جاءتك خاضعة أعناقها الأمم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جاءتك خاضعة أعناقها الأمم | مستسلمين لما تمضي وتحتكم |
واسترهنتك ملوك الأرض أنفسها | ما استنفد البأس أو ما استدرك الكرم |
فليهن سيفك أن الكفر منقصم | بهبتيه وأن الدين منتظم |
فهل ترى للعدى في الأرض باقية | إلا حشاشة من يبكي ويلتدم |
هذي قواصي ملوك الشرك مذعنة | تنبا وتعلم أن الشرك يصطلم |
وراسيات جبال الكفر يخبرنا | هويها أن ذاك الطود منهدم |
فل لسيفك في أقصى بلادهم | بك استعاذوا ومن كراتك انهزموا |
فشلهم طارد الذعر المطيف بهم | حتى أجارهم في ظلك الحرم |
معتسفين سهوب الأرض قد جهلوا | من كل آنسة الأقطار ما علموا |
معاهد قدت فيها الخيل فانقلبت | مثل الربوع محا آثارها القدم |
عفت معالمها من بعدهم سحب | صوب الصوارم منها والقنا ديم |
لا يسألون لها رسما بقاطنه | إلا أجابتهم الأشلاء والرمم |
ولا تخب مطاياهم على بلد | إلا استثيرت بأدنى وخدها اللمم |
غادرتها موحشات بعد آنسها | والأرض خاوية منهم بما ظلموا |
لئن تناهى بهم أفق فشط بهم | لشد ما حملتهم نحوك الهمم |
حتى رموا بعصا التسيار فامتسكوا | حبلا من الملك المنصور واعتصموا |
ألقوا إليك بأيدي الذل فاعتقدوا | عهدا من الأمن محفوظا له الذمم |
وجاهدوا عفوه عن أنفس علمت | أن الحياة لها من بعض ما غنموا |
يمشون في ظلل الرايات تذكرهم | أيام تغشاهم العقبان والرخم |
من كل أغلب محذور بوادره | يساور الريح أحيانا ويلتهم |
وكل فتخاء ماض حد منسرها | كأنه نحو أكباد العدى قرم |
وأرقم يتلوى نحو أرؤسهم | حتى يكاد لها في الجو يلتقم |
والأسد تزأر والرايات خافقة | كأنها مثبتات في قلوبهم |
والخيل منظومة بالخيل لا كتب | منها لغاية ذي سعي ولا أمم |
والأرض من رهبة الأبطال مائدة | والجو من رهج الفرسان مزدحم |
والسمر في هبوات النقع ثاقبة | والبيض في قرب الأغماد تضطرم |
كأنما ملأت رحب الفضاء لهم | غلب الضراغم والغابات والأجم |
وأولياء الهدى والدين قد ستروا | من أوجه بسناها الخطب يبتسم |
تعمموا بإياة الشمس واشتملوا | رقراق نهي سراب البيد والتثموا |
كأنما تتلالا في رؤوسهم | وقد توافوا أياد منك أو شيم |
وشيعة الكفر في مثنى حبائلهم | تصدق العيش أحيانا وتتهم |
حتى تراءاك من أقصى السماط وقد | شيم الحمام وسيف العفو محتكم |
ممثل في هواديهم وأرؤسهم | ما عودت منهم المصقولة الخذم |
لما انتضيت سناها في مفارقهم | خرت سجودا لك الأعناق والقمم |
وأوجه عفروها الترب خاضعة | كأن كل جبين منهم قدم |
فإن يفض بحرك المحيي لهم فلقد | جازوا الصفوف وموج الذعر يلتطم |
أو عاينوا البدر في أعلى منازله | فقد أحاطت بهم من دونه ظلم |
فإن عفوت ففي الرحمن مؤتلف | وإن سطوت ففي الرحمن منتقم |
واسلم ولا برحت فيهم لنا نقم | تترى بهم ولك الآلاء والنعم |