ثنائي عليك ونعماك فينا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ثنائي عليك ونعماك فينا | كواكب تشرق للعالمينا |
تلالأ بالجود مما يليك | عليهم وبالحمد مما يلينا |
جواهر فصلتها في سلوك | ملأن الصدور ورقن العبونا |
مبرزة السبق في الأولينا | ومأثورة الذكر في الآخرينا |
كسبقك في كل علياء حتى | أضر غبارك بالسابقينا |
فيا بعد مسراك للمدلجينا | ويا قرب مأواك للرائحينا |
فحقا إليك رحلنا المهاري | تقاسمنا جهد ما قد لقينا |
أهلة سفر وقفر قطعنا | إليك الشهور والسنينا |
نلاقي السيوف إذا ما فزعنا | ونسقي الحتوف إذا ما ظمينا |
فطورا نرى العيش ظنا كذوبا | وطورا نرى الموت حقا يقينا |
وحقا إليك ركبنا الرياح | مطايا رحلنا عليها السفينا |
كأن على لجج البحر منها | هوادج تخفق بالظاعنينا |
ولله من أمهات حنين | علينا الظهور وجبن البطونا |
تقود المنايا بها حيث شاءت | وتثنى كلاكلها حيث شينا |
خطوبا تباذلن منا نفوسا | جلبن لك الحمد غضا مصونا |
فعادرن أوطاننا عافيات | وجئن إليك بنا معتفينا |
ديارا تسح عليها الدموع | وفيها قتلنا وفيها سبينا |
وفيها صدقنا إليك الرجاء | وهن يرجمن فينا الظنوناأ |
أهمنا بغربتنا أم هدينا | ومتنا بكربتنا أم حيينا |
فإن يعجب الدهر أنا صبرنا | فأعجب من ذاك أنا بقينا |
فهل بلغت عن ركاب أجرت | بأن قد سعدن بما قد شقينا |
وإني انتحينا إليك المطي | كما قصف العاصفات الغصونا |
دأبن كجدك حزما وعزما | وعدن كحلمك عطفا ولينا |
وأنك حييتها بالحياة | وأمنتها في ذراك المنونا |
وأوطأتها البر حتى سكن | وسقيتها الجود حتى روينا |
فأرضيت ربك في ابن السبيل | وفي العائلين من المسلمينا |
وأحييت في الأرض فضلا وعدلا | وعطفا وعرفا ودنيا ودينا |
ودائع لله في الروض ضاعت | وكنت عليها القوي الأمينا |
فوفاك عنا الجزاء الجزيل | ولقاك منا الثناء الثمنيا |
وبوأنا منك جنات عطف | جزاك بها جنة الفائزينا |
حدائق في غرس يمناك وقفا | على الرائحين أو الطارقينا |
كفيل بأثمارها كل حين | غيوث سمائك حينا فحينا |
وأزهرها منك للناظرينا | وأبهرها عنك للسامعينا |
نفجرها نهرا حيث كنا | ونأكلها رغدا حيث شينا |
ذرا جنة كتب الله فيها | لمن شرد الخوف حظا مبينا |
وزادت بعدلك أكلا وظلا | فزادت على أمل الآملينا |
رأيت لنا موضع الحق فيها | بما قد أرتك المقادير فينا |
فنادى نداك بها نحوها | سلام لكم فادخلوا آمنينا |
لكم ذمة الله في صدق عهدي | فلا خائفين ولا مخرجينا |
فظلت تنفس عن روحها | غريبا سليبا ونضوا حزينا |
وتبرد من حر نار السيوف | ونار الهواجر ما قد صلينا |
فنسلى بها عن ديار نأين | ونغنى بها عن مغان غنينا |
وبلغة عيش لمن قد سترت | ضعاف البنات وشعث البنيناب |
نعللهم بجنى روضها | إذا أوحشتهم عطاياك حينا |
وتشفي بها بث ما قد أصبنا | ونأسو بها جرح ما قد رزينا |
وفخرا لنا منك سارت به | ركاب التهامين والمنجدينا |
وبشرى أهل بها الشاكرون | إلى من فجعنا من الأقربينا |
فما راعنا غير قول الخبير | يذكرنا أسوة المؤتسينا |
بآدم إذ أخرجته الغواة | من جنة الخلد مستظهرينا |
ببغي حسود له طالب | كما قد لقينا من الحاسدينا |
فها نحن أقعد هذا الأنام | بميراثها مثلها عن أبينا |
وهاتيك جنتنا والتي | حبانا بها سيد المنعمينا |
وأبين آياتنا أننا | حللنا لديه المكان المكينا |
ومن شك في حظنا من رضاه | فتلك لنا أعدل الشاهدينا |
قفوا فاسمعوا هدة الأرض رجلا | وركبا إلى نصبها يوفضونا |
وداعي الزيادة فيها سميع | مصيخ إلى ألسن الزائدينا |
يجمجم فيهم بأن قد سخطت | علينا وأنا من المبعدينا |
ليجلو أستارك الخضر عنا | ويمحو آثارك الغر فينا |
وقد أسمع الصم فيها مناد | يؤذن حي على الشامتينا |
فمن هاتف زائد بالألوف | لبغي أراه احتقار المئينا |
ومن كاشح كاشر قد أرته | أمانيه ما ظن أن لن يكونا |
بذي حرمة منك ألبسته | كرامة أضيافك المكرمينا |
ومن حل سترك في أهل بيت | بحبل وفائك مستمسكينا |
فيا مشهدا سامني تحت ظلك | خسفا وخزيا وذلا وهونا |
بكل مفيض علي القداح | ليقسم لحمي في الآكلينا |
وكل مبيح حماك العزيز | علينا لعادية المعتدينا |
فمدوا حبالهم طامعين | وألقوا عصيهم واثقينا |