع بإدخال لغة مسلمي الهند (الأوردو) في
دار الفنون التي أسست في دار الخلافة الإسلامية يوم عيد الجلوس الفضي، وجعلها
من اللغات التي تُعَلَّم جبرًا لا اختيارًا، وذكر في العريضة بعض فوائد رابطة اللغة
وهي فوق ما ذكر، ثم التمست جريدة وطن من أصحاب الجرائد الإسلامية الشهيرة
في مصر والشام ودار السعادة أن يضموا أصواتهم إلى صوت صاحبها بهذا الطلب
إن استحسنوه، وذكرت المنار فيما ذكرته منها.
ونحن نستحسن هذا الطلب ونقول:إن منافعه جليلة جدًّا في كلا الأمرين؛ أما
تعيين قنصل للدولة في كلكتة كما عينت في بومباي وكراش بندر ومدراس مما لا
تُقَدَّر منافعه إذا كان أولئك القناصل من الرجال الأكفاء الذين يقدرون سلطة الدولة
العلية الروحية قدرها، ويعرفون كيف يستفيدون منها، وحسبك ما جاء في عريضة
الاسترحام من أهل بنغالة نساء ورجالاً وأطفالاً يعتقدون أن للسلطان عبد الحميد خان
سلطة غيبية وراء الطبيعة والأسباب، فيتوسلون إلى الله عند الحاجة لدفع ضر أو
لجلب خير باسمه الشريف؛ وذلك لأنهم يعتقدون أن ما يقرؤونه في الجرائد التركية
والعربية من مدائحه وفضائله وفواضله ومعارفه وعوارفه وصلاحه وإصلاحه، وكل
ذلك من خوارق العادات الدالة على أنه (ولي من أولياء الله تعالى جعله الله في هذا
الحين رحمة للعالمين) واستخدام هذا الاعتقاد بالحكمة له شأن لا يكتنه الفكر كنهه،
وأما تعلم لغة الأوردو فمن الضروري أن تعلم أيضًا في مصر والشام ومراكش لأفراد
كثيرين يكونون وصلة بين الشعوب الإسلامية في الجملة، أما الاتصال الحقيقي الذي
يرجوه طلاب الوحدة الإسلامية فلن يكون إلا بتعميم اللغة العربية كما بيناه في المجلد
الأول من المنار.