لك الفوز من صوم زكي ومن فطر
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
لك الفوز من صوم زكي ومن فطر | وصلتهما بالبر شهرا إلى شهر |
فناطق صدق عنك بالصدق والنهى | وشاهد عدل فيك بالعدل والبر |
فهذا بما استقبلت من صائب الندى | وهذا بما زودت من وافر الذخر |
فكم شافع في ظلك الصوم بالتقى | وكم واصل في أمنك الليل بالذكر |
وكم ساجد لله منا وراكع | يبيت على شفع ويغدو على وتر |
ووجهك للهيجاء من دون وجهه | وتسري إلى الأعداء عنه ولا يسري |
وظلك ممدود عليه وتصطلي | بجاحم نار الحرب أو جامد القر |
خلعت عليه ثوب صون ونعمة | وظاهرت عنه بين صن وصنبر |
وكم قاطع بالنوم ليلا وصلته | بغزوك ما بين الأصيل إلى الفجر |
وأقدمت فيه الخيل حتى رددتها | وآثارها ثغر لقاصية الثغر |
كأن دجى ليل يمر على الضحى إذا سرن أو بحرا يمور على البر | |
فأنت جزاء صومنا وصلاتنا | وفيك رأينا ما ابتغينا من الأجر |
ومنك استمد الفطر مطعم فطرنا | وفيك أرتنا قدرها ليلة القدر |
وباسمك عزت في الخطاب منبر | بأسعد عيد عاد بالسعد أو فطر |
ولاح لنا فيه هلال كأنه | بشير بفتح منك أشرق بالبشر |
أهل فأهللنا إليه تمثلا | برحبك جنح الليل بالضيف تستقري |
وأسفر عن زهر النجوم كأنما | جبينك أبدى عن خلائقك الزهر |
علا وتدانى للعيون كما علا | محلك واستدنيت بعدا عن الكبر |
وذكرنا عطفا بعطفك حانيا | على الدين والإسلام في البدو والحضر |
هلال مساء بات يضمن للضحى | غداة المصلى مطلع الشمس والبدر |
وملء عيون الناظرين كتائبا | كتبت بها الآفاق سطرا إلى سطر |
مخططة بالخيل والأسد والحلى | ومعجمة بالبيض والبيض والسمر |
وصادقة الإقدام تهتز للوغى | وخافقة الأعلام تعتز بالنصر |
فصليت وهي النور في مشرق العلا | وأصليت وهي النار في مغرب الكفرأ |
ولم استهلت بالسلام صلاتهم | أهلت إلى تسليمهم سدة القصر |
فكروا يعيدون السلام على الذي | يعاود عنهم في العدى صادق الكر |
يحيون بالإعظام مولى حنانه | أخص بهم من رأفة الوالد البر |
ووافر سرير الملك يستلمونه | كمستلم الحجاج للركن والحجر |
مشاهد غارت في البلاد وأنجدت | محققة الأبناء طيبة النشر |
أنارت فما بالخلد عنهن من عمى | ولا بزباب الرمل عنهن من وقر |
فكيف بأبصار أضاءت لها المنى | إليك وأسماع صغت فيك للجبر |
ولا مثل مجلو النواظر بالعدى | بياتا ومفتوق المسامع بالذعر |
توقى فأبلى عذر ناج مخاطر | فرد المنايا عنه مبنية العذر |
وآنس يا منصور عندك نفسه | فجلى لنا تحت الدجى ناظري صقر |
فأهوى إلى مثواك أمض من الهوى | وأسرى إلى مأواك أخفى من السر |
فكم جزت من سيف لقتلي منتضى | وجاوزت من ليث لضغمي مقتر |
فيا خزي ذا من سبق خطو مخاطر | ويا لهف ذا من فوت غرة مغتر |
كأن خفوق القلب مد جوانحي | بأجنحة ريشت من الروع والذعر |
وتحت جناحي مقدمي وتعطفي | ثمان وعالت بالبنين إلى الشطر |
