هل تثنين غروب دمع ساكب
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هل تثنين غروب دمع ساكب | من شام بارقة الغمام الصائب |
أبت العزيمة من فؤاد جامد | أن تستقيد لماء جفن ذائب |
من ترمه حدق المكارم تصبه | عن مصيبات أحبه وحبائب |
ففراق ربات الخدور مكفر | بلقاء نجم المكرمات الثاقب |
قالت وقد مزج الوداع مدامعا | بمدامع وترائبا بترائب |
أتفرق حتى بمنزل غربة | كم نحن للأيام نهبة ناهب |
في كل يوم منتوى متباعد | يرمي حشاشة شملنا المتقارب |
وثنت تذكر مقربات سفائن | عذنا بها من مقفرات سباسب |
أيام تؤنسنا فلا وسواحل | عن آنسات مقاصر وملاعب |
نعب الغراب بها فطار بأهلها | سربا على مثل الغراب الناعب |
خرق الجناح إلى الرياح مضلل | بشمائل لعبت به وجنائب |
يهوي بذي طمرين مزق لبسها | أيدي لواهف للنفوس نوادب |
في غول ذي لجج لبسن دياجيا | ترك الحياة لنا كأمس الذاهب |
بقاسيتهن غواربا كغياهب | وسريتهن غياهبا كغوارب |
نجلو ظلام الليل قبل صباحه | بظلى زفير أو برأس شائب |
يا هذه لله تلك حدائقا | زهراتهن مفارقي وذوائبي |
مثل الرياض تفتحت أكمامها | عن محكمات بصائري وتجاربي |
فدخرت للألباب كفة حابل | ولأشطر الأيام كفي حالب |
ورميت آفاق العراق بشرد | ليس العجائب عندها بعجائب |
من كل ساحرة كأن رويها | في ألسن الراوين ريقة كاعب |
ولكم وصلت تنائفا بتنائف | حتى وصلت مشارقا بمغارب |
فكأنما قفيت إثر بدائعي | في الأرض أو ناويت شأو غرائبي |
أو رمت حظي في السماء وقد جرى | لمداه في فلك الفضاء الغائب |
ولئن دجت لي الحادثات فما أرى | نور اليقين بطرف ظن كاذب |
صدقتني الأنباء ضربة لازم | أن ليس هم الدهر ضربة لازب |
فشفيت في حر التجمل غلتي | وقضيت من حسن العزاء مآربي |
وحرست عرضي بالتوكل من نأي | عني بجانبه نأيت بجانبي |
وقد رأيت الجد ليس ببالغ | والعجز ليس عن الصراط بناكب |
كم قد سعدت بما تمنى حاسدي | قدرا وخبت بما تخير صاحبي |
ووجدت طعم السم في شهد الجنى | وأجاج شربي في نمير مشاربي |
ورفلت في النعم السوابغ ملبسي | أثوابها الدهر الذي هو سالبي |
يا ربة الخدر استجدي سلوة | جد النجاء بهائم بك لاعب |
إما شجيت برحلتي فاستبشري | بجميل ظني من جميل عواقبي |
ولئن جنيت عليك ترحة راحل | فأنا الزعيم لها بفرحة آيب |
هل أبصرت عيناك بدرا طالعا | في الأفق إلا من هلال غارب |
والله من بعدي عليك خليفتي | وخليفة هديت إليه مذاهبي |
بيني وبينك أن يلبي دعوتي | داعي لبيب من مناخ ركائبي |
وأهل نحو فنائه وعطائه | فيهل نحو وسائلي ورغائبي |
أوأشيم برق يمينه وجبينه | ويشم ريح أواصري ومطالبي |
وأهزه بشوافع من عامر | تزري بكل قرابة ومناسب |
فهناك جاءتك الخطوب خواضعا | ومشى إليك الدهر مشية تائب |
وأناب سلطان النوائب وانثنت | ذللا وأعتب كل مولى عانب |
ملك متى أرم الحوادث باسمه | تقتل أفاعيها سموم عقاربي |
الرافع الأعلام فوق خوافق | والقائد الآساد فوق شوازب |
ملك تكرم عن خلائق غادر | فأثابه الرحمن قدرة غالية |
يقضي فيمضي كل حق واجب | إلا إذا أعطى ففوق الواجب |
فقل على الإسلام ممنوع له | عن قلب كل معاند ومناصب |
لا يخلع الإسلام حلة آمن | منه ولا الإشراك ربقة هائب |
حرم الهدى سم العدى أمنية | لمسالم ومنية لمحارب |
وقف على علم الثغور مقارب | لمباعد ومباعد لمقارب |
فمراقب الإسلام غير مراقب | ومصاقب الأعداء غير مصاقب |
موف بعلياء الثغور لرغبة | من راغب أو رهبة من راهب |
تضحي عطاياه تحية زائر | وتبيت روعته نجية هارب |
يا من يلاقي النازلين قبابه | بجبين موهوب وراحة واهب |
وإذا التقي الجمعان أول طاعن | وإذا استحر الطعن أول ضارب |
وإذا تئوب الخيل آخر نازل | وإذا دعا الداعي فأول راكب |
كرمت أياديك التي أنشأتها | أتراب كل مؤمل أو راغب |
من كل بكر في يمينك حرة | يرفلن بين قلائد وجلابب |
هذي لأول خاطب ولداتها | يهتفن في الآفاق هل من خاطب |
ويجل قدرك عن ولادة يافث | أو قيصر أو عن أروم صقالب |
بل أنت بكر غمامة من بارق | لقحت به أو صعدة من قانب |
قبلتك أيدي همة وسيادة | ورضعت در مكارم ومواهب |
في عز مهد ما استقر مكانه | إلا بقرب منابر ومحارب |
بوفطمت يوم فطمت في رهج الوغى | عند التفاف كتائب بكتائب |
حتى حلت من السماء مراتبا | تركت كواكبها بغير مراتب |
فلئن طلبت هناك حقا صاعدا | فلأنت أقرب من وريد الطالب |
ولئن وهبت لقد وهبت مساعيا | أصبحن حلي ما ثري ومناقبي |
شيما بها حليت غر قصائدي | وجعلتهن أهلة لكواكبي |
وذخرت للأزمان من حسناتها | مثل القلائد في نحور كواعب |
ولأشفين بها سقام تغربي | ولآسون بها جراح مصائبي |
ولأجعلن منها تمائم خائف | من طائف أو من رجاء خائب |
ولأتركن ثناءها وجزاءها | قوت المقيم غدا وزاد الراكب |
وسرور محزون وأنس مغرب | وحلي أوتار وروضة شارب |
ولقد نثرت عليك شكلك جوهرا | لا ما قمشت وضم حبل الحاطب |