أهل بالبين فانهلت مدامعه
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
أهل بالبين فانهلت مدامعه | وآنس النفر فاستكت مسامعه |
وودع المنزل الأعلى فأودعه | في القلب لاعج بث لا يوادعه |
يا معهدا لم يضع عهد الوفاء له | مكسف النور عافي القدر ضائعه |
ولا ثنى عبراتي عن تذكره | دهر نقارع في صدري قوارعه |
حسبي ضلوع ثوت فيها مصائبه | ومقلة ربعت فيها مرابعه |
سقاك مثل الذي عفى رباك عسى | ينبيك كيف غريب الرحل شاسعه |
صبا كتصعيد أنفاسي وصوب حيا | تريك عبرة أجفاني مدامعه |
سح إذا شف صحن الخد ضائره | شفى تباريح ما في القلب نافعه |
ألله من وطن قلبي له وطن | يبلى وأبلى وما تبلى فجائعه |
لا يسأم الدهر من شوق يطالعني | منه ومن زفرة مني تطالعه |
فطالما قصرت ليلي مقاصره | لهوا وما صنعت صبحي مصانعه |
وطالما أينعت حولي حدائقه | والعيش غض أنيق الروض يانعه |
وكم أظل مقيلي وسط جنته | بكل فرع حمام الأيك فارعه |
إن تسعد اليوم أشجاني نوائحه | فكم وكم ساعدت شجوي سواجعه |
وكم وفى لي فيه من حبيب هوى | خلعت فيه عذاري فهو خالعه |
روض لعين الهوى راقت أزاهره | ومشرب للصبا صابت مشارعه |
وكم صدعت فؤاد الليل عن قمر | له هوى في صميم القلب صادعه |
خالت فيه عيونا غير هاجعة | والحزم عني غضيض الطرف هاجعه |
وفي نجادي جري الإلف مقدمه | وفي عناني مشيح الجذل دارعه |
فما تجاوزت قرن الموت معتسفا | إلا وقرني رخيم الذل بارعه |
تحيتي منه تقبيل ومعتنق | يشدني غله فيه وجامعه |
لم أخلع الدرع إلا حين شققه | عن صفح صدري ما تحوي مدارعه |
ولا توقيت سهما من لواحظه | يذيب سيفي وفي قلبي مواقعه |
غصن تجرع أنداء النعيم فما | يطوق الدر إلا وهو جارعه |
غض القباطي تحت الوشي ناعمها | مخلخل الجيد فوق العقد رادعه |
يميس طورا وسكر الدل عاطفه | وتارة وانثناء الوشي لاذعه |
فاستفرغ الخصر كثبانا تباعده | وأنبت الصدر رمانا تدافعه |
وفي السوالف خوف الصدغ يجرحه | تمثال صدغيه مسكا فهو مانعه |
فبت تحت رواق الليل ثانية | والشوق ثالثه والوصل رابعه |
والسحر يسحر من لفظ ينازعني | والمسك يعبق من كأس أنازعه |
راحا يمد سناها نور راحته | لولا المها لجرت فيها أصابعه |
كأنما ذاب فيها ورد وجنته | وشجها ريقه المعسول مائعه |
جنى حياة دنت مني مطاعمه | من بعد ما قد نأت عني مطامعه |
بقد أنهب المسك والكافور خازنه | وأرخص الورد والتفاح بائعه |
فيا ضلال نجوم الليل إذ عدمت | بدر السماء وفي حجري مضاجعه |
ويا حنين ظباء القفر إذ فقدت | غزالهن وفي روضي مراتعه |
مجال طرفي وما حازت لواحظه | وحر صدري وما ضمت أضالعه |
والطرف مرآة عيني أستدل به | على الصباح إذا ما خيف ساطعه |
جونا أزيد به ليل الرقيب دجى | ويستثير لي الإصباح لامعه |
فبات يعجب من ظبي يصارعني | وقد يحن على ليث أصارعه |
وما رأى قبلها قرنا أعانقه | إلا وودع نفسا لا تراجعه |
حتى بدا الصبح مشمطا ذوائبه | يطارد الليل موشيا أكارعه |
كأن جمع ظلال حان مصرعه | وأنت بالسيف يا منصور صارعه |
أو كاشتجار رماح أنت مشرعها | في باب فتح مبين أنت شارعه |
جيش يجيش برعد الموت يقدمه | إلى عداك قضاء حم واقعه |
صباح بارقة لولا عجاجته | وليل هابية لولا لوامعه |