أخذت لهم إصر الحياة فأجلوا | وقد أخذ الإشفاق مني لهم إصري |
فحملتهم وزرا ولو خف منهم | جناحي لكان الطود أيسر من وزري |
فلله من أعداد أنجم يوسف | تحملها منها أقل من العسر |
إلى كل مأوى للجلاء هوى بنا | إلى حيث لا مهوى عقاب ولا تبر |
رحلت له عوجا كأنها هويها | ............... |
طوين بنا بعد السفار كأنها | ................ |
وربتما استودعتنا بطن حرة | ............... |
رحيبة مأوى الضيف مانعة القرى | .......... |
فكم لي بين اللوح واللوح طائرا | ........... |
وكم أسلموا للعسف والخسف من حمي | وكم .. |
وكم وجهوا وجها لبارقة الظبى | ............ |
وكم أقدموا بين المنايا كما هوت | ........... |
وكم بدلو من وجه راع وحافظ | ........... |
ومن رفرف الأستار دون حجالها | ........... |
ومن ساجع الأطيار فوق غصونها | .......... |
تنادي عزيف الجن في ظلم الدجى | ......... |
وكم زفرة نمت عليهم بحسرة | ............. |
وثلاث عيون الشامتين إلى القرى | ........... |
وماذا جلا وجه الجلاء محاسنا | .............. |
وماذا تلظى الحر في حر أوجه | تنسم فيه برد ظل على نهر |
وماذا أجن الليل في موحش الفلا | أوانس بالأتراب في يربع الزهر |
وماذا ترامى الموج في غول لجة | بلاهية بين الأرائك والخدر |
فإن نبت الأوطان من بعد عنهم | فلا محجري حجر عليهم ولا حجري |
وإن ضاق رحب الأرض عن منتواهم | فرحب لهم ما بين سحري إلى بحري |
وإن تقس أكباد كرام عليهم | فواكبدي ممن تذوب له صخري |
وإن تبرم الأيسار في أزماتهم | فأحبب بأيسار قمرت لهم يسري |
ففازوا بنفسي غير جزء ذخرته | لما شف من خطب وما مس من ضر |
فعفو لهم جهدي وحلو لهم مري | وصفو لهم طرفي ويسر لهم عسري |
وإن أضرموا قلبي فجمري لهم ند | وإن غيضوا شربي فروضي لهم |
ودائع نفسي عند نفسي حفظتها | بما ضاع من حقي وما هان من قدري |
قليل غناهم عن يدي وغناؤهم | سوى أنهم من ضيم كسبي لهم عذري |
وأني لهم في ماء وجهي تاجر | أغنمهم غنمي وأربحهم خسري |
وأسلم في وخز السفى ثمر المنى | وأبذل في قذف الحصى جوهر الشكر |
وإن نففت عندي بضاعة قانع | تقنعت منها في خزاية معتر |
وأنجم أنواء تنوء بها النوى | وليس لها إلا دموعي من قطر |
ولا مطلع إلى مهادي أو حجري | ولا مغرب إلا ضلوعي أو صدري |
إذا ازدحموا في ضنك شربي تمثلوا | بأسباط لموسى عند منفجر الصخر |
فما جهدوا فلكا كما جهدوا يدي | ولا أنقضوا ظهرا كما أنقضوا ظهري |
كأن لهم وترا علي وما انتحى | لهم حادث إلا وفي نفسه وتري |
ولولاهم لم أبد صفحة معدم | ولم أسمع الأعداء دعوة مضطر |
ولا جدت للدنيا بخلة واصل | ولو برزت لي في غيائلها الخضر |
وناديت في بيض النضار وصفرها | لغيري فابيضي إذا شئت واصفري |
ولكن أبى ما في الفؤاد من الأسى | وأعضل ما بين الضلوع من الجمر |
وما لف عهد الله في ثوب غربتي | من الآنسات الشعث والأفرخ الزعر |