نعم يبشر بدؤها بتمام
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
نعم يبشر بدؤها بتمام | فتح القدوم ونصرة الإقدام |
ودعت محمودا وصلت مظفرا | فاقدم بطيب تحية وسلام |
والبس بعزة من سعيت لنصره | تاج الجلال وحلة الإعظام |
واسعد لعز الدين والدنيا معا | واسلم لنصر الله والاسلام |
وعدا عليه أن يتم على الورى | بك أنعما موصولة بدوام |
قربت عليك من الأعادي غاية | قد طالما بعدت على الأوهام |
وسللت سيف الله طالب ثأره | من آل جالوت ونثرة حام |
ورفعت أعلام الهدى في جحفل | كالليل تحت كواكب الأعلام |
بسوابق رفعت شراع خوافق | كالفلك في آذي بحر طام |
يسترجف الإسراج عز نفوسها | حتى تسكنهن بالإلجام |
وأسود غاب ما تلذ حياتها | حتى تدير بها كئوس حمام |
متنازعي مهج العداة كأنما | يتنادمون على رحيق مدام |
مستقدمين إليهم بأسنة | أولى من الأرواح بالأجسام |
هتكوا بها حجب الترائب فاصطلت | أحشاؤها جمر الوطيس الحامي |
وقواضب نبذت إليك لتتركن | هام الأعادي للصدى والهام |
سرج لدين الحق إلا أنها | كست الضلال دياجي الإظلام |
برقت على الأعداء غير خوالب | في عارض للموت غير جهام |
فكأنما استسقوا حياه وقد رأوا | أن الصواعق في متون غمام |
حملوا قلوب الأسد نحوك فانثنوا | مستبدلين بها قلوب نعام |
من كل منتهك المحارم بارز | بدم على الإسلام غير حرام |
لم يعبدوا الأصنام إلا أنهم | عبدوا الغرور عبادة الأصنام |
كم في برود عجاجها من مفرش | ظهر الصعيد موسد بسلام |
أشمسته عفر التراب وربما | حط الرواسي من فروع شمام |
وسطا الرغام بأنفه ولطالما | غادى أنوف الدين بالإرغام |
رامي اللبان كأن مفحص نحره | وجنات معولة عليه دوام |
هذا الثرى ريان من دمه ومن | دمع عليه بالفضاء سجام |
جزرا لأيسار من البيداء لا | يستقسمون عليه بالأزلام |
حتى إذا صابت بقر وانثنى | ثمر الغواية مؤذنا بصرام |
ورمت أكف بالصوارم والقنا | كيما تمد إليك باستسلام |
وتيقن الإسلام عودة رحمة | تبري من الأوصاب والأسقام |
وتنسم الظمآن روح مشارب | يشفى بهن غليل كل أوام |
نفس النجاح عليك من أقسامه | من فوز قدحك أوفر الأقسام |
وهفت به خدع الظنون ولم يزل | حسد القرابة طائش الأحلام |
فدنا لغرة منتواك وقد خلت | من أسدهن مرابض الآجام |
ودعا السوام إلى حماك ولم تغب | إلا لتبلي دونها وتحامي |
فبرى العداة لرمي ظلك أسهما | خابت وصائبها لأخيب رام |
هل ينقمون سوى سجية حافظ | حق الأواصر واصل الأرحام |
سهد الجفون طويل آناء السرى | عن أعين تحت السجوف نيام |
أو يحسدونك رتبة فليرتقوا | فالشمس في الجو وما السماء السامي |
أم أبرموا أمرا يسوؤك ذكره | فالله ناقض ذلك مكة الإبرام |
فاسعد بما اختار الذي في أمره | خير القضاء وأيمن الأحكام |
ولئن ونى قدر إلى أجل فلا | عدم الصواب ولا نبو حسام |
ونبينا لك أسوة في رده | عن أرض مكة معلن الإحرام |
فأثابه الفتح القريب وبعده | تصديق رؤياه لأول عام |
والعود أحمد ما لأول ليلة | يبدو هلال الأفق بدر تمام |
وكفاك من وطئت خيولك منهم | كيوان واصطلمت سنا بهرام |
وجعلت سيفك ماثلا لنفوسهم | يحتثها بخواطر الأوهام |
وتركت هادرهم بغير شقاشق | رهبا وغاربهم بغير سنام |
وتركت فل ذئابهم وضباعهم | مترقبين لكرة الضرغام |
هل ينظرون سوى تألق حاجب | للشمس يصدع ثوب كل ظلام |
أو يوجس السمع النذير بمنذر | ضرم العجاج مصمم الصمصام |
ملك إذا ألقى رواسي بأسه | كفلت له بزلازل الأقدام |
قاد العلا بزمام كل فضيلة | واقتاده اراجي بغير زمام |
فأبشر فقد نبهت نائمة المنى | ونظمت دين الله خير نظام |
وقررت عينا بالذي قرت به | عين الزمان وأعين الإسلام |
قمر ينير على بنان يمينه | شهب القنا وكواكب الأقلام |
ورث الجدود مناقبا ومساعيا | تركت كرام الأرض غير كرام |
وعلا تحلت بالسناء وتوجت | بالمكرمات مفارق الأيام |
باهى به الأملاك أعلى منجب | ونماه للآمال أكرم نام |
فاستن في الحسنى بأهدى مرشد | وائتم في العليا بخير إمام |
فهو الجدير بأن يؤكد عقده | في حفظ عهد وسائلي وذمامي |
وأنا الجدير بأن أشيد بحمده | نغمات أوتار وشدو حمامأ |
وأجهز الركبان طيب ذكره | زادا إلى الإنجاد والإنهام |
حتى تفوح لك الجنائب والصبا | بثنائها من معرق وشآمي |
وجزءا ما آويت وحش تغربي | وفسحت روضك لارتعاء سوامي |
وفعمت لي بحر الحياة مبادرا | بحياة ذابلة الكبود ظوامي |
وبسطت لي وجها كسفت بنوره | كرب الجلاء وخلة الإعدام |
ووجدت ظلك بعد يأس تقلبي | وطن الرجاء ومنزل الإكرام |
فكأن وجهك غرة الفطر الذي | وافى بفطري بعد طول صيامي |
وكأن ظلك ليلة القدر التي | كفلت بأجر تهجدي وقيامي |
ولتعلم الآفاق أنك منعم | حقا وأني شاكر الإنعام |