دلائل اليمن في الهيجا أدلته | وأنجم السعد بالبشرى طلائعه |
يهدي بهدي لواء أنت عاقده | لله والله بالتأييد رافعه |
لموعد غير مكذوب عواقبه | في متجر غير مرجاة بضائعه |
مثنى جهاد وصم ضم شملهما | عزم يسايره صبر يشايعه |
فلا ظلام قرار أنت ساكنه | ولا نهار مغار أنت وادعه |
تهيم في الأرض عن حصن تنازله | وتخرق البيد عن جيش تقارعه |
حتى جدعت أنوف الشرك قاطبة | بأنف معقل كفر أنت جادعه |
غاب الأسود الذي غر الظلال به | فخادع الله منه وهو خادعه |
فإن شجت ثغرك الأقصى مرابصه | فقد شجت أرضه القصوى مصارعه |
وإن يرع نازح الأوطان عنك فقد | راع العدى منه يوم أنت رائعه |
صبحته من رياح النصر عاصفة | لا تتقي بعدها خسفا بلاقعه |
كأن نافخ صور الموت أصعقه | فهد أسواره العليا صواقعه |
فمقعص ناشز عنه حلائله | ومرضع ذاهل عنه مراضعه |
وهام تحت بروق الموت كل رشا | الليث كافله والليث فاجعه |
هذا معانقه يأسا فمسلمه | وذا معانقه إلفا فشافعه |
عواطلا أنت حليت الخيول بها | جيشا غدائرها فيه براقعه |
أوردتها المصر والأبصار طامحة | لصنع ما لك رب العرش صانعه |
والأرض تلبسه طورا وتخلعه | والجسر حامله كرها فواضعه |
طود من الخيل أعلاه وأسفله | بحر من السيل ملتج دوافعه |
والشمس لابسة منه قناع دجى | واليوم أزهر وجه الجو ماتعه |
بيمن حاجبك الميمون طائره | وسعد قائدك المسعود طالعه |
أنجبته كاسمه تحيا علاك به | كهل التجارب شرخ العزم يافعه |
ساقي الحياة لمن سالمت مطعمها | ذعاف سم لمن حاربت ناقعه |
أوفى به في رداء الحلم لابسه | وعله بلبان الحرب راضعه |
من أشرقت بسجاياه مقاوله | وأعرقت في مساعيه تبابعه |
وقلدته تجيب حلي سابقها | حتى غدا السابق المتبوع تابعه |
واحتاز إرث الألى آووا وهم نصروا | باسم يصدقه فعل يضارعه |
فإن تضايقت الدنيا بمغترب | فمنذر بعد رحب الصدر واسعه |
وإن دجا فلق يوما بذي أمل | فذو الرياسات طلق الليل ناصعه |
ومن سواه لمقطوع أواصره | ومن سواه لمردود شوافعه |
ومن سواه لخطب جل فادحه | ومن سواه لخرق قل راقعه |
ومن يسيم نداه في خزائنه | كأنه في أعاديه وقائعه |
واستودع الله للإسلام في يده | مكارما حفظت فيها ودائعه |
يا واصلا بالندى ما الله واصله | وقاطعا بالظبى ما الله قاطعه |
اسعد بفخر وفطر أنت حاصده | من بر فتح وصوم أنت زارعه |
ومشهد للمصلى قد طلعت له | كالبدر مشرقة منه مطالعه |
في جيش عز ونصر أنت غرته | وشمل دين ودنيا أنت جامعه |
معظم القدر في الأبصار باهره | وخافض الطرف للرحمن خاشعه |
وموقف لك في الداعين رفعه | إلى السموات رائيه وسامعه |
بك استهل به فصل الخطاب وما | أسر ساجده الداعي وراكعه |
وسلموا من صلاة العيد وافتتحوا | إليك أزكى سلام شاع شائعه |
جمعا يؤم إليك القصر مستبقا | الحمد قائده والحمد وازعه |
حيث المكارم مرفوع معالمها | ونير الدين معمور شرائعه |
وتالد الملك محفوظ بخاتمه | من طينة المجد والرحمن طابعه |
واسلم لهم ولمن أوفى به أمل | فات المنايا إلى يمناك نازعه |
يعلو الجبال بأمثال الجبال أسى | يحدوه جد عثور الجد ظالعه |
ورب لجة بحر تحت بحر دجى | قاسى إلى بحرك الطامي ينابعه |
ومن شمائلك المعيي بدائعها | في الأرض جاءتك تستملي بدائعه |
فلا تواضع قدر أنت رافعه | ولا ترفع قدر أنت واضعه |